انتخابات 2014.. استكمال لمسيرة الديمقراطية البحرينية التي تتكلّل بالنجاح

  • 11/24/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اكتسبت انتخابات مجلس نواب 2014 أهمية خاصة، فإضافة إلى أنها اُعتبرت استكمالا لمسيرة الديمقراطية البحرينية، وتأكيدا على عدم النكوص عن الوفاء باستحقاقاتها، ومواجهة التحديات التي تفرضها، وعدم التراجع عن تعزيز مقوماتها ودعائمها رغم أخطاء الممارسة الناجمة عن عدم خبرة بعض الأطراف والقوى السياسية، فإنها كانت مع كل ذلك بمنزلة أول استفتاء شعبي عام على نجاح الدولة في التعاطي مع الأحداث التي مرت بها عام 2011، بل وتجاوز تداعياتها. ويفسر هذا النجاح بجملة من التحركات المتوازية التي قامت بها الدولة وأجهزتها المختلفة بتوجيهات سامية وسديدة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى الذي بتوجيهاته ورؤية جلالته الثاقبة دائما يجدّد العهد، بمواصلة البناء على ما تحقق من المشروع الإصلاحي الشامل الذي تبناه جلالته نهجا، والالتزام بمتطلباته، ومن بين هذه التحركات: أولا: مواجهة استحقاقات المرحلة، وذلك بموجب التعديلات الدستورية التي تمت عام 2012 وتفعيل الحياة البرلمانية التي جاءت محصلة لنتائج حوار التوافق الوطني الذي كان جلالته قد دعا إليه في أوائل يونيو 2011، وجدد مرارا وتكرارا التمسك به والالتزام بنتائجه، وذلك في 2 يوليو 2011 وفي 10 فبراير 2013 ثم في 15 يناير 2014، انطلاقا من قناعة جلالته الراسخة بضرورة استكمال المسيرة الديمقراطية، والوقوف بحسم أمام أي محاولات لإفشال عملية الانتخابات، وحق الرأي العام في التعبير عن نفسه وحق الشعب في اختيار من يمثله. ومع إيمان جلالة الملك المفدى الكامل بدور السلطة التشريعية آلية ضرورية ورافعة مهمة في تطوير الحياة السياسية، وقناعته المطلقة بأهمية المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، وبمبدأ التوافق مبدأ لم تحد عنه البحرين أبدا، كلف جلالته صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بقيادة جولة جديدة من الحوار الوطني، بدأت في منتصف يناير 2014، وذلك لتأكيد نهج البحرين المسؤول في تبني الديمقراطية الحقيقية خطا ومسارا للبلاد رغم محاولات المؤزمين وقف مسيرة التطور وظهور دعوات في تلك الفترة لمقاطعة انتخابات 2014. وقد شكلت هذه الدعوة للحوار والنتائج التي أسفر عنها نموذجا فريدا رسمت به البحرين ملامح جديدة لمشروعها الإصلاحي الشامل الذي قاده حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بحنكة طوال العقد ونيف الفائتين، سيما في مواجهة أولئك الذين تورطوا في أحداث 2011، وأذرعهم وامتداداتهم، وحاولوا طوال السنوات الأخيرة عبر وسائل الترويع والتخويف التأثير على مسيرة هذا المشروع وتهديد النجاحات التي حققها. وكانت التعديلات الدستورية التي أقرت قبل التجهيز لانتخابات نواب 2014 قد جاءت عقب إعلان سمو ولي العهد نجاح جولة الحوار الوطني الأخيرة والتوافق الشعبي على مخرجاتها في سبتمبر 2014، وقد عززت هذه التعديلات المتوافق عليها من الصلاحيات التشريعية والرقابية للمجلس النيابي المنتخب، ووضعت معايير وضوابط لضمان تعيين ذوي الخبرة والاختصاص والكفاءة الوطنية في مجلس الشورى، ما أعطى لمجلس النواب دورا أكبر في الحياة السياسية في البلاد، وبالتالي أدرك المترشح والناخب أهمية التفاعل مع المجلس الجديد بالصلاحيات الجديدة التي تحصل عليها. ومن بين أهم التعديلات التي أقرت في هذه الفترة أيضا بهدف تأكيد عودة الحياة النيابية والسياسية عموما إلى مسارها الطبيعي: جعل الحق في الانتخاب لمن يبلغ من العمر 20 سنة، وذلك ضمن تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي أسهم في زيادة حجم الكتلة الانتخابية، وتم تقليص عدد المحافظات إلى 4 مع توزيع مقاعد (الوسطى) على المحافظات الـ4 الأخرى، وبقيت مقاعد مجلس النواب الأربعين كما هي. ثانيا: الشروع في تدشين مرحلة جديدة من مراحل البناء الدستوري والمؤسسي للدولة، وذلك انطلاقا مع الأجواء والترتيبات التي صاحبت الإعداد لجولة انتخابات نواب 2014 التي أجريت جولتها الأولى في 22 نوفمبر والإعادة في الـ29 منه بمشاركة 349.713 ألف ناخب، وهو ما يعني زيادة الكتلة الانتخابية عن بقية الانتخابات السابقة. وقد أسفر ذلك عن زيادة في عدد المترشحين الذين خاضوا سباق المنافسة للوصول إلى المقعد النيابي، إذ بلغوا 266 مترشحا من بينهم 27 مترشحا فقط لـ9 جمعيات سياسية، ومنهم 35 مترشحة نيابية وبلدية من أصل 419، أي بنسبة 8% من نسبة المترشحين (فازت 3 منهن بمقاعد نيابية بنسبة 8% من مقاعد المجلس). وكشفت هذه المؤشرات، إضافة إلى نسبة المشاركة التي وصلت إلى 52.6% من مجموع الكتلة التصويتية، عن حجم الثقة التي أولاها الشارع للإجراءات التي اتخذتها الدولة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، ووعي الرأي العام بتعافي الأجهزة المعنية لخوض رابع سباق انتخابي في تاريخ المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، وأنه من المهم ألا يتخلف أحد في هذه الفترة عن الركب، إذ واصلت المسيرة الديمقراطية البحرينية خطواتها الحثيثة لضمان حياة آمنة ومناخ مستقر يتمتع فيه كل القاطنين فوق هذه الأرض الطيبة بحقوقهم وحرياتهم. وقد استتبع ذلك العديد من التطورات في البنية الدستورية والقانونية والحقوقية للمملكة، وذلك بالنظر إلى جملة من التشريعات والقوانين التي أُقرت في هذه الفترة، وأضفت قيمة كبيرة على مجمل مسار العمل السياسي بالبلاد، وليس النيابي فحسب، ومن ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- الأمر الملكي رقم 28 لسنة 2012 والأمر الملكي رقم 7 لسنة 2013 والقانون رقم 26 لسنة 2014 بخصوص المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتطوير آليات العمل بها، وكذلك المرسوم رقم 61 لسنة 2013 بإنشاء المفوضية المستقلة الخاصة بحقوق السجناء والمحتجزين، وعُدل بالأمر الملكي رقم 13 لسنة 2014. وتبدو أهمية هذه المؤشرات الإيجابية الدالة بالنظر إلى طبيعة الأجواء التي صاحبت إجراء انتخابات 2014، إذ لوحظ وقتها ارتكاب بعض جرائم التخريب والإرهاب، علاوة على تصاعد الدعوات إلى المقاطعة التي انطلقت أبواقها من الخارج تحديدا، واستهدفت منع الناس من حقوقهم في المشاركة، واستخدام أصواتهم بالشكل الذي يرتأونه، وعرقلة السير في الشوارع لمنع الناخبين من التوجه إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم. ثالثا: نجاح التجربة السياسية عموما والانتخابية بشكل خاص، والوفاء بمتطلباتها والاستحقاقات التي تفرضها، ولعل أكبر دليل على ذلك أن تجربة انتخابات نواب 2014 لم يستطع أي من المترشحين خلالها الفوز بأي من مقاعدها من الجولة الأولى سوى في 6 دوائر فحسب، والباقي اُضطر إلى دخول جولة الإعادة للتنافس على 34 مقعدا متبقية، وقد عكس ذلك حجم وقوة واحتدام المنافسة بين المترشحين في هذه الانتخابات مقارنة بغيرها من الدورات الانتخابية السابقة، ورغبة الناخبين في المشاركة بفاعلية، وذلك بغرض إيصال أفضل المترشحين لديهم القادرين على تمثيلهم والتعبير عنهم بعيدا عن ضغوطات وابتزازات بعض الجمعيات وفتاوى المقاطعة التي تم تداولها في تلك الفترة، ومع هذه المنافسة المحمومة على مقاعد نواب 2014، شهدت تركيبة المجلس تغيرا كبيرا بغض النظر عن الأداء، وهو أمر نسبي تباينت بشأنه آراء المراقبين، إذ تغير نحو 75% من تركيبة المجلس، وهي أعلى نسبة تغيير لمجلس النواب منذ بدء التجربة النيابية في العهد الإصلاحي عام 2002، إذ جاءت نسبة التغيير في عام 2006 بنحو 70%، ونحو 42.5% في مجلس 2010.

مشاركة :