(جبين البقاء) مجموعة نصوص أدبية, صادرة حديثاً عن (الدار العربية للعلوم ناشرون) ببيروت, وبالاشتراك مع (نادي جازان الأدبي) للكاتبة السعودية /نجوى عباس عقيل. ومن يقرأ هذه النصوص يجد أنها – من حيث تجنيسها الأدبي – أقرب ما تكون للخواطر, القائمة في لغتها وأسلوبها على النجوى ومخاطبة النفس والخلوة إليها والحوار المفرد الداخلي. وهناك خواطر أخرى تجاوزت هذا الإطار الذاتي, وحملت طابعاً ذا خصوصية معينة, وكانت شبيهة برسائل شخصية, توجهت بها الكاتبة/ المؤلفة لوالدتها ووالدها وبعض أفراد أسرتها, وبعض الأماكن التي عاشت فيها, وألفتها لسنين طويلة, كمدينة (الرياض)! غير أن تلك الخواطر التي اعتمدت على (ذاكرة الماضي) أو الحنين إليه, كما أطلق عليه علماء النفس اسم (النوستالجيا) كمصطلح يعني الحنين إلى الماضي كانت - فيما يبدو لي- هي من أفضل النصوص التي ضمها هذا الكتاب, وقد جاء ترتيبها وموقعها من الكتاب في الصفحات الأولى منه, مثل تلك الخاطرة المعنونة بـ (كانت لنا نوادينا) وخاطرة (كبرياء مسافر) وخاطرة (عنفوان الأيام) وخاطرة ( عندما أخلو بقلبي) لكونها خرجت من الخصوصية الضيقة, لتكون أوسع أفقاً وأسمى معنى لمخاطبتها النفس البشرية, وانطلاقها عبر فضاءات رحبة, تحاور الوجود الإنساني في الحياة, وعلاقته بالكون والمخلوقات من حوله! وهذه بخلاف تلك الخواطر التي جاءت في الجزء الأخير من صفحات الكتاب, حيث نلاحظ تراجعها عن هذه الصفة الشمولية, لتكون محصورة في إطار شخصي محدد, لا تتجاوز أبعاده أشخاصاً معينين, ولا يتعدى موضوعه حدود العلاقات الشخصية الرابطة بين مثل هؤلاء الأشخاص. وأتساءل هنا قبيل ختام حديثي عن هذا الكتاب – وتحديدا – حول عنوانه (جبين البقاء) ... ماذا يعني؟ وهل كانت الكاتبة موفقة – فعلا – في اختيار هذا المسمى لإصدارها؟ والى أي مدى؟ لكن سأترك الإجابة للكاتبة نفسها وللقراء, فلعلهم يستطيعون تفسيره بما يناسب محتواه, حيث أعتقد أنه لا بد أن تكون هناك علاقة بين (الحاوي والمحتوى) رغم غرابة هذا الاسم أو المسمى كعنوان لهذا الكتاب, ومفارقته لمادته إلى حد كبير, على الرغم من أن ذلك لا يتنافى مع كون هذا العمل عملاً أدبياً جيداً!! حمد حميد الرشيدي
مشاركة :