يرى عضو لجنة تحكيم جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية في دورتها الثالثة الدكتور عبدالدائم السلامي أن القصة العربية شهدت تنامياً ملحوظاً في عدد المشاركين والمهتمين بها هذا العام. وقال في حديث لـ «الحياة» إن جائزة الملتقى تفردت عن غيرها بسبب أنها لا توظف نشاطها لخيارات سياسية مثل غالبية الجوائز، ولأنها تخلو من الميل لجنس إبداعيّ على حساب آخر. وأضاف قائلا: «بعد طغيان الكتابة الروائيّة على مشهد الإبداع العربي، وتضاؤل حجمِ الاهتمام بباقي أجناس الإبداع الأخرى، كان لا بدّ للقصة العربية القصيرة من جائزة تُسلّط الضوء على حركة كتابتها، وتُثمّن أرقى نصوصها، وتُرغِّبُ الناشرين في نشرها، وتُحرِّض النّقد على الاهتمام بها. ويبدو لي أنّ الدورات الثلاث لجائزة الملتقى للقصة العربية القصيرة بالكويت كشفت بوضوح عن نجاح هذه الجائزة في تحقيق أغلب طموح قصّتنا العربية، ناهيك عن حيازتها على ثقة الإعلام الثقافيّ وكُتّاب القصّة ونقّادها، وتجلّى ذلك في تنامي عدد المشاركين فيها، إذ بلغ في الدورة الحالية 197 مشاركًا، وبالإشادة الكبيرة بها في منابر الإعلام، هذا إضافة إلى مبادرتها إلى تأصيلٍ علميٍّ لكتابة القصة العربية في مجال البحث، فأصدرت عن الجامعة الأميركية في الكويت، وبدعم كامل من مؤسسة الكويت للتقدم العملي، كتابَها الأول الذي يحمل عنوان «القصة القصيرة العربية.. النشأة والحضور»، وهو كتاب مرجعيّ شامل لفن القصة القصيرة العربية، ويُعدُّ إضافة كويتية مهمة للمكتبة الثقافية العربية والعالمية». ويزعم السلامي أن جائزة الملتقى للقصة العربية القصيرة «وُلدت ومعها أسباب ديمومتها ونجاحها وتميّزها، ذلك أنّها لا تتكئ في نشأتها على خيار سياسيّ مثل أغلب الجوائز، تحكمُه المزاجيّةُ والمصالحُ غير الأدبيّة، وإنما هي اتكأتْ في ظهورها على خياريْن متعاضِديْن، علميٍّ وإبداعيٍّ، ممثَّليْن بالجامعة الأميركية من ناحية الإدارةُ والإشرافُ وبرئيس الجائزة طالب الرفاعي، من ناحية صفتُه الإبداعيّةُ المعروفةُ عربيا، ناهيك عن حرص هيئتها الإدارية على انتقاء أعضاء لجان تحكيمها وَفْقًا لشروطٍ إبداعيّة ونقديّة محضٍ، وحرصها في كلّ اجتماعات لجانها على تأكيد مطلب الشفافية والحياد والنزاهة في انتقاء مجاميع القائمة الطويلة والقائمة القصيرة والتتويج بالجائزة. وإنّ في هذا الحرص ما يضمن لهذه الجائزة دعمَ المثقّفين ومؤسّسات الثقافة لها، ومن ثمَّ ضمان استمراريتها وإشعاعها». وذكر أن للجوائز الأدبيّة، في كلّ أنحاء العالَم، «إيجابياتها وسلبياتها. وإذا كان من إيجابيات الجوائز تثمين المبدعين ماديا ورمزيّا، فإنّ من سلبياتها العامّة تكريس جنس أدبيّ على حساب باقي أجناس الإبداع، والانحراف بغاياتها الأدبيّة صوب غايات أخرى يتمّ بموجبها توظيف مجال الإبداع لتمرير حزمة وصايا ومواقف سياسيّة، كما لا ننسى مسألة تكريس الجوائز لجنس إبداعيّ على حساب آخر، كما هو الحال بالنسبة إلى الرواية العربية الآن». ولفت إلى السلامي إلى أن من أهداف كلّ جائزة أدبية «أن تعمل على إشعاع أسماء الفائزين بها، وهذا دور من أدوارها الثقافية، وبالمناسبة هو دور لم تضطلع به جوائزنا العربية بالحجم الكافي على غرار ما هو معمول به في بلدان الغرب، وإذا تمّ تكريس اسم فائز بها على حساب أسماء إبداعية أخرى كانت خرجت من حلبة السباق أو هي لم تشارك في السباق أصلا، فهذا ليس من عيب الجائزة ذاتها، وإنّما هو راجع إلى سوء وعي الفائزين أنفسِهم بمسألة التتويج بالجائزة. فغالبا ما يُسيءُ هؤلاء الفائزون استخدام فوزهم، فيستثمرونه في مجالات غير أدبيّة، هذا إضافة إلى تنامي غرورهم في أوساطهم الثقافية، وهو غرور أراه أسهم، وسيُسهم، في عجزهم عن كتابة نصوص جديدة تضمن الحدّ الأدنى من الأدبيّة».
مشاركة :