كرس العراق الجمعة خطط فك الارتباط مع الاقتصاد الإيراني، حين تم استئناف صادرات الخام من الحقول النفطية في إقليم كردستان، في مسعى للاستفادة من العقوبات الأميركية على طهران لتعزيز عوائد الطاقة، التي غابت عن خزائنه طيلة عام من هذه المنطقة الاستراتيجية. بغداد - استأنف العراق الجمعة صادراته من نفط كركوك بعد توقفها قبل أكثر من عام بسبب خلاف بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان شبه المستقل. وتوصلت الحكومة في بغداد مع حكومة الإقليم إلى اتفاق مبدئي لمعاودة ضخ النفط من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي. ورغم استعادة هذه الحقول، لم تتمكن بغداد من تصدير النفط عبر الأنابيب التي شيدت إبان ثمانينات القرن الماضي، بطول 970 كلم، بسبب الأضرار التي لحقت بها إثر العمليات العسكرية ضد الجهاديين، وأيضا لمرورها في إقليم كردستان. ويرى محللون أن هذا التطور يعد نصرا للولايات المتحدة، التي كانت تمارس ضغوطا على الجانبين لتسوية الخلاف واستئناف التدفقات من أجل المساعدة في معالجة نقص الخام الإيراني في المنطقة بعدما فرضت واشنطن عقوبات جديدة على طهران. وتكتسب حقول النفط في كركوك المتنازع عليها مع حكومة كردستان أهمية كبيرة، حيث ترى واشنطن أن بغداد هي مفتاح خنق الاقتصاد الإيراني من خلال زيادة صادراتها من تلك المنطقة. عاصم جهاد: تم التوصل لاتفاق لاستئناف ضخ النفط عند 50 و100 ألف برميل يومياعاصم جهاد: تم التوصل لاتفاق لاستئناف ضخ النفط عند 50 و100 ألف برميل يوميا وقالت مصادر عراقية في القطاع إن التدفقات استؤنفت عند مستوى متوسط تراوح بين 50 و60 ألف برميل يوميا، مقارنة مع مستويات ذروة بلغت 300 ألف برميل يوميا خلال أشهر في العام الماضي، وإن من غير الواضح متى وإلى أي مدى ستزيد تلك الإمدادات. وأكد عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، لوكالة الصحافة الفرنسية استئناف تصدير النفط من كردستان العراق، مشيرا إلى أن اتفاقا جرى التوصل إليه لاستئناف التدفقات عند 50 و100 ألف برميل يوميا. وقال جهاد إن “استئناف شحنات كركوك لن يعزز إجمالي صادرات العراق”، لكنه أوضح أن الوزارة ستغطي احتياجات بعض المصافي في شمال البلاد من حقول النفط الواقعة في الجنوب. ولفت إلى أن الوزارة ستعمل وفق خطط لتحقيق التوازن، بما يعني أن شحنات كركوك التي كانت تغذي بعض المصافي النفطية في الشمال سيتم تعويضها من الجنوب. وأعلن مسؤولون أتراك بقطاع الطاقة أن ضخ نفط كردستان عبر خط أنابيب ميناء جيهان التركي قد استؤنف بمعدل بلغ 75 ألف برميل يوميا بعد توقفه أواخر الشهر الماضي بسبب امتلاء صهاريج التخزين. ونقلت رويترز عن مصادر، لم تذكر هويتها، قولها إن “ناقلة سادسة تحمل 260 ألف برميل من نفط كردستان غادرت ميناء جيهان على البحر المتوسط بعد انتهاء التحميل الأحد الماضي”. وأكد مصدر في شركة نفط الشمال أن استئناف ضخ الخام بدأ بعد العاشرة من صباح أمس تجريبيا وبمعدل 50 ألف برميل وسيستمر عدة أيام للتأكد من سلامة الخط ليصل بعدها إلى 80 ألف برميل، الطاقة القصوى للشركة. وقال المصدر إن “إنتاج الشركة حاليا يوزع بين مصافي كلل بالموصل وبازيان بالسليمانية والصينية بصلاح الدين ومحطة القدس”. ويشير الاتفاق إلى أن رئيس الوزراء العراقي الجديد عادل عبدالمهدي ووزير النفط ثامر الغضبان مستعدان للعمل مع أربيل على الرغم من التوترات السابقة واستفتاء الاستقلال، الذي أخفق في تحقيق الغرض منه في سبتمبر 2017. وتسبب وقف الصادرات من حقول كركوك في أكتوبر الماضي، في توقف تدفق نحو 300 ألف برميل يوميا من العراق باتجاه تركيا والأسواق الدولية، مما تسبب في خسارة إيرادات صافية بنحو ثمانية مليارات دولار خلال السنة الأخيرة. 8 مليارات دولار خسائر العراق منذ توقف التصدير من حقول كركوك النفطية في أكتوبر العام الماضي ومعظم صادرات العراق تأتي من حقول الجنوب وخاصة في منطقة البصرة، لكن كركوك لها أهمية استراتيجية كما أنها من بين أكبر الحقول النفطية وأقدمها في منطقة الشرق الأوسط، وتقدر احتياطيات النفط القابل للاستخراج هناك بنحو تسعة مليارات برميل. وعُلقت الصادرات منذ أن استعادت قوات الحكومة العراقية السيطرة على كركوك من السلطات الكردية في العام الماضي. وكان الأكراد قد سيطروا على كركوك وحقولها النفطية بعد انسحاب الجيش العراقي منها عام 2014 في مواجهة تنظيم داعش، وخط الأنابيب الذي كانت بغداد تستخدمه في يوم من الأيام للتصدير عبر تركيا. والنفط هو المصدر الرئيسي للموازنة في العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعد السعودية، إذ يبلغ حجم ما ينتجه يوميا نحو 4.5 مليون برميل يوميا. وأعلنت وزارة النفط في وقت سابق أن العائدات تضاعفت تقريبا في شهر أكتوبر الماضي مقارنة مع الشهر نفسه قبل عام حيث بلغت 8.55 مليار دولار، بسبب ارتفاع أسعار الخام في الأسواق العالمية فوق متوسط 70 دولارا للبرميل الواحد. ووفق البيانات الرسمية، كانت عائدات النفط العراقي قد بلغت في شهر سبتمبر 2017 ما قيمته 4.9 مليار دولار.
مشاركة :