بيروت - رغبة منها في إحداث حراك منظّم بين الفعاليات السينمائية المختلفة في لبنان، شكّلت السينمائية اللبنانية زينة صفير مع مجموعة من السينمائيين الجادين، جمعية “بيروت دي.سي” التي تُعنى بتوفير كل الشروط لإيجاد وضع سينمائي أفضل في لبنان ومن ثمّ في الوطن العربي. زينة صفير سينمائية لبنانية، درست السينما أكاديميا في لبنان وقدّمت على امتداد سنوات مسيرتها الفنية 12 فيلما وثائقيا، وأوجدت لنفسها مكانة فنية خاصة، وهي التي تمتلك طموحات متفرّدة في السينما، حيث ترى أنه لا بد من النظر إلى السينما من منظور مختلف، فهي ليست فنّا فحسب بل هي عالم فسيح يمكن أن نحقق من خلاله الكثير من المكتسبات على مساحة الوطن العربي كله. وعن آفاق هذه التجربة ونشاطاتها وأهدافها التقت “العرب” المخرجة السينمائية زينة صفير، فسألتها عن عملها في إدارة المهرجانات، وكذلك الإعلام وتأثير ذلك على كونها مبدعة سينمائية أساسا، فقالت “يمكن أن يظن البعض أن هذه النشاطات هي متاهات تعيق المخرج السينمائي، لا أعتقد أنها كذلك، عندما قمنا بتأسيس الجمعية الثقافية ‘بيروت دي.سي’ مع مجموعة الأصدقاء الذين في معظمهم من السينمائيين، كان إيمانا منا بالقيام بتحسين احتياجاتنا كمخرجين في هذه المدينة تحديدا والمنطقة عموما”. وتضيف “العمل التنظيمي نبع من الحاجة، وأعتقد أنه رغم لحظات الإحباط في بعض الأوقات، إلا أننا استطعنا تأسيس حركة جادة في المدينة والمنطقة، فالهدف كان تحسين الذوق العام ونشر الصورة التي تنبع من مجتمعاتنا، نحن مجموعة ملتزمة، امتلكت منذ البدء رؤيتها ومبادئها التي لم تتخلّ عنها يوما، وثابرنا على العمل بشكل طوعي، لم يقف أمامنا أي حاجز ونحن سنستمر رغم كل المصاعب التي قد تواجهنا”. سينما غير تجارية تستمر “بيروت دي.سي”، رغم كل المصاعب المادية، كما تؤكد زينة صفير، في تنظيم مهرجان السينما العربية “أيام بيروت السينمائية”، وهي تستعد الآن لتنظيم الدورة العاشرة من المهرجان الذي ينتظم مرة كل عامين، كما تم في العام 2015 إطلاق “ملتقى بيروت السينمائي”، وهي منصة للإنتاج المشترك لديها شركاء ونشاطات أخرى. والمخرجة اللبنانية عضو مؤسس أيضا في جمعية “ميتروبلس”، التي أسست لفكرة صالة تحتضن السينما غير التجارية، كما تستضيف جميع الأنشطة الثقافية وتحتضن المخرجين وأفلامهم وتعطيهم مساحة لعرض الأفلام بالإضافة إلى نشاطات الجمعية العديدة، كما أطلقت صفير مؤخرا بمعية صديقتها هانية مروة “سينماتيك بيروت”. وعن عملها الشخصي كمخرجة سينمائية، تقول “على الصعيد الشخصي أنا موجودة كلما دعتني الحاجة الإبداعية، فعندما يكون لديّ ما أقوله، أقوم بصناعة فيلم، ولديّ الآن 12 فيلما وثائقيا، وأحضّر لمشروعي الجديد ‘سكوت السهل’ ومن ثمة ‘رياق’ (مسقط رأس أمها) فـ’سكك الحديد’، والأول هو واحد من ثلاثية تقوم على البحث في الذاكرة والتاريخ اللبناني الممّحي، أما المشروع الأخير فهو يبحر في المنطقة كلها، عبر قصص شخصية، حيث نرحل من القصة الشخصية إلى تاريخنا عامة”. "بيروت عالموس" استغلت فيه صفير مهنة أبيها كحلاق وما يعرفه عن زبائنه من قصص، فصنعت فيلما مزج بين الشخصي والعام"بيروت عالموس" استغلت فيه صفير مهنة أبيها كحلاق وما يعرفه عن زبائنه