قالت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي إن عام 2015 يجب أن يكون "عام الحراك"، وأنه يتعين على صناع السياسات مضاعفة جهودهم لمعالجة أوجه الضعف الاقتصادية المزمنة ويأخذون زمام القيادة السياسية بمزيد من القوة في مجالات الاستثمار في البنية التحتية، واتفاقيات التجارة، وتغير المناخ. وذكرت لاجارد خلال كلمة ألقتها أمام مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، أن الاقتصاد العالمي يواجه رياحا معاكسة عاتية رغم الدفعة التي تلقاها من بعض العوامل الإيجابية مثل تراجع أسعار النفط وزيادة قوة النمو في الولايات المتحدة. وأشارت لاجارد إلى أن الاقتصاد العالمي يواجه في العام الحالي ثلاثة تحديات رئيسة على صعيد السياسات تتطلب قرارات تنطلق من شجاعة سياسية، وتحرك حاسم، وتفكير متعدد الأطراف وتتمثل هذه التحديات في دفع عجلة النمو وتوظيف العمالة؛ وتحقيق نمو مشترك أكثر شمولا لكل شرائح السكان؛ والتوصل إلى نمو أكثر توازنا واستمرارية. وأوضحت أن هذه القضايا المحورية شديدة الترابط والتعاضد فكلها مهمة، وتتطلب قيادة قوية، وتقتضي التعاون، مشيرة إلى أن هبوط أسعار النفط تطور مشجع جدير بالترحيب يدعم القوة الشرائية للمستهلكين في البلدان المستوردة للنفط، وأنه من المتوقع أن يزداد تحسن الاقتصاد الأمريكي هذا العام بفضل زيادة إنفاق الأسر على وجه الخصوص. وبحسب لاجارد فإن هبوط أسعار النفط يتيح فرصة لتخفيض دعم الطاقة، واستخدام الوفورات المحققة في تقديم تحويلات أكثر استهدافا للمستحقين من أجل حماية الفقراء، ومع ذلك فإن انخفاض أسعار النفط وتحسن النمو في الولايات المتحدة ليسا علاجا لأوجه الضعف المزمنة في أماكن أخرى، لأن عديدا من البلدان لا يزال مثقلا بتركات الأزمة المالية، بما في ذلك مستويات الدين والبطالة المرتفعة، مشيرة إلى أن عديدا من الشركات والأسر يواصلون تخفيض الاستثمار والاستهلاك لأنهم يشعرون بالقلق إزاء النمو المنخفض في المستقبل. واعتبرت لاجارد أن النمو العالمي ما زال شديد الانخفاض والهشاشة والافتقار إلى التوازن، مؤكدة أن هناك مخاطر كبيرة تهدد مسيرة التعافي الاقتصادي، وأنه يمكن أن تتعرض الاقتصادات الصاعدة والنامية لضربة ثلاثية من ارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار الفائدة العالمية وزيادة تقلب التدفقات الرأسمالية؛ أن منطقة اليورو واليابان يمكن أن تظل محصورتين في دائرة النمو المنخفض والتضخم المنخفض لفترة طويلة مقبلة. وأضافت أن هذا يتطلب مزيجا قويا من السياسات يمكنه تعزيز التعافي الاقتصادي وتقديم رؤى أفضل بشأن التوظيف للمواطنين في جميع أنحاء العالم، ويجب أن يكون تصحيح أوضاع المالية العامة مواتيا للنمو وتوظيف العمالة قدر الإمكان، وفوق ذلك كله، ينبغي أن يقوم صناع السياسات في نهاية المطاف بتكثيف الإصلاحات الهيكلية. وأشارت لاجارد إلى تأثير انخفاض أسعار النفط باعتباره اختباراً فوريا لكثير من صناع السياسات، قائلة إن ذلك لا يَصْدُق كثيراً على البلدان المستوردة للنفط التي تمثل الإيرادات غير المتوقعة فرصة لها حتى تعزز أطرها الاقتصادية الكلية وقد تساعد على تخفيف ضغوط التضخم. وفي المقابل، تحتاج البلدان المصدرة للنفط إلى وقاية اقتصاداتها من أثر الصدمة. وبالنسبة لمنطقة اليورو، ذكرت لاجارد أن انخفاض أسعار النفط يساهم في زيادة انخفاض توقعات التضخم، ما يزيد مخاطر الانكماش ويعزز الرأي المؤيد لتقديم دفعة تنشيطية نقدية إضافية، والأهم من ذلك كله هو الفرصة الذهبية التي يتيحها هبوط أسعار النفط لتخفيض دعم الطاقة واستخدام الوفورات المحققة في تقديم تحويلات أكثر استهدافا للمستحقين من أجل حماية الفقراء. وعن تحرير التجارة، اعتبرت مديرة صندوق النقد أنه يمكن أن يساعد على تحسين الاستفادة من مكاسب الإصلاح الهيكلي. فبعد سنوات من تباطؤ نمو التجارة العالمية، يمكن أن يكون 2015 عام الحسم في المفاوضات حول اتفاقية تجارية طموحة.
مشاركة :