أقرّ العراق أمس بعجزه عن فك ارتباطه بإمدادات الكهرباء الإيرانية، رغم الضغوط المسلطة عليه من قبل الولايات المتحدة، نتيجة العقوبات المفروضة على إيران. وقال عباس جبر وكيل وزارة الكهرباء العراقية، خلال مؤتمر للطاقة بالعاصمة المصرية القاهرة الأربعاء، إن بلاده “تستورد سبعة غيغاوات من الكهرباء من إيران لتعويض الفجوة بين الإنتاج المحلّي من الكهرباء واحتياجات البلاد الفعلية”. ورجّح أن يحقق العراق، الذي يعيش على وقع احتجاجات شعبية ضد السلطة، الاكتفاء الذاتي من الكهرباء في غضون ثلاث سنوات، لكنه أكد أن ذلك يمثّل تحديا بسبب أن المستهلكين يدفعون نسبة من تكاليف الإنتاج. ويعاني العراق من نقص كبير في إمدادات الكهرباء بفعل العديد من المشاكل، من بينها انهيار البنية التحتية في العديد من المدن بسبب الحرب المستمرة منذ الغزو الأميركي في عام 2003. ووفق البيانات الرسمية، تبلغ الطاقة الإنتاجية المحلية للكهرباء 19.5 غيغاوات من الكهرباء، بينما تحتاج البلاد إلى 26.5 غيغاوات، حيث تعوّض الواردات من إيران تلك الفجوة. ولا تشمل تلك الأرقام إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق. وأكد جبر بشأن اعتماد العراق على إيران أن هذا الأمر اضطراري لأن البلاد لا تمتلك قدرات توليدية كافية لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء. لكنه أشار إلى أن العراق يتوقع تنويع موردي الكهرباء، إذ من المتوقع أن يبدأ تشغيل الربط الكهربائي مع دول عربية في الخليج في صيف 2020، مع طاقة توريد نحو 500 ميغاوات. وقال جبر إن “المبالغ المحصلة من المستهلكين العراقيين تكفى لتغطية ما يقل عن عشرة بالمئة من تكاليف الإنتاج ومع ذلك نحاول تعزيز الطاقة الإنتاجية مستقبلا”، دون أن يذكر أيّ تفاصيل. وتسببت الأضرار التي خلفها تنظيم داعش المتطرف في خفض الطاقة الإنتاجية المحلية بنحو 4.5 غيغاوات. ويلجأ العراقيون إلى بدائل الطاقة الكهربائية لسد النقص الحاد، كالمولدات الكهربائية المنزلية الصغيرة، أو المولدات الأهلية التي تزوّد الأحياء السكنية بالطاقة، مقابل اشتراك شهري، ما يثقل كاهل المواطنين بشكل كبير. وكانت الحكومة العراقية قد شددت في شهر مايو الماضي، على عدم تسييس قطاع الكهرباء في ظل تقاطع المصالح الدولية المرتبطة بمشاريع إنهاء الأزمة المزمنة. وأعلنت حينها بلوغ طاقة التوليد مستويات قياسية وتحقيق فائض، وهو ما أثار التساؤلات بشأن مستقبل شراء الإمدادات الإيرانية. وتقول مصادر حكومية إن الولايات المتحدة تضغط على بغداد للشراكة مع شركات أميركية، مثل جنرال إلكتريك واكسون موبيل وهانيويل، ووقف الاعتماد على الطاقة الإيرانية. وتكمن صعوبة مهمة وزارة الكهرباء في انقسام البرلمان والحكومة بين فريق يُدين بالولاء لإيران، وفريق متحفظ على نفوذها، في ظل ضغوط أميركية لوقف شراء الكهرباء والغاز من إيران. كما توجد تقاطعات بشأن عقود التطوير الشامل للكهرباء بعد تفضيل بغداد لشركة سيمنز الألمانية لتولّي تلك المهمة، بموجب عقود تصل قيمتها إلى 16.5 مليار دولار.
مشاركة :