من قصص، فصنعت فيلما مزج بين الشخصي والعام وفي فيلمها الشهير “بيروت عالموس”، ذهبت السينمائية زينة صفير إلى تجربة متفردة، حيث استغلت معرفة والدها بالكثير من قصص الحياة السياسية اللبنانية من خلال عمله بصالون حلاقة في مدينة بيروت، وارتياد معظم رجالات السياسة في لبنان إليه، وبالتالي معرفة تفاصيل النشاط منهم، فصنعت فيلما فيه الشخصي والسياسي العام في آن معا. وعنه تقول “بيروت عالموس ليس مختلفا كسياق عن الثلاثية التي أعمل عليها اليوم، هو في المنحى ذاته، حكايات أبي وحكمته في سرد القصص والعمق الفكري والسياسي لديه ومعرفته لمجتمعنا، هي التي أعطتني الوحي للقيام بتنفيذ هذا الفيلم، كان عفويا، كما اللغة التي استعملتها في صناعته”. وبحكم عملها كمديرة فنية لمهرجان أيام بيروت السينمائية، تشاهد زينة صفير الكثير من الأفلام العربية والعالمية، وبالتالي امتلكت خبرة واسعة واطلاعا هاما على السينما العربية بمختلف أشكالها، وعن ذلك تسألها “العرب” حول رأيها في مستقبل السينما العربية سواء من حيث الإنتاج أو شبكة المهرجانات، فتبيّن “بحكم عملي كمديرة فنية لمهرجان أيام بيروت السينمائي، أشاهد في بعض الأوقات المئات وليس العشرات من الأفلام، وممّا لا شك فيه أن السينما العربية تسير على خطى التطور، وصناديق الدعم والمهرجانات التي أقيمت في الخليج ساهمت في ذلك وساعدت على تطوير الإنتاج، أنا حزينة اليوم لأن بعضها توقف ولم يستمر، ولكن المستقبل يحمل شيئا مبشّرا بوجود مهرجانات جديدة، كمهرجان الجونة ومهرجان مراكش”. وتأمل صفير في أن تستمر هذه المنصات السينمائية، وأن تهتم الحكومات العربية بهذه النوعية من النشاطات، فتقول “بواسطتها تكون أكثر قدرة على تحقيق نشاطات تكون لها أبعاد إيجابية على فكر المشاهد والمواطن العربي، أهمية المهرجانات تكمن في تطوير الفكر والذوق العام للناس، وعندما يرتقي الذوق العام ويتقدّم الفكر، فإنّ ذلك يعني التطور في كل شيء، النضوج والوعي السياسي والاقتصادي إلخ..”. سلاح حضاري عن قدرة السينما على التغيير في خضم الحالة السياسية المضطربة التي تعاني منها المنطقة، ترى زينة صفير أن “للسينما دورا فعالا جدا، لو نعلم أهميتها وكيفية استعمالها لتحوّلت إلى سلاح حضاري، يعمل على تطوير الفكر والإنسان، وهي سلاح لا يقتل الأرواح، بل ينعشها، هكذا أقدّم لهم السينما، هي من جهة تحمل قيما فكرية وثقافية كبرى، كما أن فيها أهمية اقتصادية إذا تمّ التعامل معها كصناعة”. وتختم بقولها “سينما هوليوود مثلا تساهم في الاقتصاد الأميركي من خلال خلق فرص عمل ليس فقط للفنانين وإنما للأطباء كمستشارين في الكتابة والمهندسين في إنشاء الديكورات والمحامين في إبرام العقود وأيضا في الكتابة، كذلك تساهم في عدد من الحرف الفنية كالنجارين والحدادين والكهربائيين وكل الصناعيين في فنّ الديكور، كذلك هي تنعش السياحة، فإذا ما أتى فريق عمل من الخارج للتصوير في بلداننا العربية تنتعش الفنادق والنقل الخاص والمطاعم وشركات التأمين والمصارف.. السينما عالم يستحق أن نخوضه بجدية في عالمنا العربي”. المخرجة اللبنانية اختصت في إنتاج الأفلام الوثائقية التي تحكي عن هموم المواطن العربي السياسية والاقتصادية والاجتماعية
مشاركة :