قصص من الحب والعشق الجميل يخطها القدر عندما يرتبط الإنسان بماضيه الجميل وإرثه الحضاري الذي يضرب في عمق التاريخ القديم ليعيشه واقعًا حاضرًا في يومه وليكون امتدادًا إنسانيًا ويعبر به إلى المستقبل الأجمل. تلك القصص والذكريات لنا معها أجمل المواقف مع أناس أحبّونا بصدق وأحببناهم، غادروا هذه الدنيا ولم تغادر ذكراهم وبقي أثرهم فينا حيًا. مشاعر تخالجني وأنا اكتب كلماتي عن مهرجان خير ينبع في المنطقة التاريخية بينبع، حيث اجتمعت أكثر من خمسين أسرة منتجة في سوق الليل الذي تم ترميمه من قبل هيئة الآثار والسياحة، كم هي السعادة تغمر هؤلاء النساء وقد تمكنت كل واحدة منهن أن تقف في دكان من الدكانين لتعرض منتجاتها على مدار ثمانية أيام هي مدة هذا المهرجان، فرصة حقيقية أتاحتها الدولة لهن لتُشارك المرأة في عجلة التنمية ولتكون رافدًا قويًا للاقتصاد وإحياء المنطقة التاريخية وإنعاش حركة السياحة في المحافظة التي يرتادها الزوار من داخل وخارج المملكة. هذه المنطقة التاريخية تحظى بعناية خاصة وزيارات متكررة من قبل سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للآثار والسياحة والذي يتابع عن كثب أعمال الترميم في هذه المنطقة إلى أن أصبح اليوم واقعًا نشاهده من تفعيل سوق الليل بالكامل ولأول مرة. أما بيت بابطين التاريخي المجاور للسوق فلنا معه موعد مختلف، كان حلمًا جميلاً عندما زرت مجمع تحفيظ القرآن بينبع البحر، والذي استشعر فيه بالبركة والتوفيق لأن كتاب الله يتلى فيه وتحفظ آياته وتُطبَّق أحكام التجويد والتلاوة وعلوم القرآن، تديره قيادة حكيمة فريدة من نوعها، إنها الأستاذة عطيات نغيمش. لقد أصبحت صلتي بالمكان ليست مدرسة بجدرانها وأثاثها، بل هي صلة بالإنسان صاحب الرسالة وحامل الهم التربوي، فكانت زيارتي في يوم تفعيل يوم اللغة العربية مختلفًا لأنني عرفت عن قرب معلمة تشاركني عشق اللغة العربية وتربي طالباتها على هذا العشق، إنها سلوم المحياوي، شاهدت بأم عيني نادٍ أدبي ثقافي في أروقة هذا المجمع، وفنون الشعر والأدب والإلقاء والخط العربي الجميل من إنتاج الطالبات وبإشراف معلمتهن، وعدت طالباتي بأنني سأكون معهن في محفل ثقافي كبير نعرض فيه جماليات اللغة، ولم أكن وقتها أعلم أن أبواب السماء مفتوحة لتستجيب لرغبتي، والتي وافقت هوى في نفوسهن، فكان مهرجان خير ينبع وكان بيت بابطين مقرًا لهن لينثرن جمال اللغة والأدب، ويستعرضن إنتاجهن الأدبي، ويكن سفيرات الثقافة بين النساء والفتيات. إنه الحلم الذي تحول إلى حقيقة، فطبن نفسًا يا أجمل الأرواح وأطيب القلوب التي أحبتني وأحببتها. في بيت بابطين فعاليات متنوعة، من دورات تدريبية ومشاركة متميزة من مركز الحوار الوطني، ونشر ثقافة الحوار، والاتصال الفعال، والتوستماسترز، وفنون الإلقاء، وفن التصوير الفوتوغرافي، وتنسيق الورود، في أجواء عائلية تسودها الحميمية والحب للمكان والزمان. شكرًا لفريق العمل النسائي الذي يُسطِّر في سجلات تاريخ ينبع أن عضواته رائدات العمل السياحي الاحترافي، ومن أول مرة أسماء لن ينساها التاريخ، عطيات وسلوم ودولت وماجدة ومنال وعفاف وعائشة وهبة ومواهب وغالية من يشرفن على أدق التفاصيل ويمارسن أدوارًا قيادية تفخر بها المرأة السعودية والينبعاوية على وجه الخصوص. تحية لحفيدة صاحب البيت التاريخي سمية، لأنها عطرت المكان بوجود والدتها التي كانت تحكي للناس قصصًا من التاريخ العطر لهذا الصرح الذي كان ومازال شامخًا ورمزًا من الرموز، وفيه تعلّم الرعيل الأول من أبناء وبنات ينبع، وكان بمثابة نواة لمدرسة نظامية وكُتَّاب لتعليم الفتيات، لذلك سوف يتم محاكاة هذا الماضي في نفس المكان الذي تم تحديده من قبل السيدة أين كان يتعلم الصبيان. إنها تظاهرة ثقافية بمشاركة مجتمعية متميزة وإقبال كثيف يفوق كل التوقعات، ورعاية من قبل بنك الجزيرة الذي قدم كافة الاحتياجات من أجل إنجاح هذا المهرجان الذي تنوعت فعالياته لتشمل الألعاب الشعبية والفنون التي تميزت بها المحافظة في ساحات تاريخية. كل هذه الفعاليات بمتابعة حثيثة وتوجيهات كريمة من قبل سعادة محافظ ينبع المهندس مساعد السليم الذي يبث روح العمل الجماعي فشاركت كل القطاعات الحكومية في هذه الفعالية، رجال الأمن وبلدية ينبع ووزارة الشؤون الاجتماعية والمستودع الخيري وهيئة الآثار والسياحة وشركة سامرف... وغيرها، لأن النجاح الحقيقي يكون بروح الفريق الواحد، ولا يكون نجاحًا لشخص بعينه، إنه الوطن الذي يريد من كل أفراده أن يعملوا بإخلاص وحب وانتماء، فكلنا أبناء وبنات هذا الوطن لا فرق بيننا.. هويتنا هي السعودية. Majdolena90@gmail.com
مشاركة :