في كلمته التي ألقاها أمام الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية؛ الذي عُقد على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه على استعداد للدخول في مفاوضات مع إسرائيل بشرط أن يكون لهذه المفاوضات مضمون واضح، وإستراتيجية محددة، بحيثُ لا تكون مضيعة للوقت، ولعله وهو يغفل عن مبادرة السلام العربية يدرك بأن المفاوضات المنفردة مع إسرائيل منذ فترة الرئيس ياسر عرفات وحتى عهده هو لم تخطُ خطوة واحدة نحو النجاح، ولو كان هناك نجاح من خلف المفاوضات لنجح الفرقاء الفلسطينيون في لم شملهم، ولكان لهم راية واحدة. ما يعنينا هنا هو كيف يعلن الرئيس عباس عن استعداده للدخول في مفاوضات مع إسرائيل، وهناك مبادرة سلام عربية أطلقها الملك عبدالله تهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًّا على حدود 1967، والتوصل لحلٍ عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة مقابل إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.. وهي المبادرة التي تم الاتفاق عليها في قمة بيروت عام 2002، ونالت تأييدًا عربيًّا ودوليًّا، الدخول في مفاوضات مع إسرائيل بعيدًا عن خطة السلام العربية لا أعتقد أنها تصب في مصلحة القضية الفلسطينية، لاسيما وأن وزراء الخارجية العرب في مؤتمرهم الطارئ الأخير قد أعلنوا عن تمسكهم بالمبادرة، مؤكدين بأنها مازالت تُشكِّل الحل الأمثل لتحقيق السلام وإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي. وفي تصوري، فإن المناخ الآن بات مناسبًا لإحياء مثل هذه المبادرة، فالأمم المتحدة قبلت فلسطين كدولة غير عضو "مراقب"، بالإضافة إلى اعتراف عدد من برلمانات العالم بما فيها البرلمان الأوروبي بالدولة الفلسطينية، وزوال الاضطراب الإقليمي في الشرق الأوسط الذي بدأ في 2011 والذي جعل مبادرة السلام تأتي متأخرة في سلّم الأولويات بعد اشتعال ثورات ما سُمِّي بالربيع العربي، كما هو مهيّأً حتى عند الطرف الآخر، فحسب تصريح سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مُعلِّقًا على المبادرة، قال: "إن السلام مع الفلسطينيين مهمٌّ لكي تستطيع إسرائيل تجنّب إمكانية تحوّلها إلى دولة ثنائية القومية"، كما دعم هذه المبادرة وزيرة العدل "تسيبي ليفني" حيث قالت: "من المهم أن يعلم الفلسطينيون أنهم يحظون بدعم من العالم العربي من أجل التوصل إلى سلام عن طريق التفاوض يؤدّي إلى إنهاء هذا النزاع"، إضافة إلى قبول "ايهود أولمرت" بالمبادرة وثنائه عليها. مبادرة السلام العربية هي أفضل الحلول لإنهاء هذا النزاع الشائك، فهي تُحقِّق سلامًا شاملاً وعادلاً، كما تأتي ضمن قرارات مجلس الأمن رقم 242 و338 اللذين عززتهما قرارات مدريد عام 1991، ومبدأ الأرض مقابل السلام. وإذا ما نجح الفلسطينيون والإسرائيليون في تطبيق هذه المبادرة، فإن كثيرًا من الميليشيات التي تسترزق من وراء هذه المشكلة ستختفي من على وجه البسيطة، وسيتفرَّغ العالم بأسره لمحاربة الإرهاب البغيض. hnalharby@gmail.com
مشاركة :