ما زال العالم الإسلامي، بأسره، يعيش تبعات «غزوة ما نهاتن»، يلملم جراحه، ويعيد ترميم صورته، ويتعاطى مع المستجدات المؤلمة بحسن الدعوة إلى الدين الحنيف بعدما أساء له مَنْ أساء. ومنذ ذلك الحين إلى وقت قريب والعالم الإسلامي يدفع ثمن فعلة الأيدي المتطرفة، التي فعلت ما فعلت ظناً منها بأنها تنتصر للدين الإسلامي، حتى فاجأنا الأخوان «كواشي» بغزوة جديدة، عُرفتْ فيما بعد بـ «غزوة باريس»، ظناً منهما، أنهما ينتصران للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم. إن المتفحص لدوافع الأخوين «كواشي» بمهاجمتهما مجلة «شارلي إيبدو»، لا بد له أن يستنتج أن العاطفة الدينية قد سيطرت عليهما، حتى أوصلتهما إلى ما تخيلاه انتصاراً للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وغاب عنهما، أن نبي الهدى ليس بحاجة إليهما، ودفاعهما، بتلك الطريقة، التي انتصرتْ للمسيئين، وضاعفت أعداد مجلتهم، بعد أن كانت على شفا حفرة من الإفلاس. غاب عنهما أن هذا النبي صلى الله عليه وسلم، قد تلقى ما تلقى من إساءاتٍ من قريش، ولم يتحقق لهم ما أرادوا، فقد علا نجمه، وجرّت قريش أذيال الخيبة، وكانت الحكمة في تجاهل تلك الإساءات، فتلاشت، ثم غابت. في الوقت الذي يشجب فيه العالم ما حل بالغرب من جراء «غزوة باريس»، كان البابا يترأس قداساً في الهواء الطلق في العاصمة الفلبينية مانيللا، حضرته حشود غفيرة، من أجل تضميد جراح أهالي تلك الديار مما حَلّ بهم من دمار جراء إعصار «هايان»، الذي دمر الفلبين عام 2013. أيعقل أن يبقى الدين الإسلامي تحت تصرف متطرفين؟ يدّعون نصرة الدين، وهم يسيئون إليه بتبرير وحشيتهم، وقتلهم الناس، مسلماً، وغير مسلم، بدم بارد، سلوكياتٌ جرّت الدين الإسلامي إلى مآلات لا يحسد عليها، حتى أصبحت الناس تخشاه، بدلاً من أن تدخل فيه أفواجاً. بمقارنة المشهد في الشرق مع الغرب، يتضح الخطر المحدق بالأمة الإسلامية وبدينها العظيم، والدور الكبير على مفكري الأمة وعلمائها ليعيدوا للدين العظيم بريقه وانتشاره في أصقاع المعمورة، بالتعامل الحسن، لا بالقوة. لا ينبغي أن يُترك الدين ليُختطف ويُفسّر على هوى الغلاة والمتطرفين!
مشاركة :