لو كنتُ مفتول العضلات، لكنتُ شاعرًا. لكنتُ أقوى شاعر على وجه الأرض. ولن أفعل هذا بسهولة. أنا أعلم أن الأمر صعب. أعلم أن أمامي سنوات طويلة من دراسات اللغة وتمارين رفع الأثقال وجلسات مستمرة للتأمّل ومراقبة التغذية، اضطرابات في الحواس، والكثير الكثير من مشروبات البروتين. سوف أكدح لسنوات طويلة في مناجم الغموض، سوف ألتحق بحصص رياضيّة للتدرّب على حمل أجراس الحديد، وأرسل قصائدي إلى مجلات الأدب في الجامعات. سوف أعدو في الرمال صعودًا وهبوطًا حين ينام الجميع ليلًا -ومختارات "نورتون" الثقيلة للأدب الإنجليزي المجلد الأول والمجلد الثاني مربوطة إلى ساقيّ- وخلال الاستراحة سأفتح أحدهما وأجلس لأقرأ قصائد "كوليردج" تحت ضوء القمر. لا شيء يأتي بسهولة في عوالم بناء الشعر وعوالم بناء الجسد. لا أحد سيدفع لي المال لأصبح شاعرًا ورجلًا قويًا ملهمًا إلى هذا الحدّ. وخلال سنوات حياتي سوف أعمل في وظائف عديدة حتى أسدّ جوعي. سأعمل ساقيًا في الحانات، سأعمل مساعدًا في مكاتب التحرير، مقدّمًا للاقتراحات، باحثًا في أدب الأخوات "برونتي" . سأكون أقوى باحث في أدب الأخوات برونتي، ولكن هذا لن يعني لي شيئًا. سأقدم أوراقًا نقدية حول العالم عن "مرتفعات ويذرنغ"، والذي سيكون الكتاب الوحيد الذي قرأته للأخوات برونتي؛ لأنني مشغول بتصحيح أوراق الطلبة وتمارين الضغط. ستحاول زميلة لي في الجامعة جاءت من العصر الفيكتوري أن تقنعني أن أقرأ "آن وشارلوت"، ستقول لي على الأقل اقرأ "جين آير"، يجب عليك أن تقرأ جين اير. أنت باحث في أدب الأخوات برونتي. لن أستمع لها ولن أقرأ “جين اير” ولكن هذه الزميلة الفيكتوريّة ستصبح زوجتي. سوف تحبّني زوجتي الفيكتوريّة لعضلاتي ونهايات مقاطع قصائدي الرائعة، وسوف أحبّها لدفئها وذكائها وحس الفكاهة لديها. سأكتب مجموعة سونيتات لأجل زوجتي الفيكتوريّة. وسأسمّيها "سونيتات من البرتغال، الجزء الثاني"، وستفوز بجائزة يال للشعراء الشباب. سوف أُدعى للحديث في مؤتمرات الكتّاب، وفي أحد تلك المؤتمرات سوف تقترب مني فتاة جامعية جذّابة متخرجة من أحد برامج الكتابة القويّة. وستقول لي: "وقعت في حبّ كتابك"، وسأرد عليها: "بقيت خطوة واحدة صغيرة وتقعين في حبّي" ثم سنقضي الليلة معًا، أسفل النجوم. نمارس الحبّ ونقتبس شعر "جون دن" ونراقب السماء. سوف أريها أين كانت نجمة "أوريون وكاسيوبيا". سوف تحرّك يدها أعلى وأسفل جسدي، وتقول: "لم يسبق لي أن رأيت شاعرًا بهذه القوّة". لن أخبر زوجتي عن فتاة الجامعة، وزواجنا لن يكون كالسابق. سوف تحسّ زوجتي أن شيئًا ما تغير، وأنني منزعج، وسوف أصرّ أن كل شيء على ما يرام. سوف أصرّ أن كل شيء على ما يرام ولكنّي سأكون ممتلئًا بالحيرة والغضب، الغضب الذي سأحوّله إلى قصائد أكثر وإلى عضلات أكبر. كتابي الثاني سيكون عن جين، فتاة الجامعة. وسأخبر زوجتي أنه عنها، لكنها ستكتشف كذبي بالتأكيد ستكتشف، -زوجتي الفيكتوريّة لن تكون غبيّة- وبالرغم من أن كتابي سيفوز بجائزة "بليتزر" الشهيرة إلا أنها سوف تتركني. سوف أصبح مدمنًا على الكحول. هذا سيجعل قصائدي تتحسّن، وسيجعل صحّتي تسوء، سأقع ضحية اكتئاب حاد. كل كتاب سأكتبه بعدها سيصبح أفضل من سابقه، وكل آراء القرّاء والنقاد ستتفق على أن قصائدي قويّة وأنني شاعر صاحب عضلات. سأكون شاعرًا لا يُقهر، وسأكتب شعرًا لا يُقهر، لكنّني لن أكون سعيدًا. أوه، ستكون هناك امرأة، ستكون هناك أكثر من امرأة، لكن لن تتفهّم أيٌّ منهنّ أحلامي النادرة. سأخبر تشارلي روز: "كتابي الجديد عن الفقد." سيجيب: "هذا موضوعك العظيم، أليس كذلك؟". مع الوقت سأفقد قدرتي على الكتابة وسأفقد عضلات بطني. لكنّ كتبي ستظل تظهر في صفحة مراجعات نيويورك للكتب، وسأبدأ بفقد سمعتي. سأصرف كل مدخراتي وجوائز الشعر التي حصلت عليها على الخمر وعلى بسكويتات الزبدة، التي سألتهمها وأنا غائب في حمام الساونا الخاص بي، أحلم بحبيبتي جين، بشرتها، ساقها، بشرتها فوق ساقها. لو كنت مفتول العضلات، لحاولت أن أكتب قصيدة عن ساق جين، ولكنّي لن أجد في ذاكرتي الكلمات التي تكفي لوصفها، لذلك سأقذف الآلة الكاتبة نحو الجدار وأحطمها. سأشرب كثيرًا وسأنسى تناول مضادات الاكتئاب. الأيام سوف تمر، أو الدقائق؟ أو الأشهر؟ لم أعد أعلم. سوف أترنّح على الدرج وأنزل إلى صالة التمرين في منزلي. سوف أضع الوزن الحديديّ على صدري، سأجعله باوند. وأتنفّس بعمق أسفله وأبدأ بالرفع. سيقال عن موتي إنّه كان حادثًا، وبعض الغرباء في جنازتي سيصرّحون بشكّهم في ذلك. وسيحضر بعض أصدقائي لقراءة قصائدي-الشاعر جون آشبيري، تشارلز سيميك، ماري أوليفر، والمصارع العظيم هولك هوقان-. سيتطلب حمل نعشي إلى القبر خمسة عشر رجلًا. وقبل موتي بوقت طويل سأكون قد كتبت ما أريد أن ينقش على الضريح: "كان يكتب القصائد، كان مفتول العضلات، وكان يحبّ جين، فتاة الجامعة".
مشاركة :