منحت مبادرة "تكريم" جائزتها لهذا العام للفنان د. أحمد ماطر، مدير معهد مسك للفنون؛ وذلك نظير ما قدمه من جهود لخدمة الفنون في المملكة. وعُرف عن هذه المبادرة أنّها تتقصّى المنجزات للفائزين بجوائزها ذات الفروع الخمسة، وذلك من حيث خدمة الفائز للمجتمع ومدى تفوق أنشطته وأعماله وما أنجزه في مسيرة الإنسان العربي ومساهماته في الوصول إلى المنصّات الدولية. وكان ماطر قد أنجز في سنوات معدودة الكثير من النشاطات والأعمال التي حققت حضوراً كبيراً، وطيلة ما يُقارب الخمسة عشر عاماً أسس طريقته الخاصة في المزواجة بين أشكال الفن ما حقق لتجربته الفريدة في تطويع الفنون المختلفة وبتعدد جمالي، حديث يمتثل لرؤاه بالفن التشكيلي وبالتصوير الفوتوغرافي، والفن الأدائي، والتسجيل المرئي. لقد استطاع ماطر أن يصنع منطقته الفنية الخاصة من محيطه وأسئلته القادمة من جوهر مكونه الثقافي، وهو ابن قرية جنوبية من المملكة نشأ فيها قبل الالتحاق بدراسة كلية الطب في جامعة الملك خالد في منطقة عسير. أسس عدّة منصّات فنية وإبداعية كان لها الانتشار الأوفر إقليمياً ودولياً، وشارك في لجان مختلفة كمقيّم فني وعارض أوّل، كما ساهم في بناء مشروعات ومؤسسات كان من شأنها النهوض بالحركة الفنية ودعم الفنانين على مختلف المستويات ونقل تجاربهم في الفنون المعاصرة والتعريف بالمشهد العربي الحديث داخل الأوساط الغربية. وقد اقتنت كبريات المتاحف في أوروبا وأميركا بعض أعماله، حيث اقتنى المتحف البريطاني أحد أعماله وهو بعمر الثانية والعشرين من عمره حين شارك في معرض "الكلمة في الفن" ثم توالت المراكز الدولية في اقتناء أعماله الشهيرة. ثم عُين أخيراً كأول رئيس تنفيذي لمعهد مسك للفنون والذي نشأ تحت مظلّة مؤسسة وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان "مسك الخيّرية". وعن معهد مسك، يرى صاحب هذه الجائزة التي تُكرّس الإبداع العربي، أنّه مركز قادر على "تكوين مجموعة متنوعة الاتجاهات وفاعلة في التأثير داخل الأوساط تُمثل أوجه التعددية الثقافية وتُقدّم صورها المختلفة في صناعة الإبداع والخطاب المشترك"، وهذا ما أكدّه ماطر في كلمته أثناء الحفل الذي أقيم في دولة الكويت الشقيقة حين قال إنّ هذه الجائزة تختاره لأنّه تشرف "بالعمل مع مواهبٍ قد أنصفتْ قدراتِها ورفعتْ شأنَها في المحافل العالمية"، وأعاد لتلك المواهب النجاح، وكشف أنّ مَنْ عمل معهم كانوا شركاء الانطلاق من "جذر ثقافي عربي واحد". وأشار في كلمته إلى أنّ "المخزون العميق للأرض العربية بصفتها مهد الحضارات الأولى ومنهل الإبداع والإلهام" هو ما جعل المثقفين تحت مسؤولية أن يكونوا امتداداً لتلك الحقبة العريقة من التاريخ العربي، فالفنون العربية "تقوم على أساس من الثقافة المتينة وعلى مآثر عميقة من التجارب والإنجاز المتميز للإنسان العربي"؛ مشيداً بهذه الجائزة التي وصفها بأنّها تُمجّد الإرث وتُعلي مكانته عالمياً. يُذكر أنّ مبادرة "تكريم" قد مَنحت جوائز فروعها الأخرى لعدد من السعوديين ومنهم الأمير سلطان بن سلمان "جائزة إنجازات الإعمار" والراحل د. غازي القصيبي "جائزة إنجازات العمر" وللجرّاح د. طارق أمين "جائزة الإبداع العلمي والتكنولوجي"، وسعاد الجفالي "جائزة الأعمال الخيرية والخدمات الإنسانية"، وخالد الخضير "جائزة المبادرين الشباب".
مشاركة :