استنتجت مراجعة منهجية جديدة، بالإضافة إلى تحليل تجميعي لدراسات متعددة، أن القدرات المعرفية تتراجع بعد الخضوع لجراحة قلب مفتوح، أقله على المدى القصير. بفضل التطورات الثابتة التي يُحققها مجال الطب، بدأت الإجراءات تزداد أماناً وقد تعطي الناس فرصة لإطالة حياتهم. يدرك العلماء التحسّن الذي يشمل الصحة الجسدية نتيجة جراحات القلب والأوعية الدموية، ولكنهم لا يفهمون بالقدر نفسه الأثر المعرفي الذي تعطيه جراحة القلب المفتوح. سعت دراسة جديدة إلى فهم طريقة تأثير جراحة القلب في العقل. اهتم الباحثون بجراحة صمام القلب تحديداً. كانت دراسات سابقة راقبت التراجع المعرفي الذي يلي بعض أنواع عمليات القلب، ولكن لا يعرف العلماء معلومات كثيرة عن أثرها في هذه المجموعة المحددة من المرضى الذين يخضعون للجراحة. عموماً، يصيب تضيق الأبهر الناس في عمر الخامسة والستين وما فوق. نظراً إلى ارتفاع عدد الأشخاص المتقدمين في السن، من المتوقع أن تزيد حالات تضيق الأبهر بدرجة ملحوظة خلال العقود المقبلة. مع التقدم في السن، تميل القدرات المعرفية إلى التراجع، لذا سيكون فهم طريقة تأثير جراحة القلب في تلك القدرات أساسياً. لاستكشاف هذه المسألة، جمع الباحثون بيانات من 12 دراسة سابقة ثم قيّموا الأداء المعرفي لدى جميع المشاركين فيها قبل الجراحة وبعدها. في هذا التحليل، قارن العلماء أيضاً بين آثار جراحات تستهدف نوعين من صمامات القلب: الأبهري والميترالي. نُشرت نتائجهم في «مجلة الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة». اكتشف الباحثون تراجعاً في القدرات المعرفية خلال الشهر الأول بعد الجراحة. ولكنهم لاحظوا أيضاً أن قدرات التفكير لدى المريض عادت إلى وضعها الطبيعي تقريباً بعد ستة أشهر على الجراحة. كشفت دراسات خضعت للتحليل في هذه المراجعة أن القدرات المعرفية تحسنت قليلاً بعد ستة أشهر على الجراحة مقارنةً بما كانت عليه قبل الأخيرة. تأثير نوع الجراحة ذكر التحليل أيضاً أن الأداء المعرفي اختلف لدى المرضى بحسب نوع الجراحة التي خضعوا لها. سجّل الأشخاص الذين خضعوا لجراحة في الصمام الأبهري خللاً معرفياً أكثر حدة خلال الشهر الأول بعد الجراحة، بينما واجه الأشخاص الذين خضعوا لجراحة في الصمام الميترالي تراجعاً معرفياً أقل حدة. لكن خلال الأشهر الستة اللاحقة، تلاشى الاختلاف في حدة الخلل بوتيرة ثابتة وعادت القدرات المعرفية الخاصة بالأشخاص الذين خضعوا لجراحة في الصمام الأبهري إلى وضعها الطبيعي. لكن ربما لم ينجم هذا الاختلاف عن طبيعة الجراحة بحد ذاتها. قد تكون تلك الاختلافات مرتبطة بالعمر، فقد كان الأفراد الذين خضعوا لجراحة في الصمام الأبهري أكبر بتسع سنوات تقريباً من أولئك الذين خضعوا لجراحة في الصمام الميترالي. في النهاية، استنتج الباحثون أن الأفراد الذين يخضعون لجراحة في صمامات القلب يصبحون أكثر عرضة على الأرجح لتراجع قدراتهم المعرفية خلال الأشهر الأولى بعد العملية. صحيح أن القدرة العقلية قد تعود إلى وضعها الطبيعي خلال ستة أشهر، لكن يستحق هذا الموضوع بحوثاً إضافية. اعتبر الباحثون هذا الجانب من نقاط ضعف الدراسة كونهم لم يحللوا الأداء المعرفي بعد مرور فترة الستة أشهر. عوامل خطر ذكر الباحثون أيضاً أنهم لم يعرفوا ما إذا كان المشاركون في بعض الدراسات التي حللوها خضعوا لجراحات سابقة. كذلك، لم يعرف الباحثون أي أمر عن وجود أي عوامل خطر أخرى يمكنها أن تؤثر في تلك التغيرات المعرفية، مثل مستوى التعليم والدعم الاجتماعي والاكتئاب وضغط الدم وحدّة مرض القلب لدى كل مريض. لذا يأمل الباحثون بأن تُشجّع نتائجهم على إجراء تقييم معرفي روتيني قبل الجراحة لتحديد الوضع المعرفي الأصلي لكل مريض، ثم تقييم هذا الجانب نفسه بعدها لمراقبة مسار تطور الحالة. بحسب رأيهم، يمكن الاستفادة من تركيز الدراسات المستقبلية على العوامل التي جعلت المرضى الذين خضعوا لجراحة في صمامات القلب أكثر عرضة للتراجع المعرفي. ستسمح هذه الخطوة بتوجيه خيارات الأطباء حين يحاولون مساعدة المرضى وعائلاتهم في فترة التعافي.
مشاركة :