ملبورن: «الشرق الأوسط» بعد دور أول مخيب للآمال لمنتخبات العرب في كأس آسيا 2015 لكرة القدم، كان السؤال البديهي هل ينقذ منتخبا الإمارات والعراق هذا السقوط الكبير؟ لم يسبق للمنتخبات العربية أن عرفت خيبات في كأس آسيا كتلك التي عاشتها في الدور الأول من النسخة الحالية المقامة في أستراليا حتى نهاية الشهر الحالي، فودع 7 منتخبات من أصل 9 الدور الأول بخفي حنين. أفلت منتخبا الإمارات والعراق من كماشة الخروج المبكر وتأهل كل منهما من مجموعة ضمت 3 منتخبات عربية. لكن ما صنعه الأبيض الإماراتي وأسود الرافدين في ربع النهائي يلوح ببارقة أمل للكرة العربية في آسيا التي عاشت في السنوات الأخيرة خيبة تلو الأخرى أكان في تصفيات كأس العالم أو حتى في النسخة الأخيرة من البطولة القارية في قطر 2011.افتتح العراق التأهل العربي إلى نصف النهائي بعد مباراة لا شك بأنها ستدخل تاريخ المنتخب الأخضر. سيناريو رهيب عرفته العاصمة كانبرا عندما افتتح اليافع سردار ازمون (20 عاما) التسجيل لإيران منتصف الشوط الأول الذي شهد طرد زميله المدافع مهرداد بولادي في نهايته، ثم عادل أحمد ياسين للعراق في الشوط الثاني. مطلع الشوط الإضافي الأول سجل الهداف التاريخي يونس محمود هدف التقدم قبل أن يعادل مرتضى بور علي كنجي (103). وبعد ركلة جزاء عراقية ترجمها اليافع الآخر ضرغام إسماعيل (116)، خطف رضا غوتشان نجاد الهدف الثالث لإيران قبل دقيقة على نهاية الوقت الإضافي. احتكم الطرفان إلى ركلات الترجيح وهناك داعب محمود الكرة على طريقة التشيكوسلوفاكي بانينكا بأعصاب باردة في لحظات مشحونة وبالغة التوتر، قبل الحسم 7 - 6 في حصة ماراثونية. امتدح المدرب راضي شنيشل المهاجم غير المحترف راهنا مع أي فريق: «يونس لعب 4 أشواط كاملة اليوم وقدم مستوى رائعا. لدينا تشكيلة شابة وكنا بحاجة للاعب قائد. إنه من طراز اللاعبين الذين لا يفضل الفريق المقابل اللعب ضده، فيما يحب زملاؤه اللعب إلى جانبه». خرج آلاف العراقيين في شوارع بغداد للاحتفال بفوز بلادهم، انتشروا وسط الشوارع وهم يحملون أعلام العراق في فرحة نادرة للعراقيين الذين يعيشون ظروفا قاسية بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة وسيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد. وفرضت قوات الأمن إجراءات مشددة وقطعت عددا من الطرق الرئيسية لتنظيم سير الحشود التي انطلقت بسيارات ودرجات نارية وجماعات انطلقت للاحتفال بطريقة عفوية تعبيرا عن فرحهم بهذا الفوز. أثبت العراقي المتوج في 2007 أن كأس آسيا من اختصاصه، ففي 8 مشاركات لم يعجز عن التأهل إلى الأدوار الإقصائية سوى مرة وحيدة في باكورة مشاركاته في 1972. وانصبت التكهنات بختام الدور الأول في قدرة المنتخبات على تفادي اليابان حاملة اللقب، فهي المتوجة 4 مرات وتملك في صفوفها زبدة لاعبي القارة على غرار كيسوكي هوندا لاعب ميلان الإيطالي وشينغي كاغاوا لاعب وسط بوروسيا دورتموند الألماني، لكن أولاد مهدي علي لم يكترثوا للترجيحات وضرب علي مبخوت حاسوبهم بفيروس يميني متقن مطلع مباراة سيدني. كانت الإمارات في طريقها لحسم اللقاء في الوقت الأصلي لكن في الدقيقة 81 نجح البديل غاكو شيباساكي من إدراك التعادل للساموراي الأزرق الذي ضغط كثيرا بعد الهدف وفي الشوطين الإضافيين، لكن التنظيم الدفاعي المحكم الذي طبقه الأبيض الإماراتي سمح له في نهاية المطاف بالمحافظة على التعادل وجر منافسه إلى ركلات الحظ الترجيحية التي ابتسمت له، وفيها كرر الموهوب عمر عبد الرحمن (عموري) ما صنعه محمود في مرمى إيران ولعب بانينكا أخرى في مرمى اليابان. «كانت رائعة»، هذا ما قاله المدرب الإماراتي عن الركلة الترجيحية لعمر عبد الرحمن، مضيفا «لقد منحتنا الثقة لأنها كانت الركلة الترجيحية الأولى لنا كما أثرت نفسيا على الحارس الياباني، لكني قلت له لا يكرر الأمر مجددا لأنه كاد يتسبب لي بأزمة قلبية». وعن اللقاء أمام اليابان، قال علي: «قلت إن المباراة ستكون صعبة، قلت للاعبين أن يلعبوا بقلبهم وليس من الضروري دائما أن نهتم بالعرض. لقد قدمنا مباراة جميلة أمام إيران (في الجولة الأخيرة من الدور الأول) وخسرناها (صفر - 1). لم نكن محظوظين ضد إيران، واليوم (الجمعة) نحن نستحق الوجود في نصف النهائي.. الفوز ضد حامل اللقب رائع وسيمنح اللاعبين الثقة اللازمة». بعد مغامرته الأولى في دور الـ4 منذ 1996 والثالثة في تاريخه بعد 1992، ضرب نجوم النسخة الحالية موعدا مع نظيرهم الأسترالي المضيف الثلاثاء المقبل في نيوكاسل، أما العراقي فيلتقي كوريا الجنوبية التي لم تهتز شباكها حتى الآن. في المرة الأخيرة التي بلغ فيها العراق نصف النهائي عام 2007، واجه فريقا عربيا في النهائي عندما تغلب على السعودية بهدف يونس محمود، فهل يتكرر السيناريو في أستراليا ويتواجه الأسود مع الأبيض في نهائي سيدني ويقدمان أجمل هدية للكرة العربية.
مشاركة :