بدأ نجم سياحة المغامرات يسطع في منطقة الشرق الأوسط، وينافس بقوه الأنشطة السياحية التقليدية، في ظل الإقبال الكبير عليها من جانب محبي المغامرة الذين يبحثون عن فسحة جديدة ومثيرة، تزامنا مع حملات الترويج لهذا الرافد الجديد على الساحة العربية، وفي مقدمتها مصر. سانت كاترين (مصر) – إذا كنت من محبي المغامرة والتطلع إلى كل ما هو شيق وجديد، فأنت على موعد مع تدشين مصر لحملات ترويجية واسعة لسياحة المغامرات، التي ظلت بعيدة عن الساحة الرسمية وكانت تنظم بشكل غير رسمي من خلال أفراد لسنوات طويلة. وشجع الأمن الذي يسود مصر الآن الكثير من الراغبين في المغامرة، والتي تجد مع بدايات فصل الشتاء إقبالا كبيرا، لذلك تستعد العديد من الشركات لتنظيم رحلات من هذا النوع. وتشمل سياحة المغامرات تسلق الجبال والتخييم في الصحراء والسير في الوديان، وركوب الأمواج والغوص المفتوح في أعماق البحار ورحلات السفاري والصحراوية والتزلج على الكثبان الرملية والجليد وغيرها من الأنشطة غير التقليدية. وطرحت القاهرة هذا الرافد الجديد لتنشيط قطاع السياحة واستهدف فئات جديدة من السائحين، بعد أن رصدت تقديرات منظمة السياحة العالمية أن حجم سياحة المغامرات في منطقة الشرق الأوسط سوف يصل لنحو 149 مليون سائح بحلول 2030. مصر تمتلك مقومات تجعلها منافسا في سياحة المغامرات، حيث أهدتها الطبيعة تلالا جبلية بالبحر الأحمر وفي الواحات البحرية والمحميات الطبيعية وعملت مجموعة من الشباب العربي على تأسيس أول ناد لسياحة المغامرات يحمل اسم “مسارات” يتبع هيئة السياحة السعودية، وأعضاؤه من دول عربية مختلفة، يجمعهم هدف واحد هو حب الطبيعة وروح المغامرة. وقام أعضاء النادي بتدشينه مؤخرا من أعلى قمة في جبل سانت كاترين في سيناء على ارتفاع 2641 مترا فوق سطح البحر، بعد أن نجحوا جميعا في تسلقه. وتنتشر هذه السياحة في دول عربية كثيرة وتلقى رواجا كبيرا لدى قطاع كبير من الشباب، وهو ما ساهم في زيادة التعريف بها، وتحولت إلى طقس مهم في دول مثل الإمارات والسعودية والمغرب والجزائر. وتمتلك مصر مقومات تجعلها منافسا في سياحة المغامرات، وأهدتها الطبيعة تلالا جبلية بالبحر الأحمر، تحديدا في شرم الشيخ والغردقة والقصير وسفاجا ومرسى علم، وفي الواحات البحرية بالداخلة والخارجة وسيوه في الصحراء الغربية، إلى جانب رحلات السفاري والغوص المفتوح في المحميات الطبيعية في البحار والجبال. وتندرج رحلات السفاري بالدرجات النارية في عمق الصحراء ضمن سياحة المغامرات التي تلقى قبولا وتتم بالتوازي مع رحلات السياحة الشاطئية، لكنها تتم في إطار محدود وتقتصر فقط على سياحة التخييم في الصحراء البيضاء. وتتزايد مدارس تعليم تسلق الجبال في القاهرة، وأشهرها مدرسة دير القديس سمعان الخراز بمنطقة المقطم بوسط القاهرة، وافتتح ماريو، الكندي الجنسية من أصل بولندي، مركزه لألعاب الحبال وتعليم تسلق الجبال ولاقى إقبالا كبيرا من محبي هذه الرياضة. جبل موسى يستقبل عشاق مغامرات السفاري الجبليةجبل موسى يستقبل عشاق مغامرات السفاري الجبلية ويعتبر جبل المناجاة أو جبل موسى، مغامرة روحانية في جنوب سيناء ووجهة لعشاق تسلق الجبال، وهو من الأسماء التي يشتهر بها الجبل الذي تجلى الله على نبيه موسى عليه السلام في جنوب سيناء، وبات رمزا يجمع أتباع الديانات السماوية الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية، وقبلة لعشاق تسلق الجبال وعشاق مغامرات السفاري