تحالف رينو - نيسان - ميتسوبيشي مهدد بعد توقيف غصن .. والاحتمالات بانقلاب مدبر

  • 11/21/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بدأت قضية توقيف كارلوس غصن تتسع في اليابان مع كشف وسائل الإعلام معلومات جديدة تضاعف التهديد لإمبراطورية "رينو-نيسان-ميتسوبيشي موتورز"، خصوصا أن توازن التحالف الثلاثي قائم على ما يبدو على رجل واحد. وبحسب "الفرنسية"، فإنه لا يزال غصن (64 عاما) المتهم بالتهرب الضريبي من خلال عدم التصريح عن قسم كبير من مداخيله الهائلة، موقوفا رهن التحقيق أمس، في مركز احتجاز في طوكيو، وذلك غداة اعتقاله لدى نزوله من طائرته الخاصة. وفي فرنسا أكد وزير الاقتصاد برونو لومير أن غصن في وضع قانوني، مؤكدا أنه "ليس هناك أي شيء غير عادي يمكن ذكره"، وذلك بعد أن طلب من أجهزته "التثبت من الوضع الضريبي لكارلوس غصن في فرنسا". لكن في اليابان عنونت الصحف كافة أمس "سقوط إصلاحي صاحب كاريزما". وبحسب بيان النيابة العامة اليابانية فإن غصن "تآمر لخفض مداخيله خمس مرات بين حزيران (يونيو) 2011 وحزيران (يونيو) 2015"، موضحة أنه تم التصريح بمبلغ 4.9 مليار ين (نحو 37 مليون يورو بسعر الصرف الحالي) للسلطات الضريبية في الوقت الذي كسب فيه غصن نحو عشرة مليارات ين خلال تلك الفترة. وجاء توقيف رجل الأعمال الفرنسي البرازيلي من أصل لبناني، نتيجة تحقيق داخلي استمر عدة أشهر داخل "نيسان" التي أحالت المعلومات إلى النيابة العامة اليابانية. وفي مؤتمر صحافي البارحة الأولى، أشار الرئيس التنفيذي لشركة نيسان هيروتو سايكاوا إلى "عمليات اختلاس أموال كثيرة أخرى على غرار استخدام أملاك الشركة لغايات شخصية". وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن شركة متفرعة من "نيسان" مولت شراء مقرات إقامة فاخرة في أربع دول كان غصن ينزل فيها مجانا متى أراد. كما تقاضى غصن بحسب قناة "إن إتش كاي" العامة مبالغ تم التصريح بها باسم أعضاء آخرين في مجلس إدارة الشركة. أما بالنسبة للسلطات اليابانية والفرنسية، فقد أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الصناعة الياباني هيروشيجي سيكو، أهمية الحفاظ على "استقرار التحالف" الذي قام على توازن هش بات مهددا إذا لم ينج كارلوس غصن من هذه الفضيحة. وأشار المحلل الياباني كينتارو هارادا إلى أن القضية جاءت في وقت كان فيه المسؤول الأول عن المجموعة الأكبر في عالم السيارات (عشرة ملايين سيارة) يعمل على تثبيت التحالف بين رينو ونيسان بشكل "لا رجعة فيه". وأضاف "لا يمكن استبعاد إمكانية أن يضعف التحالف"، متسائلا "هل ذلك سيغير توازن السلطة (بين الجانبين الفرنسي والياباني)؟ هذا هو السؤال الرئيس". والأمر بالغ الحساسية خصوصا أن الدولة الفرنسية تملك 15 في المائة من رأسمال "رينو". وبين الخبير أن الجانب القضائي من القضية يثير أيضا عديدا من التساؤلات، مضيفا "لماذا لم يتم اكتشاف عمليات الاختلاس إلا في هذا التوقيت، وكيف تمكن غصن وغريغ كيلي (مسؤول آخر في نيسان موقوف) من تزوير وثائق وحدهما؟". ووجه سايكاوا عبارات قاسية لعرابه السابق، حيث قال إنه سقط لأنه استأثر بالسلطات أكثر مما ينبغي، مبينا أنها مشكلة أن تكون كل هذه السلطة ممنوحة لشخص واحد، منددا بالجانب المظلم في عهد غصن. وسيبحث مجلس إدارة "نيسان" إقالة رئيسه غدا. وأعلنت "ميتسوبيشي" موتورز قرارا مماثلا. وطلبت الدولة الفرنسية تشكيل إدارة مؤقتة لشركة رينو على ضوء عدم قدرة غصن على تولي إدارة