هل نجا الأسد من ضربة الخلاص؟! | م. سعيد الفرحة الغامدي

  • 9/26/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في مقولة أطلقها رئيس وزراء بريطانيا ورئيس حزب العمال الأسبق -هارولد ويلسون- في بداية السبعينيات من القرن الماضي: «أسبوع واحد طويل جداً في عالم السياسة» One week in politics is too longe.. كان ذلك قبل عصر الأقمار الصناعية والشبكة العنكبوتية وثورة المعلومات الآنية. في الوقت الراهن أصبحت سرعة انتقال المعلومة تُقاس بالدقائق والثواني، وردود الفعل على المعلومة كذلك. فقبل أسبوعين تقريباً كانت الولايات المتحدة تُعد لضربة تأديبية لنظام الأسد انتقاماً لضحايا الكيميائي ولكن فترة الانتظار لتقرير الأمم المتحدة وفّرت الوقت للتحرك السريع من قِبَل بوتين ووزير خارجيته لافروف. بداية بحشد بارجات حربية في حوض البحر الأبيض المتوسط قريباً من مسرح العمليات المرتقب، وبزلة لسان من السيد جون كيري أثناء مؤتمر صحفي في جنيف استجابة لسؤال حول إمكانية نزع السلاح الكيميائي طوعاً من نظام الأسد كخطوة تجنب التدخل العسكري. سارع السيد لافروف بتلقفها على الفور وعرضها على وزير خارجية الأسد الذي كان في زيارة تنسيق وتشاور مع موسكو. وبعد أقل من ساعة رحّب الروس والسوريين بما قاله كيري واعتبروها مبادرة جديرة بالاهتمام لتجنيب سوريا ضربة عسكرية. كل ذلك تناقلته وسائل الإعلام بسرعة مذهلة، وأعطى النظام السوري فرصة جديدة ليكون على طاولة المفاوضات من موقع مختلف تماما. كل هذه التحركات تمّت في أقل من أسبوع وأصبحت المقولة One hour in politics is too longe بدلا من أسبوع كما قيل قبل أربعة عقود من الزمن! وأصبح الحديث عن: كم من الزمن يحتاجه النظام السوري للتخلص من الأسلحة الكيميائية، وعن الأموال المطلوبة لذلك، والقياس على السوابق في أمريكا وليبيا حول الموضوع نفسه. والمعارضة السورية أصيبت كما يبدو بصدمة، خاصة بعد تجاهل ضحايا الكيميائي وغيرها من الجرائم التي ارتكبت، لأنها كانت تراهن على مصداقية الولايات المتحدة بأنها عندما تقول هناك خط أحمر توفي بوعدها كدولة عظمى تحرص على مصداقيتها والوفاء بوعودها. كما أن دخول بعض العناصر المشبوهة إلى الساحة السورية إلى جانب المعارضة أثَّر على تعاطف الرأي العام العالمي مع المعارضة السورية وسبّب تخوّفاً من تمكين حركات إرهابية، وبالتالي جعل سوريا أفغانستان أخرى. التحرك الإيراني أيضاً له دور في تخفيف الضغط على نظام الأسد، وفرصة انعقاد الجمعية العمومية وحضور الرئيس روحاني لها لأول مرة على رأس وفد بلاده؛ يعطي فرصة ثمينة لاتصالات دبلوماسية برؤساء الوفود بهدف شرح وجهة نظر إيران حول الشأن السوري، وكذلك شرح وجهة نظرها حول مشروعها النووي. وضع الوفود العربية المشتت حول سوريا وفلسطين وإيران لم يسبق له مثيل، ويحتاج لمعجزة للخروج بأي نتيجة مفيدة في تلك القضايا الثلاث التي تسيطر على الجو العام في العالم العربي في الوقت الراهن وعلى أعمال الجمعية العمومية بصفة خاصة في دورتها الحالية. ومع كل الذي فعله نظام الأسد في شعبه وبلده، هناك مخرج واحد -لو استطاع الروس إقناعه أو حتى فرضه على الأسد- وهو تخلّيه عن السلطة وتعيين شخص آخر مكانه لفترة انتقالية تُجنِّب البلد الفوضى والتفكك، وتوقف الحرب الأهلية، وتحدُّ من تمكين عناصر غير مرغوب فيها تحارب بجانب المعارضة، وتكون معضلة كبيرة في مستقبل سوريا وعلاقتها مع جيرانها، وتجعلهم يحجمون عن مساعدتها لاستعادة عافيتها اجتماعيا واقتصاديا بعد الدمار الذي لحقها خلال السنتين الماضيتين. ولو حصل ذلك سيكسب بوتين مكانة مرموقة في سجلات الرأي العام العالمي، وتعود روسيا كلاعب قطبي ذي مصداقية على المسرح الدولي، وقد يُجنّب العالم مرحلة حرب باردة جديدة، وسباق تسلح مُكْلِف، وتلعب دور فعال في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة في الملفات الصعبة مثل القضية الفلسطينية ونزع السلاح النووي من إسرائيل وإيران، والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل بصفة عامة. لعل ذلك يكون الثمن لنجاة الأسد من ضربة الخلاص، وتجنيب المنطقة مزيداً من الفوضى والدمار الذي لحق بها! salfarha@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (23) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :