أن تكون حرا فيما يخطه قلمك من كتابات وما تنثره ريشتك من رسومات أو ما تحمله آلة تصويرك من صور، لا يعني أن تكون حرا في الوصول بها إلى حدود إيذاء مشاعر الآخرين وتجاوز خطوطهم الحمراء بدعوى حرية التعبير الصحفي، التي جعلتها فرنسا ذريعة تلجم بها أفواه المعارضين لما فعله منسوبوها من تحد واستفزاز لعاطفتنا الدينية. ولأن العاطفة من أعظم المشاعر الإنسانية التي وهبنا الله إياها، فإن التحكم فيها وضبط إيقاعها كيلا تحيد عن المنطق والفطرة السليمة من ضرورات بقائها،ولما كانت العاطفة الدينية من أكثر العواطف استثارة مقارنة بغيرها من العواطف، فإنها قد تستثار فتتحول إلى قنبلة تفجر نفسها ومن حولها، دون أن تنال بذلك سوى إيقاف حالة الاستثارة التي تمر بها مؤقتا، وقد تستثار فتدفعها مشاعر الانتماء إلى العمل على كل ما يوقف استفحال من يثيرها، وهذا ما حصل مؤخرا كرد من قبل المسلمين على حادثة «شارلي إيبدو» الفرنسية، حيث تفاوتت ردود الفعل بين هذا وذاك. التعامل مع من يقومون باستفزاز عاطفتنا الدينية بالعنف، قد يزيد الأمر سوءا تماما كما حدث مما لا يرضاه دين ولا عقل أو إنسانية، وأيضا الانسياق نحو ما لا يأتي بنتيجة مرضية كتوحيد صورة عرض الهاتف أو رسم شعارات وكلمات أو مقاطعة برامج وتطبيقات وما إلى ذلك ليس حلا لردعهم. اكتشاف موطن الخلل والثغرة التي استطاعوا من خلالها الولوج ومن ثم التعدي على خطوطنا الحمراء بالإساءة إلى أطهر وأنقى الخلق هو السبيل الأمثل لسد منابع هذا التدفق المزعج. علينا الرد بأسلوب التجاهل والثقة بسيرة ومنجزات الشخصية التي يحاولون تشويهها، ولنعمد إلى تصحيح المفاهيم والتعريف بسيرته ونشر سننه صلى الله عليه وسلم فيما بيننا، كي ننشغل عن مراقبة استفزازاتهم المتكررة، وبالتالي دفعهم للفتور والتوقف عنها.
مشاركة :