في روايتها الصادرة أخيراً عن الدار العربية للعلوم- ناشرون في بيروت، والتي حملت عنوان الستّ زبيدة، تسعى الكاتبة الفلسطينية نوال حلاوة إلى تجسيد ذاكرة الوطن الفلسطيني، اجتماعياً وسياسياً وإنسانياً. وذلك، من خلال طرحها نصّاً عميقاً يستقرئ مراحل القضية الفلسطينية، وجوداً وهوية. بدءاً من الغلاف الذي هو لوحة للفنان الفلسطيني الدكتور جمال بدوان، تتألق الابتسامة المشرقة للفلّاحة الفلسطينيّة بعينيها الواسعتين، وهي تقف أمام شجرة البرتقال اليافاوي، وترتدي الثوب التراثي المزخرف، في تعبير عن إبراز التحدّي من جهة والتركيز على أصالة الشعب الفلسطيني من جهة ثانية. وفي باكورة أعمالها الروائيّة، توثّق حلاوة للأسى الفلسطيني قبل النكبة وبعدها، بخلفية ناعمة، هي خلفية الستّ زبيدة، بطلة الحكاية، وحاملة حبل الحكي، تقطعه حيناً وتعيد ترتيقه أحياناً، لتقدّم للقارئ حكاية الشتات الفلسطيني والمعاناة والقهر، مع التمسّك بالحلم لـشعب اعتاد أن ينهض من قلب الرماد، ليحلّق من جديد. ويافا هي مكان الشهقة الأولى والدهشة الأولى، الذي لا بدّ سيتعرّف إليه جيداً قارئ الرواية، عن طريق تلك التي لم تُسمَّ زبيدة أو الستّ زبيدة هكذا بلا هدف، ولكن نتيجة رؤيا حلمية من والدها التاجر، ولإعجابه الشديد بزبيدة زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، وكيف شهد زفافها إليه في الحلم، واضطرب من فخامته واستيقظ بعد ذلك على أنين زوجته التي كانت في لحظة المخاض، حيث ولدت زبيدة في ذلك اليوم.
مشاركة :