1790 يوماً مضت، ومازال مايكل شوماخر أيقونة الفورمولا -1 يطل على الحياة من نافذة الموت، وذلك منذ أن تعرض للحادث المروع أثناء التزلج فوق ثلوج جبال الألب، ويعود تاريخ الحادث الذي دخل على إثره في غيبوبة بعد ارتطام رأسه بالصخور إلى 29 ديسمبر 2013، أي قبل 5 سنوات، حيث يستقر في الوقت الراهن في مستشفى بمنزله في سويسرا، تحت رعاية فريق طبي، وبإشراف زوجته كورينا التي تضرب أروع الأمثلة في الوفاء، فقد قررت تحويل المنزل إلى مستشفى لا تنقصه أي تجهيزات، وفضلاً عن ذلك نجحت في مقاومة ضغوط الإعلام والجماهير، ليبقى شومي وأسرته بعيداً عن أي مؤثرات مزعجة قد تضاعف من محنته. وعلى الرغم من إغلاق الأبواب للإعلام، إلا أن عائلة شوماخر كشفت عن آخر حوار له كان قد أجراه في أكتوبر 2013، أي قبل أسابيع من الحادث الذي تسبب في غيبوبته، وتأرجح حالته في منطقة مجهولة بين الحياة والموت، وتفاعلت الصحافة العالمية باهتمام لافت مع ما جاء في حوار شوماخر الذي يعد واحداً من أشهر الرياضيين، وأكثر تأثيراً، فهو ليس الاسم الأشهر في عالم الفورمولا -1 فحسب، بل إنه أيقونة رياضية عالمية. شوماخر أكد في الحوار الأخير له قبل 5 سنوات، إن سر النجاح يتمثل في عدم الرضا عن النفس، حيث يجب على كل رياضي وإنسان أن يسعى لتطوير نفسه كل يوم، مشيراً كذلك إلى أن احترام المنافسين، بل والتعلم منهم يعد واحداً من أهم أسرار النجاح، وبصم «شومي» على المقولة التي تقول إن الموهبة بلا جهد وعمل لا قيمة لها، حيث يؤمن أن التدريب الجاد، واكتساب الخبرات، والتعلم من العثرات يصنع نجاح الرياضي. وفي شأن آخر يتعلق باللحظة الأروع في مسيرته الاحترافية، قال: «إنها لحظة الفوز في سوزوكا عام 2000»، وأبدى شوماخر احترامه الفائق لجميع المنافسين الذين تبارى معهم في زمن تألقه، ولكنه اختص واحداً منهم بالذكر حينما أكد أن الفنلندي الطائر ميكا هاكينن هو أكثر سائق حظي باحترامه بصورة مطلقة. كما كشف النجم الألماني الشهير عن مفاجأة كبيرة حينما قال: «إن قدوته وملهمه في عالم الرياضة هو حامي عرين الألمان في مونديالي 1982 و 1986 توني شوماخر، والذي يبلغ 64 عاماً في الوقت الحالي، وهو أحد أشهر الأسماء في تاريخ الكرة الألمانية»، ويجمعه مع مايكل شوماخر عشق كرة القدم، والمانشافت، وفريق كولن. ما اللحظة الأجمل في مسيرتك الاحترافية ؟ أول ألقابك عام 1994 أم اللقب الأول مع فيراري عام 2000 ؟ اللحظة الأكثر عاطفة في مسيرتي حينما توجت بسباق سوزوكا عام 2000 مع فريق فيراري الذي لم يكن قد حصل على أي بطولة قبل 21 عاماً من هذا التتويج، وأنا لم أتمكن قبلها من الفوز بالبطولة لمدة 4 سنوات متواصلة، الرائع في الأمر هو عدم اليأس والقتال من أجل بلوغ هذه اللحظة التاريخية، بالطبع ستظل هذه اللحظة محفورة في قلبي وذاكرتي للأبد، إنه تتويج استثنائي، وحدث لا ينسى. من هو المنافس الذي حظي باحترامك أكثر من الجميع ؟ طوال سنوات وجودي في عالم الفورمولا -1 المثير حظي ميكا هاكينن باحترامي الكامل، فقد كانت هناك تنافسية شديدة، ولكنها لم تؤثر يوماً على العلاقات القوية بيننا، وهذا هو الرائع في الأمر. هل تعتقد أن سباقات الفورمولا -1 تتطلب أعلى مستويات اللياقة البدنية ؟ الفورمولا -1 رياضة صعبة ومعقدة إلى حد كبير، بالطبع أصبحت الأمور أكثر تطوراً مقارنة بأي وقت مضى، ولكنها تظل صعبة للغاية، وتتطلب جاهزية بدنية وذهنية كبيرة، كما أنها تتطلب إعداداً خاصاً، واستعداداً كاملاً قبل خوض السباقات. هل كان هناك متسابق فورمولا 1- يمثل القدوة بالنسبة لك ؟ حينما كنت صغيراً، وفي بدايات دخولي سباقات الكارتنيج كنت أحرص على مشاهدة إيرتون سينا، وكذلك وفينسينزو سوسبيري، لقد كانا محل إعجابي الشديد، ولكن ملهمي وقدوتي في عالم الرياضة هو توني شوماخر، لقد كان نجماً كروياً أسطورياً بالنسبة لي. هل كنت تثق في قدرتك على تحقيق الأرقام القياسية ؟ أم أن ذلك كان موضع شك ؟ من المهم جداً للرياضي ألا يثق في نفسه إلى حد المبالغة في هذا الشعور، بل يجب أن تكون متحفزاً دائماً، لكي تحصل على الدافع المطلوب للنجاح في كل سباق، هذا الشعور يجعلك تبحث عن تطوير نفسك، والتطلع دائماً للخطوة المقبلة، بالنسبة لي سيطر علىَّ شعور دائم بأنني لست جيداً بما يكفي، وأنني في أشد الحاجة لمزيد من العمل والتدريب وتطوير الذات، هذا هو سر النجاح، بل إنه السر الذي جعلني بطلاً يحظى بهذه المكانة. هل يمكن اعتبار سباقات الفورمولا 1 رياضة تعتمد على الأداء الفردي ؟ في الحياة بصفة عامة، وفي كل عمل لا يمكن تحقيق نجاح لافت إلا بروح فريق العمل، حتى إذا كان الشخص جيداً وموهوباً فإنه يظل في حاجة للآخرين، وللعمل ضمن فريق، فهذا يجعله أكثر تفوقاً وقوة، والفورمولا 1 رياضة جماعية، هي ليست لعبة «ون مان شو». كيف تقارن بين فترات وجودك مع بينيتون وفيراري ومرسيدس ؟ مع فريق بينيتون كانت المهمة الأساسية هي تكوين هذا الفريق وتطويره ثم الفوز بالبطولة، ونجحنا في تحقيق ذلك، ثم حظيت بفرصة تكرار هذه التجربة الرائعة مع فيراري، وبعد الانتقال إلى مرسيدس حاولت فعل ذلك أيضاً في فترة زمنية أقل، ويظل هناك عامل مشترك بين جميع هذه التجارب المثيرة، وهو روس براون الذي نجح بكفاءة كبيرة في إدارة هذه الفرق. هل ترى أن تحليل أداء المنافسين أمر مهم للسائق الطامح للفوز بالبطولات ؟ تعلمت في عالم الفورمولا 1 بأن المتسابق الذي يطمح للذهاب بعيداً وتحقيق النجاحات، يجب عليه أن يتابع ويحلل 3 أشياء، وهي السيارة بتفاصيلها كافة، والسائق المنافس، وكذلك النظر إلى الذات، بل يجب متابعة أداء السائقين كافة، وليس من يتصدرون السباقات فقط، أعتقد أن لكل متسابق خاصية يتمتع بها، ومن ثم يتوجب أن أتعلم وأستفيد من الجميع. لماذا تعد سباقات الكارتينج هي مدرسة التعليم الأكثر أهمية ؟ إنها المدرسة التي يتعلم فيها من يرغبون في اقتحام عالم سباقات السيارات، وهي المكان الأول الذي يبرهن فيه السائقون على تمتعهم بالموهبة المطلوبة للبقاء في رياضة سباقات السيارات، ولكن يجب اكتساب مهارات أخرى، وتطوير بعض الجوانب المهمة لكي يصبح السائق محترفاً فيما بعد. يرى البعض أن الموهبة وحدها قد تكون كافية لبلوغ القمم، كيف ترى ذلك ؟ الموهبة في سباقات السيارات مطلوبة بشدة، ولا يمكن إغفال أهميتها أو تأثيرها، هذا ينطبق على سباقات السيارات وغيره، إلا أن التدريب، والعمل على تطوير الذات واكتساب الخبرات في كل يوم يجعل الموهوب سائقاً مرشحاً للفوز بالسباقات.
مشاركة :