أنا بخير ما دمتم بخير - نجوى هاشم

  • 1/27/2015
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

نحن نرى الصورة الجميلة دائماً أمامنا ونعتاد عليها.. نعرف تفاصيلها إجمالياً ولكن لانتوقف كثيراً في خضم الاطمئنان إلى وجودها لشرح تفاصيلها.. مثلها مثل ذلك النهر المنساب الذي يجري لتخضر الأرض وينبت الزرع.. وأنت في أمان بأن لاشيء قد يتغير طالما النهر سيظل متدفقاً.. لاتفكر في إدارة الأمر من الصورة الموازية وهي كيف نشأ النهر؟ ولماذا اعتاد الناس على جريانه بهذه الصورة البسيطة والمعتادة..؟ كان الملك عبدالله رحمه الله هو النهر المتدفق.. وهو النابض بإحساسه الفطري والإنساني والجميل تجاه الآخرين من أبنائه من الطفل إلى الرجل والمرأة الكبيرة.. عندما قابلته مع زميلاتي أتذكر م في مدينة جدة ظهر أحد الأيام كنا حوالي كاتبة وصحفية.. وعندما بدأنا بالسلام عليه واحدة واحدة استوقفنا جميعاً دون استثناء بمشاعرالأب تارة ومشاعر المسؤول عنا تارة أخرى ومشاعر القائد والإنسان.. قدمتُ نفسي فسألني كما سأل من بعدي من وين؟ قلت من جازان؟ قال ونعم.. سأل عن الأهل والمدينة وهي العاشقة له وتلك الصور والاحتفالات الجازانية للملك عبدالله لاتزال حاضرة عندما زارها وحضر إليها من زيارة في الخارج.. أتذكر أن الجوازنة خرجوا إلى الشوارع نساء ورجالا وأطفالا.. من بداية النهار.. وكانت سعادة الملك عبدالله رحمه الله واضحة على محياه.. بعد ذلك التمازج الفطري لدماثته ووده وارتياحه التام في المنطقة وإحساس المواطنين بالحب والاهتمام وسرعة الاستجابة لترجمة تلك المشاعر..!! كان عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله مهموماً بشعبه.. مسؤولا ًعنهم قريبهم وبعيدهم صغيرهم وكبيرهم.. مريضهم وفقيرهم.. ولن أتوقف سوى أمام بساطة النساء الكبيرات.. فأغلب النساء المستحقات يدعون لعبدالله ويتذكرن زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي.. والبعض وهم كُثر يسمون معونة رمضان والشتاء والأعياد.. معونة عبدالله.. إحدى النساء تقول استلمت "" العشرة آلاف حق كل سنة وحق عبدالله الله يحفظه ويطول في عمره فرحمه الله. تلك العلاقة الإنسانية الممزوجة بالصدق.. وسرعة الاستجابة لحاجتهم.. زادت من التأثير الحقيقي على الناس للارتباط به.. ولم يجد صعوبة في النفاذ إلى القلوب بسرعة شديدة.. في ظروف تاريخية تمر بها المنطقة حولنا تتغير فيها زعامات وتنتشر الفوضى ويغيب الأمن.. ويتبدد الولاء.. ويفقد الناس إحساسهم وانتماءهم لسياسات شعوبهم.. ومع ذلك ظل عبدالله بن عبدالعزيز.. مرغوباً ومقبولا ًمن شعبه ومواطنيه وحبييب الصغير قبل الكبير.. يلتقيهم حتى في لحظات تعبه فيفرح ويبتهج.. ويسعد بهم.. تطغى عليه عفويته.. وإنسانيته قبل موقعه كملك.. ارتبط الوطن بمفرداته وكلماته.. "إذا أنتم بخير أنا بخير".. "كائناً من كان" تلك العبارة التي قالها الملك بعد حادثة سيول جدة..! يلتقي المواطنين فتشعر أنه يعيش أسعد لحظات عمره يحكي معهم.. يتباسط بصدق يسألهم عن مناطقهم وأهاليهم ويثني على كل منطقة ويعطيها قيمتها من منطلق أن الوطن واحد وان اختلفت المناطق..!! توفي الملك عبدالله ولم يكن غريباً هذا الحزن عليه داخل المملكة ولكن ما يلفت هذا الالتفاف العالمي وهذه الصورة العربية والإسلامية التي نعت الملك عبدالله وعددت مناقبه وأهميته للأمة الإسلامية.. والتركيز على حكمته.. وقدرته كقائد متفرد.. فمنذ مساء الجمعة والمحطات العربية والأجنبية تواصل عرضها عن الحدث باعتباره حدثاً مهماً.. فموت قائد بحجم الملك عبدالله لا يعبر بسرعة.. بل هو حدث غير اعتيادي فهو حكيم العرب وزعيم الأمة الإسلامية ووالدهم ونموذج السلام والولاء للحق والحوار..! توفي الملك عبدالله رجل الشعب الأول والملك العادل والرحيم.. والشعبوي.. بعد أن سطر اسمه في دائرة المنجزين والباقين في صفحات التاريخ البيضاء..! رحم الله ملكنا عبدالله بن عبدالعزيز الذي ستظل أعماله شاهداً عليه.. الداخلية والخارجية والتي كرستها عروبيته الرائعة والتي تمحورت حول همه الدائم وخوفه على أمته العربية وسعيه لخيرها الدائم.. وعزتها.

مشاركة :