منذ أن حلت قدما المدرب التشيكي ميروسلاف سكوب أرض مملكة البحرين وأطلق معها أفكاره التطويرية لكرة القدم البحرينية فإن جدليات الاختلاف معه مستمرة لغاية هذا اليوم بين المد والجزر وعدم القبول به كمدرب للأحمر حتى ارتفعت الأصوات بإبعاده عن قيادة المنتخب الأول للبحرين قبل المستحق الآسيوي من دون أن تبرر هذه الأصوات مطلبها ببراهين واقعية وحقيقية، غير أن فاعلية الهجوم لم تكن بالصورة الفاعلة وهذا الأمر من الممكن تصحيحه خصوصًا مع الزج بالوجوه الشابة المتميزة، في الوقت الذي يعمل فيه هذا المدرب بجدية تامة مع الملاحظة الواقعية بالتطور في أداء المنتخب الاول للكرة خلال العامين الذي استلم فيه سكوب قيادة الأحمر. في شهر مايو من العام الجاري أجرت قناة البحرين الرياضية لقاءً موسعًا مع المدرب التشيكي سكوب طرح فيه الكثير من الأفكار المهمة والتي تركت جدلية إعلامية وجماهيرية وهي اليوم تسير نحو الأفضل.وتكررت المقابلة في القناة نفسها ولكن مع تغيير الشخص المحاور له وحملت نفس الهاجس التطويري للمنتخب الوطني بآمال إيصاله إلى الجيل الذهبي بعد جيل 2004. وجدنا في المقابلتين الشجاعة الكافية التي يمتلكها المدرب سكوب في الرد السريع وبلا تردد او إسفاف وبوضوح تام دون لف او دوران ليضع نقاطه على حروفه بكل اريحية وهذا ما لم نره في مدربين سابقين. حتى هدفه وطموحه بالفوز بكأس آسيا لم يتغير بالمقابلتين مع توضيح الامر حينما قال هذه المرة إن كل مدرب يطمح في الفوز بكأس آسيا وهذا حق مشروع لكل المدربين وأنا أحدهم ولكن هناك آخرين يحملون نفس الطموح والفارق هنا جودة اللاعبين وإمكاناتهم الفنية والبدنية والنفسية والمهارية والتي تعطي الاحقية لمن يمتلك هذا الامر للفوز بالكأس. وهذا كلام منطقي وواقعي لم نسمعه من قبل من مدربين تعاقبوا على تدريب الأحمر. الامر الآخر الذي أثاره سكوب في لقائه مع الإعلامي في القناة الرياضية عيسى شريدة هدفه بالتأهل الى الأدوار الثانية بعد تخطيه نظام المجموعات والذي قال إن من يعتقد بسهولة مجموعتنا فهو مخطئ لأننا سنواجه الامارات والهند وهؤلاء يمتلكون دوريًا للمحترفين ومع ذلك سندخل البطولة من أجل التأهل للدور الثاني. وهذا كلام مشجع يعطي التفاؤل للجميع ونأمل بان ينجح في مهمته هذه خصوصًا بأنه متفائل في ذلك. هناك أمر مهم أثاره سكوب في هذه المقابلة عندما قال إنه ومنذ قدومه يحاول تنفيذ استراتيجية للفريق بحيث لا يبقى على فريق واحد وإنما يكون هناك تغيير مستمر لضمان فاعلية الأحمر في البطولات المختلفة والتطلع الى تحقيق النتائج الإيجابية التي عجز عنها المدربون السابقون لأنهم لم يقم احد منهم بالتغيير اللازم لضمان الاستمرارية. وأكد سكوب انه يريد زج الوجوه الشابة للفريق الاول لأنهم متعطشون لتحقيق الإنجازات ويحملون الآمال بالحصول على العروض الاحترافية الخارجية وهذا يجعلهم يقدمون المستويات المتميزة. هذا الفكر الذي يحمله هذا المدرب ضمانة كبيرة لاستمرارية الأحمر في تحقيق الإنجازات المستقبلية باذن الله، وهذا يحتاج لدعم خاص من قبل مجلس الادارة للاتحاد الكروي ومن اللجنة الفنية المراقبة لعمل المدرب للوصول الى النتائج المرجوة مستقبلا. في دفاعه عن الاختيار لتشكيلة الأحمر ترك المدرب سكوب انطباعا جيدا لم نجده في المدربين السابقين الذين دائما ما يضعون اللوم على الاتحاد لقلة الامكانات المالية والمعنوية بينما سكوب قالها بضرس قاطع انا أتحمل مسئولية النتائج السلبية لانها مسئوليتي في الاختيار وهذا انا أتحمله ولا يتحمله احد غيري، وانا من يختار اذا كان الخيار مثلا بين اسماعيل عبداللطيف وعبدالله يوسف وبالتالي اذا لم نحصل على النتائج المرجوة فأنا الملام وهذه مسؤوليتي. المدرب سكوب لم يهرب بإجاباته على هذا السؤال ولم يضع اللوم قبل الوقوع على امكانات الاتحاد الكروي ولم يستغل هذا الجانب لصالحه بل كان واضحًا في كلامه بانه يتحمل كل شيء عند النتائج السلبية. حتى مع سؤال المذيع عن سيد محمد جعفر حارس مرمى المحرق الذي لم يتم اختياره في عهد سكوب والذي برر بقوله إن الإحصاءات قد ترجح كفة سيد محمد جعفر ولكن يقول سكوب علينا الملاحظة لقوة دفاع المحرق والذي يضم ثلاثة من نجوم المنتخب وهذا يعطي الحارس أكثر أمانًا من التعرض للكرات الخطرة بعكس الحراس الآخرين