المجموعة في الوقت الراهن، بحسب ما أكد وزير الاقتصاد الفرنسي. وتأثرت أسهم صانعي السيارات اليابانيين أمس، فأقفلت على تراجع بنسبة 5.45 في المائة بالنسبة لـ"نيسان" و6.84 في المائة بالنسبة لـ"ميتسوبيشي". وفي باريس خسر سهم "رينو" 1.42 في المائة بعيد الافتتاح بعد تراجعه 8.43 في المائة أمس الأول. وبعد أن كان موضع إشادة لإنقاذه "نيسان" من الإفلاس في أوائل سنوات 2000 ثم بعد ذلك لإنقاذه "ميتسوبيشي موتورز"، بموازاة إقامته تحالفا متينا مع مجموعة رينو الفرنسية، بدا أمس أنه تم التخلي عن كارلوس غصن. وقال مسؤول في "نيسان" لصحيفة يوميوري "إنه جشع. المسألة في نهاية المطاف مجرد مسألة مال، كان يطلب من مساعديه القيام بأعمال صعبة في حين واصل تلقي راتب مرتفع حتى حين كانت أنشطة نيسان لا تسير بشكل جيد". وفي مقر "نيسان" في يوكوهاما بضواحي طوكيو بدا الموظفون مذهولين. وقال موظف عمره 37 عاما لصحيفة نيكاي "الأمر لم يكن البتة متوقعا، لا أدري ما أقول، الأمر يأتي في أسوأ توقيت"، بعد فضيحتين متتاليتين طالتا "نيسان" نتيجة خلل في الكشف على السيارات في اليابان. وقد يكون سقوط كارلوس غصن رئيس مجلس إدارة مجموعة رينو-نيسان المذهل يخفي "انقلابا" دبرته الشركة اليابانية ضد منقذها لتفادي المضي أبعد في تحالف مع شركة السيارات الفرنسية، برأي بعض المحللين في القطاع. وعكست الصحافة اليابانية في الأشهر الأخيرة شعورا من النقمة ولا سيما بعد ورود شائعات في الربيع عن انصهار المجموعة التي تشكلت عام 1999، وهو احتمال لا يلقى التأييد في اليابان. وخرجت الخلافات إلى العلن أمس الأول حين قام رئيس مجلس إدارة نيسان هيروتو سايكاوا بتفكيك إرث غصن، رغم أنه كان من أنقذ شركة السيارات اليابانية من الإفلاس. ولفت كريستوفر ريشتر محلل قطاع صناعة السيارات في شركة "سي إل إس إيه" أنه بعدما حصد غصن كثيرا من الإشادات على مدى سنوات على عمله، قام سايكاوا بتغيير الرواية كليا واصفا النهوض بالشركة على أنه ثمرة عمل مجموعة كبيرة من الأشخاص. وأشار الخبير كذلك إلى أن سايكاوا نعت غصن بأنه "رأس التركيبة"، مضيفا "وجدت هذا الكلام في غير محله طالما لم يتم التثبت تماما من الوقائع". غير أن هذه النبرة تكشف أن التوتر يعود إلى أبعد من تلك السنة وكتب ديفيد فيكلينج في وكالة "بلومبيرج نيوز"، أن الخلافات كانت تسير خفية خلال السنوات الأخيرة وخرجت أخيرا على الملأ بصورة مباغتة. وهذه الشكوك جعلت هيروتو سايكاوا يواجه أسئلة عن "انقلاب"، وهو رأي عبر عنه أيضا نوبوتاكا كازاما في جامعة "مايجي" في طوكيو بالقول "قد يكون تم التخطيط له على أمل التصدي لعملية اندماج تبادر إليها رينو". وأضاف ريشتر "يبدو أن هناك إحساسا بالإحباط ومخاوف لدى الإدارة"، معتبرا أن "نيسان" تتوق إلى الاستقلالية. وبدأ تعاون غصن مع "نيسان" في وقت كانت الشركة الحلقة الأضعف في المجموعة وتعاني ديونا باهظة، غير أن غصن تمكن من النهوض بها من خلال عملية "إعادة هيكلة" صارمة. وإن كانت الشركة أضعفتها أخيرا فضائح على ارتباط بعمليات الكشف على السيارات في اليابان، إلا أن حساباتها المالية تبقى متينة. وتكون مساهمة "نيسان" كل سنة في نتائج شريكها الفرنسي كبيرة، ما يثير استياء لدى الموظفين اليابانيين ولا سيما لدى رؤيتهم شركة رينو تستفيد من التقنيات وقسم من الأرباح ومن إنتاج بعض نماذج السيارات مثل سيارة ميكرا الصغيرة المصنوعة في فرنسا، على ما أوردت الصحافة الصينية على مر السنين.

مشاركة :