لم تعد دوائر سياسية تُخْفي أن «حزب الله» الذي يُمْسِك بـ«مفاتيح» الحرب والسلم في لبنان ويتحكّم عبر «صواريخه الدقيقة» بـ«أزرار» طمْأنة اسرائيل أو تهديد أمْنها الاستراتيجي، يحتاج في ملاقاة أقسى مرحلة من تضييق الخناق على طهران وعليه عبر العقوبات الأميركية الى ورقة ضغطٍ إضافية تسمح له بالسير في «حقل الألغام» الأكثر خطورةً متفادياً «الضغط على الزناد التفجيري» (مع اسرائيل) الذي لن يكون هذه المَرة إلا على طريقة «يا قاتل يا مقتول»، وفي الوقت نفسه بما يفتح أمامه باب مقايضاتٍ على مجمل الواقع اللبناني وإدارة السلطة فيه وتوازناته وحتى... نظامه السياسي.وفي رأي الدوائر السياسية أن الأزمة الحكومية التي «افتعل» حزب الله عقدتَها الأخيرة تحت عنوان توزير السنّة الموالين له «أو لا حكومة» وتَعاطيه مع الرئيس المكلف سعد الحريري بمنْطق «الفرْض» وتقديمه هذه العقدة بطريقةٍ تجعل أي سيرٍ للحريري بـ«دفتر شروط» الحزب على أنه بمثابة «انتحارٍ سياسي»، كل هذا يعكس رغبةً بعدم ترْك أي مجالات لتراجعاتٍ تسْووية يمكن أن تُنْهي حال «تعليق» لبنان على «حبال» الحكومة... المعلَّقة.وترى هذه الدوائر أن «حزب الله» حيّد نفسه عن الحركة المفاجئة من رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي عَمَدَ، مفوَّضاً من الرئيس ميشال عون، الى النأي بنفسه عن «إطار الحلّ» لتلك العقدة وأوحى بـ«قفْل» حصّة عون على قاعدة انتزاع الثلث المعطّل من خلال التراجُع عن مبدأ المبادلة مع الحريري واسترجاع الوزير المسيحي من حصة الرئيس المكلف مقابل إعادة الوزير السني السادس إليه بحيث يكون هو المدخل لتمثيل السنّة الموالين لـ «حزب الله».وحسب الدوائر نفسها، فإن «حزب الله» الذي لا يريد أصلاً تسليم فريق عون الثلث المعطّل يدرك تماماً ان طرْح باسيل وُلد ميتاً، طارحة علامات استفهام حول إذا كان الحزب سيُبقي لعبة «عض الأصابع» ضمن حدودها الراهنة أم أنه قد يلجأ وفق «المقتضيات الاقليمية» الى قلْب الطاولة على الحريري عبر حشْره في زاوية الإحراج، للإخراج. وفيما استوقف هذه الدوائر الإشارات المتزايدة من زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط التي «تصوّب» على النظام السوري وإيران وآخرها تغريدة انطلق فيها من قيام إحدى شركات الخلوي بوضع نغمة النشيد الوطني على الهواتف المحمولة «في عيد ما يسمى الاستقلال» ليقول «على أمل ألا تفرض علينا العام المقبل نشيد القتل نشيد البعث السوري أو نشيد جمهورية الفرح، عنيت الجمهورية الإسلامية الايرانية»، كان لافتاً أن النواب السنّة الموالين لـ«حزب الله» طلبوا عبر النائب عبدالرحيم مراد موعداً للقاء الحريري لبحث عقدة توزيرهم.وفيما يسود اقتناعٌ بأن الحريري لن يعمد بأي شكل الى استقبال هؤلاء كـ«مجموعة»، لوحظت مواقف داعمة للرئيس المكلف من مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو الذي اعتبر «ان النواب السنّة المستقلين أثبتوا انهم غير مستقلين، وانه جيء بهم ليشكلوا فريقا معادياً لأهل السنّة»، فيما أعلن الرئيس السابق للحكومة تمام سلام أن لا إمكان لاعتذار الحريري عن التأليف «فنحن معه ونحمّله المسؤولية والاعتذار ليس ملكه. واذا وصلنا لهذه اللحظة فستكون لدينا أزمة أكبر».
مشاركة :