الذين يتصدون لمثل هذه الكرات ويظهرون بالاداء المتميز والجيد والذي يجعلني من اختيار ذلك الحارس للاسباب التي ذكرتها. نعم كلام واضح مع اننا بحاجة لقائد مثل سيد محمد جعفر حارس العرين بكل جدارة ولكن ما ساقه سكوب في معرض كلامه مقنعا وأثبت صحته تألق سيد شبر علوي في الفترة التي كان مع المنتخب ومع ناديه. وإجابته على سؤال عن اللاعب الرميحي يعني به كل اللاعبين اذ ان المدرب يريد من الرميحي وغيره من اللاعبين ان تكون مستوياتهم ثابتة ومستقرة بدلا من التألق أسبوعا ثم الغياب لعدة أسابيع عن التألق وبالتالي يفقد هذا اللاعب الحس الفني المتكامل في الملعب يحرمه من الاختيار للأحمر وطالبه والآخرون بثبات المستويات. ومواجهة اللاعب الرميحي وأخباره بما يريده تحسب له كمدرب يهمه صناعة النجوم في الملعب. ضم ستة لاعبين من المنتخب الأولمبي لدليل كبير على ان سكوب يسير بوتيرة متناسقة وهادئة للوصول الى الهدف المنشود لتشكيل فريق قوي يستمر لسنوات طويلة من دون هزات تصيبه عند منتصف الطريق. الذي نريد ان نؤكد عليه وقد يختلف معنا الكثيرون في نظرتنا للمدرب سكوب وما يقدمه للكرة البحرينية قد تتأخر النتائج الإيجابية ولكن المدرب سكوب يحمل الكثير من الأفكار التي تقوده نحو الإنجازات، فقط يحتاج للوقت الطويل لكي ينفذ استراتيجيته وأسلوبه حتى يصل الى الهدف الذي يسعدنا جميعا. علينا ان لا نستعجل الامور وان لا نضع استراتيجيتنا لبطولة معينة ومن ثم نقوم بإقالة المدرب ان هو لم يحقق شيئًا خلال بطولة آسيا المقبلة والتي ستقام في الامارات في مطلع العام المقبل. علينا التريث وحتى ان كبونا ولم نحقق المطلوب علينا عدم الاستعجال في القرار وإعطاء سكوب الوقت الكافي لصناعة نجومه ومنتخب قوي يصارع الأقوياء في كل المحافل الخارجية فلديه الكثير والكثير من ان يقدمه للكرة البحرينية. قد يكون هناك توجها لجلب مدرب عالمي من اجل التأهل لكأس العالم ولكن قد نجلب مثل هذا المدرب ولفترة معينة وبامكانياتنا المتواضعة قد لا يتحمل الوضع فيهرب عنا كما هرب الآخرون. ودائما المدرب الذي يجلب للطوارئ فانه لا يستطيع ان يصنع لك منتخبا قويا وان نجح في مهمته الوقتية فإن الوقت الآخر لا يخدمه ولا يخدم الأحمر والكرة البحرينية. وبالتالي نحن بحاجة لمدرب مغمور يحمل في نفسه الطموح الكبير لصناعة منتخب قويا للمستقبل كالذي يحمله سكوب الذي يريد صناعة تاريخه وتاريخ الأحمر خلال عمله لفترة زمنية غير قصيرة. لذلك نحذر من الاستعجال حتى مع اخفاقنا في آسيا باقالة سكوب وجلب مدرب آخر لأننا نرى سكوب وضع النقاط على الحروف ويسير بخطى ثابتة وهو واثق من نفسه وعلينا دعمه بقوة وباذن الله ستكون معه الإنجازات المستقبلية. أيضًا يمتلك سكوب شخصية تستطيع التأقلم بسرعة مع الآخرين والاحترام المتبادل ما جعل اللاعبين يبادلون نفس الاحترام وهذا يترك أثرًا إيجابيًا على المستويات الفنية في الفريق. سكوب في لقائه مع القناة الرياضية في شهر مايو من العام الجاري أكد أن حل مشكلات اللاعبين التوظيفية يساهم بشكل كبير للاستقرار الفني للأحمر وهذا ما تحقق بالفعل على أرض الواقع بتوظيف كل اللاعبين العاطلين عن العمل المختارين للمنتخب وهذا لم يقم به اي مدرب آخر سابق. إضافة إلى ذلك زيارته المتكررة للأندية والوقوف عن قرب والمشاهدة لطبيعة التدريبات والتحدث للمدربين هناك، وهذا الامر يعطيه الانطباع الحقيقي للمستويات الفنية لكل الفرق وعليه يستطيع وضع استراتيجيته للمنتخب الوطني الاول. أيضًا ساهم بشكل كبير في انتقال بعض اللاعبين المتميزين والذين يلعبون في فرق الدرجة الثانية للعب في الأندية الكبيرة والمنافسة في الدوري لرفع المعدل الفني والبدني والمهاري بل أكثر من ذلك لكي يحمل هذا اللاعب الطموح المستمر في تحقيق الإنجازات بدلاً من بقائه في فريقه الام بلا طموح، وهذا يساعد بشكل كبير لرفع المستوى الفني للمنتخب الوطني، وهذه دلالة واضحة وجلية لهذا المدرب الذي يعمل بجدية من أجل المنتخبات الوطنية جميعا ويجعلنا ان لا نفرط به مهما كانت الظروف. أخيرًا نأمل من اتحاد الكرة أن لا يستعجل الامور مع افتراضية الاخفاق الآسيوي القادم والذي سيكون في الامارات عند مطلع العام الجديد وبقاء سكوب يصب في مصلحة الكرة البحرينية والوصول الى الجيل الذهبي المنتظر.
مشاركة :