الجبلية. وتتطلب رحلة جبل موسى إعدادا وتجهيزا مسبقين، لأنك يجب أن تكون مقيما في أحد الفنادق القريبة من منطقة سانت كاترين، سواء في شرم الشيخ أو دهب أو طابا. ويجب أن تقوم بالحجز مع مرشد سياحي يعرف دهاليز الجبل جيدا، وتبدأ الرحلة في منتصف الليل على وعد باللقاء على القمة في انتظار لحظة شروق الشمس وهي تغمر سلاسل الجبال بنورها. ويبلغ ارتفاع جبل موسى 2285 مترا، وبالقرب منه جبل سانت كاترين بلونه الأخضر، فهو أعلى قمة في مصر ويبلغ ارتفاعه 2641 مترا فوق سطح البحر. ويستغرق تسلق الجبل نحو 6 ساعات، تنخفض درجات الحرارة إلى الصفر على القمة، كما تتساقط الثلوج أحيانا، ويتطلب الوصول إلى القمة، السير لمسافة تبلغ نحو 7 كيلومترات، بالإضافة إلى صعود ما يزيد على 750 درجة سلم صخري. وقال أحمد الخادم رئيس هيئة تنشيط السياحة الأسبق، إن سياحة المغامرات تستهدف الفئة الشبابية التي تتراوح أعمارها بين 20 و40 عاما، وهذه الفئة العمرية هي الأعلى توافدا إلى مصر خلال الفترة الراهنة، ومن ثم يجب على وزارة السياحة الاهتمام بهذا النمط السياحي. وأضاف الخادم لـ”العرب” أن مصر لديها مقومات نجاح سياحة المغامرات، لتوافر الصحاري المصرية والواحات، حيث بها القمم الجبلية الخلابة في محافظة جنوب سيناء وترتبط بأماكن سياحة أثرية ودينية، فضلا عن توافر البحار والشعاب المرجانية وأماكن الغوص. رهان على الصحراء أيضارهان على الصحراء أيضا ويزيد معدل إنفاق سائح المغامرات عن السائح العادي، ويصل في المتوسط لنحو ثلاثة آلاف دولار، الأمر الذي يعد رافدا سياحيا قويا يعزز موارد البلاد وينشط القطاع. وأوضح الخادم أن المعوقات التي تواجه سياحة المغامرات في مصر حاليا، وجود حظر على مناطق محددة في سيناء، بسبب المخاوف من العمليات الإرهابية، خاصة في الصحراء الغربية، ولكن يمكن التغلب على ذلك من خلال التصاريح، والتنسيق بين وزارتي السياحة والداخلية والجهات المعنية، بهدف تأمين السائح، حتى لا تقع آثار سلبية تسيء إلى مصر. وتحتاج الشركات المتخصصة في هذا النوع من السياحة ضمان المعايير اللازمة لحماية السائحين، بالتعاون مع وزارة السياحة، خاصة أن سياحة المغامرات تنطوي على مخاطر كبيرة في أحيان كثيرة. وأكد عطية طنطاوي أستاذ الجغرافيا بجامعة القاهرة، أن أفضل الأماكن الملائمة لهذا النمط، هي محافظة جنوب سيناء، وهي تتمتع بأراض صحراوية وسلاسل جبلية، ولا توجد منطقة في العالم مثل جنوب سيناء، حيث تضم البحر والجبل والصحراء والسهول في ذات الوقت، بجانب الهواء النقي والثلوج التي تعلو الجبال في فصل الشتاء. وأشار طنطاوي لـ”العرب” إلى أن شرم الشيخ لا تزال من أبرز الأماكن في جنوب سيناء الملائمة لسياحة المغامرات، لا سيما منطقة رأس محمد، ورأس أم سيد، وشعب المحمودات، ومنطقة نبق، حيث تتميز بإمكانية الغطس، بالإضافة إلى منطقة دهب التي تتميز بممارسة ركوب الأمواج وتسلق الجبال والقفز من المظلات. ومن أهم الدول العربية المنافسة لمصر في هذا النمط السياحي، دول المغرب العربي، حيث بها جبال الأطلس التي تمتد في الشمال الغربي لقارة أفريقيا بكل من المغرب والجزائر وتونس، حيث تتميز بالأودية الجافة، علاوة على وجود البحر المتوسط. وتمتلك مصر العديد من المقومات للارتقاء بسياحة المغامرات، لكن المعوق الأكبر هو التسويق، نتيجة تركيز القاهرة على السياحة الشاطئية والثقافية، وقد بدأت الحكومة تلتفت لأهمية هذا المجال لأنه قابل لأن يكون أكثر رواجا.
مشاركة :