على مدار التاريخ الحديث حظي الشعبان السعودي والعُماني بأوثق عرى الأخوّة والترابط، بفضل التمازج الإنساني بمستوياته الدينية والعرقية واللغوية والاجتماعية بينهما، والاتصال الجغرافي المباشر بين الدولتين؛ حيث لا توجد حواجز أو معالم طبيعية تحول بين تواصل أفراد الشعبين؛ ما جعل أراضي كلٍّ من السعودية وسلطنة عمان عمقًا أمنيًّا وإنسانيًّا للدولة الأخرى، وأتاح لشعبيهما أن يعكسا تواصلهما على كافة مجالات الحياة، في نموذج شراكة فريد جدير بأن يصبح عنوانًا لتلك الأخوة، التي أثبت الشعبان أنها مشروعهما العابر للزمن. تشاور وتنسيق السعودية وسلطنة عمان من الدول الست المؤسسة لمجلس التعاون الخليجي، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وقطر، ويمثلان جزءًا مهمًّا من منظومة المجلس؛ السعودية بموقعها ومساحتها الكبيرة وثقلها السياسي والاقتصادي والروحي، وسلطنة عمان بموقعها المتميز الذي تملك فيه شواطئ على الخليج العربي والمحيط الهندي، وتعد البوابة الجنوبية الغربية للمجلس على المحيط الهندي وما وراءه من أعالي البحار. وانعكست شدة التقارب الإنساني والجغرافي بين السعودية وسلطنة عمان على العلاقات السياسية بينهما، فتجسدت في مستويات عليا من التفاهم المشترك والتوافق في وجهات النظر حول أغلب الملفات والقضايا التي تهم البلدين، كما عمقت من آفاق التعاون بينهما، خصوصاً مع حرص قيادة الدولتين الشقيقتين على التشاور الدائم والتنسيق فيما بينهما، بما يعود بالنفع العميم على شعبيهما وشعوب مجلس التعاون والمنطقة. تطوير التعاون وكانعكاس للتطور الدائم الذي تشهده العلاقات بين البلدين، بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 2.2 مليار دولار أمريكي في عام 2017، بحسب ما أعلن نائب رئيس مجلس المحافظين للبنك المركزي العماني سلطان بن سالم الحبسي، منتصف أكتوبر (تشرين أول) الماضي خلال انعقاد الملتقى الاقتصادي العماني السعودي، الذي نظمه صندوق الاحتياطي العام في سلطنة عمان؛ لبحث آفاق زيادة التعاون التجاري بين عمان والسعودية، والمحافظة على معدلاتها السابقة، خصوصاً أن التبادل التجاري بين البلدين بلغ 12.3 مليار ريال سعودي عام 2013، منها 6.4 مليارات ريال صادرات سعودية، مقابل 5.9 مليار ريال واردات سعودية من سلطنة عٌمان، بفائض ميزان تجاري قدره 509 ملايين ريال لمصلحة السعودية. وتحرص السعودية وسلطنة عمان على تحقيق تطلعات الشعوب الخليجية فيما يتعلق بتعزيز المواطنة الخليجية، وتطوير أشكال الوحدة والاندماج بين تلك الشعوب في تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يجعل من الدول الست أوطاناً لمواطني كل دولة منها على حدة. وتعبيرًا عن مشاعرهم الصادقة تجاه أشقائهم في سلطنة عمان، أعرب المواطنون السعوديون في العيد الوطني لسلطنة عمان الذي يوافق اليوم عن خالص أمنياتهم بمستقبل مزدهر يلبي كل تطلعات العمانيين في العيش المستقر داخل وطنهم، متمتعين بكل ما أتاحته الحضارة من مباهج.