تعدد الزوجات بين الشريعة والمجتمع علي صالح طمبل قيل لامرأة: - هل تفضلين أن يتزوج زوجك عليك أم يزني؟ فسارعت لتقول: - أن يزني بامرأة أخرى خير لي من أن يتزوج عليّ! وقيل لامرأة: - هل تفضلين أن يتزوج عليك زوجك أم يموت؟ فما كان منها إلا أن قالت دون تردد: - ن يموت خير لي من أن يتزوج عليّ! وأعلن رجل لزوجته وأهله عن رغبته في الزواج بالزوجة الثانية فجوبه بالرفض الشديد منهم، فاتفق مع صديقه على أن يحيكا قصة محكمة تمثّل قاصمة ظهر للمعارضين لمشروع الزواج الثاني، فجاء هذا الصديق إلى أهل الرجل وزوجته وقد رسم على ملامحه أمارات الحزن والأسف، فأخبرهم بأن فلاناً قد أُلقي عليه القبض مع امرأة أخرى في وضع مخلِّ، وهو ان موقوف في قسم الشرطة؛ وحين رأى منهم الجزع والخوف طمأنهم بأنه سيتم افراج عنه قريباً بعد أن ينال عقابه! ولم يمر وقت طويل حتى دخل عليهم الرجل مطاطئ الرأس، وقد بدت على محيَّاه أمارات الخجل والندم، فوجد زوجته وأهله في انتظاره وقد بلغ بهم القلق كل مبلغ، فجلس بينهم واجماً منكسف الخاطر. ومضت لحظات دون أن ينطق أحدهم بكلمة، إلى أن قال أحد أهله محاولاً التخفيف عليه: - لا عليك كل الناس يخطئون، والله غفور رحيم، يتوب على من تاب. وربَّتت زوجته على كتفه فقالت نحواً من ذلك. فما كان من صاحبنا إلا أن رفع رأسه فجأة، وانتفض وهو يقول في غضب: - لقد جئتكم من قبل أطلب الحلال بالزواج، فرفضتم وتصدَّيتم لي، وان حين أخبرتكم بأنني اقترفت الحرام تقولون لي لا عليك! والله تزوجنّ رغماً عن أنفكم جميعاً! فصمتوا جميعاً ولم ينبس أحدهم بكلمة. ***** مما يثير اسف ويجلب الأسى أن يقف المجتمع ضد أمر جاءت به الشريعة الغراء، فيه صلاحه واستقامته واستقراره، فيرفضه إما لهوى متبع، أو جهل فاضح، أو أنانية بغيضة! لقد كان من نتاج منع تعدد الزوجات المشروع أن لجأ الكثيرون إلى الطريق اخر غير المشروع، طريق الحرام، مع ما يترتب على ذلك من فساد في هتك اعراض، وقتل الحياء، ونقل امراض الجنسية، وإنجاب أبناء الزنا الذين غصت بهم (دار المايقوما)! كثير من الشباب لا يستطيعون الباءة، أما من استطاع الباءة فإنه غالباً ما يختار في زواجه الأول شابة في مقتبل العمر؛ لذا كان من محصلات منع تعدد الزوجات أن لا تجد المرأة التي يموت عنها زوجها، أو التي طُلِّقت، أو التي تقدم بها السن من يتقدم لطلب يدها، فما دام الذين يستطيعون تحمل نقات الزواج قلة والفرصة المتاحة للرجل واحدة فحسب، فبالتأكيد لن يفرِّط الرجال في اختيار أجمل النساء وأصغرهن سناً، أورفعن نسباً، وربما أكثرهن مالاً إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً؛ لتكون النتيجة هي ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع وكثرة النساء اللائي لا يجدن من يتقدم إليهن سواءٌ كُنَّ ممن كبر سِنهنَّ أو كُنّ مطلقات أو أرامل؛ ولو ترك المجتمع لمن استطاع الباءة أن يتزوج بأكثر من واحدة لحُلَّت كثير من المشكلات المجتمعية التي لا تخفى على كل ذي لُبّ. إن تعدد الزوجات هو في مصلحة المرأة في المقام اول، وليس مجرد إرضاء لنزوة عابرة أو تبذير للمال أو إنقاص لمكانة الزوجة أو دليل على تقصيرها في حق زوجها كما يرى ذلك كثير من النساء؛ فالمرأة إن مات عنها زوجها أو طُلِّقت أو تقدم بها السن دون زواج وجدت أكثر من رجل يتقدم للزواج بها؛ فعليها أن تتحلى بخلق ايثار، وأن تحب خواتها المسلمات ما تحب لنفسها. وينبغي أن تسود المجتمع ثقافة تعدد الزوجات، وأن تكون هناك توعية بها، يشترك فيها الدعاة والمربون واعلاميون وجميع شرائح المجتمع وفئاته، باعتبار أمر تعدد الزوجات مما حض عليه شرعنا الحنيف الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ودوننا ما حدث في الغرب نتيجة منع التعدد حتى نادى بعض مفكريه وعقلائه بإباحته كحل لكثير من المشكلات التي طفت على السطح. وينبغي على الرجل في المقابل أن لا ينظر إلى الزواج باعتباره مظهراً من مظاهر التفاخر في المجتمع، أو مجرد إشباع للشهوة أو إثبات للرجولة، بل باعتباره عملاً صالحاً يتقرب به إلى الله عز وجل، حين ينوي إحصان نساء المسلمين، وإعفافهن، وانفاق عليهن، وإعالة أولادهن؛ ابتغاء وجهه سبحانه وتعالى تنفيذاً لقول الله جل وعلا الذي بدأ بالمثنى والثلاث والرباع قبل الواحدة حين قال: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) [النساء: 3]. وإن ما يعاني منه مجتمعنا اليوم من ارتفاع معدلات العنوسة وانتشار الفاحشة وشيوع امراض المنقولة جنسياً؛ ما هو سوى محصلة طبيعية لتحريم ما أحل الله عز وجل في أمر تعدد الزواج؛ فكانت العقوبة جزاءً وفاقاً.
مشاركة :