القومية العربية ونظرية المؤامرة

  • 1/14/2015
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

هي صحوة غير مسبوقة، وخطوة غير معهودة، ووحدة صف محمودة. طال انتظارها، لكنها تتبلور هذه الأيام. حلم القومية العربية يطل برأسه. هكذا تؤكد الفضائيات العربية بأنواعها. جولات مسائية وأخرى صباحية، وبينهما وقفات الظهيرة وما بعدها حيث تنضح الشاشات بحديث واحد لا ثاني له: الإرهاب. يتنفس المشاهد الصعداء أينما كان. أخيراً تنبه العرب الى أن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم. مسحة حزن سريعة تعكر صفو فرحة القومية العائدة. فكم من روح أزهقت، ودماء أهدرت، وكلفة باهظة دفعت من أجل الوصول الى هذا اليوم العظيم. لكنّ العبرة بالخواتيم. ولكن يافرحة ما تمت. فحوى الأحاديث وما تشير إليه التغطيات لا ينذر بانطلاق قنبلة موقوتة، بل يطلقها في وجوه الجميع. صحيح أن الجميع يتحدث عن الإرهاب، لكن الأحاديث تتهم بعضها بعضاً، وأصابع الاتهام متبادلة بين الأخوة والأشقاء، والإدانة موجهة من محمد إلى أحمد، ومن أحمد إلى محمد. نشرات الأخبار تغطي الأخبار ذاتها، لكنها تبدو للمشاهد وكأنها تتحدث عن واقعتين متراوحتين. الأدهى أن موجات التحليل وبحور التفنيد السياسي والديني والاجتماعي غرقت في غياهب تبادل الاتهامات، وتوزيع المؤامرات، والتراشق بنعوت التطرف والمغالاة، بل والوقوع في غياهب الإجرام. الغالبية تبدأ حديثها بجملة لا ثاني لها «طبعاً ندين ما جرى» ولكن سرعان ما تعقبها عبارة «إلا أن»! وما أدراك ما «إلا أن»! «إلا أن» تتسع لفرض رؤية عربية على ثقافة غربية في مجال حرية الرأي والتعبير، وتسمح بتطبيق قوانين محلية – لا تطبق أصلاً في بلادها- على مواطنين غربيين في بلدانهم، وتلمح إلى شماتة في مقتل أولئك لأن حكّامهم يغمضون أعينهم أمام الظلم الواقع على العرب والمسلمين، وتبشر بأن مقترفي الإرهاب ليسوا مسلمين حقيقيين بل مزيفون، ويؤكد بعضها أن الجناة ينتمون الى هذه الطائفة وليس تلك. كما تفتح «إلا أن» أبواب لوم الغرب على فتح أبواب الهجرة واللجوء، وتندد به لأنه ترك الإرهاب يرتع في بلاد العرب ولم يزعجه ذلك إلا حين دق الإرهاب بابه، وتطالبه بطرد كل المتطرفين من على أرضه بمن في ذلك اليمين المتطرف واليهود المتشددون وغيرهم، وقائمة طويلة جداً من صب اللعنات على الغرب بينما الشرق يبدو منزهاً عن الأخطاء بعيداً من السقطات. وحين يتجرأ أحدهم على هذه الشاشة او تلك بطرح سؤال بالغ الحساسية: ولماذا يبدو الإرهاب لصيقاً بالإسلام والمسلمين؟ ينهال الهجوم على رأس السائل، إما تشكيكاً في ما يقول أو تنديداً بما يفكر فيه أو دفاعاً من دون شرح أو تجاهلاً للسؤال من الأصل. والخوف من ان يظل العرب يتعاملون مع صورتهم المشوهة في ضوء نظرية المؤامرة، حيث يقبعون هانئين راضين بإعراب المفعول به نابذين الفاعل لحين إشعار آخر.

مشاركة :