الوطن وحفظ النعم أو زوالها

  • 9/26/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اشتهرت مقولة للرئيس الأمريكي الراحل جون كيندي بأن لا تنظر إلى ماذا يستطيع وطنك أن يفعل لك أو أن يعطيك، ولكن انظر في ماذا تستطيع أنت أن تفعل له أو تعطيه، ولكن دعونا نقلب هذه المقولة وننظر في ماذا فعل لنا وطننا وماذا أعطانا، وهنا لا بد أن نبدأ أولا بنعمة الأمن والأمان، والحمد لله، ونتذكر كيف كان أجدادنا قبل توحيد هذا البلد، حيث كانت المدن تغلق على نفسها أبواب أسوارها في المساء، ولا يأمنون قطاع الطرق لرحلة بسيطة كتلك من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، والحمد لله وبفضله أصبحنا لا نفكر أساسا في هذه المواضيع، ونعتبر أن المشكلة الأساسية في السفر تكمن في حجز المقاعد وتأخير الرحلات وازدحام المطارات أو الطرقات، أما القلق من مخاطر أمنية فلقد أصبح ــ والحمد لله ــ جزءا من ماضٍ منسي نرجو أن لا يكون له عودة، وأن يحفظ الله هذا الوطن وأهله ويديم علينا أمنه واستقراره، فهذه نعم أساسية ولا يعرف حقيقة قيمتها إلا من افتقدها، ويكفي أن نعلم أنه بدون الأمن والاستقرار لا يمكن لأي مجتمع أن يستمر. أما بالنسبة لأوضاعنا الاقتصادية، فإنه من الواضح أنه لو لم يكن الوضع الاقتصادي لهذا الوطن جذابا لما استطاع أن يستقطب أكثر من سبعة ملايين وافد ومقيم لدينا والحمد لله، فهذا وطن غني بثروات وهبها لنا الله، وأيضا غني بقيادة حكيمة سخرها الله لاستخراج هذه الثروات وتوجيهها لخدمة الوطن والمواطنين، فلا يكفي أن يكون أي قطر غنيا بثروات طبيعية لكي ينعم بها مواطنوه، وهناك أمثلة عديدة لدول لديها بحار من الثروات وأنهار من الموارد الطبيعية ما يكفي لرخاء كافة مواطنيها، ولكنهم ــ للأسف ــ عاشوا ويعيشون في فقر وحاجة، وبالتالي فإننا نشكر الله على النعم والثروات الطبيعية التي وهبنا إياها، وأيضا نشكره على نعمة القيادة التي تخاف على شعبها وتعمل لرفاهية مواطنيها وتسخر هذه النعم لخدمتهم، وهذه أيضا نعم لا يعرف حقيقة قيمتها إلا من افتقدها. ونحمد الله على شعب مؤمن بقيم الإسلام ومفتخر بشهامة العروبة، فهذا شعب ــ والحمد لله ــ متلاحم ومتراحم ليس فقط مع بعضه البعض، وإنما أيضا مع غيره ممن يحتاجون للمساعدة، ولدينا ــ والحمد لله ــ أمثلة جميلة في العطاء وتبرز أمامنا في أي حملة تبرعات وإغاثة، صحيح أن لدينا أيضا بعض من ابتعدوا عن قيم الإسلام وتعلقوا بعادات الجاهلية كالعنصرية والتنابز، وهذا واقع للأسف، فالمجتمع المثالي لا يوجد إلا في الكتب والوطن المثالي هو خيال طموح، أما الواقع ففيه بعض قصور وأخطاء وتجاوزات وأمامنا تحديات لا يستهان بها، ولكن مع ذلك عندما نقارن أين كنا وماذا أصبحنا، وكيف انتقلت أراضٍ ومناطق شاسعة ومتباعدة وبعضها متحاربة ويعاني أهلها من الفقر لحد أن بعضهم هاجر لأقطار مجاورة أو بعيدة بسبب القحط والجوع، ووصلنا ــ والحمد لله ــ إلى وطن واحد ينعم بالأمن والاستقرار ويحظى بوفرة من الرخاء والإمكانيات، فإننا نشكر الله على هذه النعم وعلى هذا الوطن وعلى هذه القيادة، ونأمل أن نكون مؤهلين لاستمرارها والحفاظ عليها، وأول ما نحتاجه لذلك هو شكر النعم، لئن شكرتم لأزيدنكم، وأيضا علينا أن نذكر دائما أننا نعيش في وطن أكرمه الله بأقدس بقاع الأرض وأحبها إلى الله ورسوله ــ صلى الله عليه وسلم، وما دمنا نفتخر بهذا الشرف ونعمل على خدمة بيت الله وزواره، فإننا ــ بإذن الله ــ لا نجد إلا كل خير، وحفظ الله هذا الوطن وأهله وقيادته.. آمين.

مشاركة :