إذا كانت الجزيرة العربية هي مهد الإسلام.. فإنها أيضاً كانت مهد الحب والسلام، وهو أمرٌ غاب في العقود الأخيرة، أو غُيِّب عمداً، وحل محلّه مشاعر جديدة، نبتت كأعشابٍ ضارة، عصفت بكل نباتاتِ الحب والجمال، التي غطَّت صحراءنا العربية، حتى أكلت كل مظاهر الجمال، وحل محلها مشاعر الكراهية التي نشرها أعداء الجمال. ** ** وقد بلغ أمر الحُب والمحبة بالعرب مبلغاً عظيماً، حتى خلّدها التاريخ، حيث انتشرت عبارة: «نحن قوم إذا عشقنا متنا».. كما وصلت بهم إلى حالات الجنون والداء، فنرى مجنون ليلى (قيس بن الملوّح) يخط قبل موته بيتين من الشعر تركهما وراءه هما: توَسَّدَ أحْجَارَ المَهَامِهِ وَالقَفْرِ وَمَاتَ جَريحَ القَلبْ مَندَمِلَ الصَّدْرِ فيَا ليتَ هَذا الحُبّ يعشقُ مَرَّةً فيَعلمُ مَا يَلقَى المُحِبُّ مِن الهَجرِ **** ونستطيع أن نقول دون تحفُّظ: «بأن الحب والجمال عند العرب» لهما مقام أسمى ومنزلة أعظم من أي أمة من الأمم. فقد ترك لنا أجدادنا مُصنَّفاتٍ على قدرٍ كبير من الأهمية، تنوّعت بين الأخبار السردية إلى دواوين الشعر الغزلي، والمُعلَّقات إلى المُصنَّفات التي تناولت الحب، بالمدح أو القدح، إلى جانب الرسائل الفلسفية والطبية التي ربطت بين العشق والجنون، والمجاميع الحكائية الإخبارية الضخمة التي تُقدَّر بالعشرات.. أي أن أبناء جزيرتنا العربية كانوا خبراء في الحب والهيام.. وفلاسفة في العشق، يصفون الداء ويضعون الدواء!! * فقُلْ لمنْ يدَّعِي في «الحُبِ» فلسفةً: (أنت فين والحب فين، ظالمه ليه دايمًا معاك)؟! #نافذة: إن الحبّ العربي ثم الإسلامي هو مثال عن الحُبّ العالمي؛ فهل رأى الحبّ تجليًّا في العالم أعظم من حب هؤلاء: المجنون لليلاه أو لبناه، وجميل لبثينة، أو الصريع للغواني..؟!
مشاركة :