انتقد عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي الدراسة التي ناقشها وزراء البترول في دول مجلس التعاون للدول الخليج العربية في اجتماعهم الأخير التي تنص على توحيد أسعار المشتقات البترولية، واعتبروها سببا رئيسا في رفع تكلفة المعيشة على المواطن وفي زيادة نسبة التضخم في حالة الموافقة عليها، ورأوا بأنه من الصعب التفكير في ذلك الأمر إلا بعد إيجاد بدائل على أرض الواقع من خلال شبكة قطارات داخل المدن وخارجها وشبكة للنقل العام. ويرى الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة أن هذه الرؤية تحتاج إلى تهيئة نظرا للبون الشاسع في أسعار المحروقات بين دول مجلس التعاون، مشيرا إلى أن هناك فروقات كبيرة بين المملكة ودول الخليج تتمثل في اتساع الرقعة الجغرافية، مستشهدا بمدينة الرياض التي تتجاوز مساحتها مساحة بعض دول المجلس إضافة إلى أن أنماط الاستخدام تختلف باعتبار أن السكان يعتمدون في تنقلاتهم داخل المدن وفي سفرهم على السيارة لعدم توفر بدائل على الأرض. وشدد بوحليقة على عدم الموافقة على الدراسة إلا بعد توفير البنية التحتية للمواصلات كالنقل العام والقطارات الأرضية وحتى يكون هناك بدائل للسيارة بعد ذلك يمكن الحديث عن رفع أسعار البنزين، مضيفا بأنه ليس من المنطق أن ننظر إلى أننا نبيع المحروقات بأقل من سعرها العالمي وذلك لوفرة البترول ومشقاته في عملية إنتاجه في المملكة. وأكد على أن أي زيادة في أسعار المحروقات ستؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم، مبينا أن من ضمن سلة الأوزان لحساب مؤشر الأسعار هما النقل والمواصلات اللذين لهما وزن مهم، وفي الفترة الحالية جاءت الضغوط على هذه السلة عن طريق السكن فلا نريد أن يزداد ذلك الأمر سوءا، موضحا بأن الموافقة على هذه الدراسة كان الهدف منه رفع تكلفة المعيشة. إلى ذلك قال الدكتور توفيق السويلم مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية أن قرار توحيد أسعار المشتقات البترولية في دول مجلس التعاون ستكون آثاره سلبية نظرا للاختلافات الكبيرة بين المملكة ودول المجلس، مضيفا بأن مساحة المملكة كبيرة وتعتبر نصف مساحة أوروبا الغربية ولديها تعاملات تجارية مع دول مجاورة فحركة مرور السيارات كثيفة، إذ تتعامل المملكة مع أكثر من 144 دولة في العالم، موضحا بأن المواطن السعودي يقطع مئات الكيلو مترات أسبوعيا في مركبته الخاصة بينما شقيقه الخليجي لا يقطع إلا عشرات الكيلو مترات. وأفاد السويلم بأن مستوى دخل الفرد مختلف من دولة لأخرى، مبينا بأن متوسط دخل الفرد في المملكة ليس مرتفعا مقارنة ببقية الدول، وأن أي زيادة على الأسعار في دول الخليج ستلقى قبولا بينما ستتأثر شريحة كبيرة من المجتمع السعودي جراء هذا القرار في حالة الموافقة عليه نظرا لأن الحاجة لاستخدام السيارة تختلف من دولة لأخرى. وأشار السويلم إلى أن بعض دول مجلس التعاون تقدم خدمات مجانية وأسعار مخفضة لنقل المدرسين والمدرسات والعاملين في الشركات والدوائر الحكومية وهناك دول لديها قطارات وشبكة نقل متطورة وبالتالي لا يشكل النقل عنصرا رئيسا لها بعكس المملكة والتي سيكون ذلك التوحيد سلبيا إذا تمت الموافقة عليه. وناشد السويلم المسؤولين في وزارة البترول في دراسة الموضوع بشكل دقيق وأن تتم مراعاة الآثار الاجتماعية والنفسية لرفع أسعار البنزين. من جانبة قال الدكتور مشعل العلي عضو مجلس الشورى السابق إنه في حالة توحيد أسعار المشتقات البترولية سيستغل القطاع الخاص ذلك ويرفعون الأسعار على المواطنين الذين سيعانون من غلاء معيشي، مؤكدا بأن المملكة تسعى بكل جهدها بألا تمس معيشة المواطنين، مبديا تحفظه على هذه الدراسة، وأن فائدتها الوحيدة هي القضاء على مشكلة تهريب البنزين الذي ما زال البعض للأسف الشديد يتاجر به ويقوم بتهريبه للدول المجاورة.
مشاركة :