في أواخر السبعينيات الميلادية أخذت الصناعات البتروكيميائية في المملكة تركز على تحويل الغاز الطبيعي إلى منتجات بتروكيميائية تتمتع بأعلى المواصفات التي تمكنها من المنافسة عالميا وساهمت حكومة المملكة بمجموعة من الحوافز المالية والقروض الكبيرة من الصناديق المتخصصة أو من خلال البنوك التجارية وأيضاً الدخول كشريك مؤسس بنسب تتجاوز في بعض الشركات نسبة 70 %، وكذلك إنشاء المدن الصناعية العملاقة مثل الجبيل وينبع والتي ساهمت بشكل كبير في خلق بيئة جاذبة للصناعة البتروكيميائية والتكرير وغيرها من الصناعات التي تتكامل معها، بالإضافة إلى بيع اللقيم بأسعار تنافسية ودعم تكاليف الطاقة وكل ذلك من أجل التشجيع على إقامة صناعة قادرة على تنويع المصادر الاقتصادية بعيداً عن المصادر الهيدروكربونية والاستعاضة عن المنتجات المستوردة ووضع الصناعات المحلية في مستوى المنافسة عالمياً لغايات التصدير وقد نجحت الدولة في مساعيها وخططها الاستراتيجية، ونمتلك الآن أكبر الشركات في مجال الصناعات البتروكيميائية وتخطط الدولة أيضاً على تحويل شركة أرامكو من شركة منتجة للنفط فقط إلى شركة تتعدى ذلك لتعمل على تطوير أنشطتها في قطاع المصب وصناعة البتروكيميائيات وهذا سوف يدعم بشكل كبير تطور هذه الصناعة وتقليل الاعتماد على النفط الخام كمصدر وحيد للدخل يؤثر على النمو الاقتصادي للدولة ويجعل الأهداف الاستراتيجية متأرجحة مع حركة أسعار النفط، وتخطط المملكة مع حلول 2030 على تحويل حوالي ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام إلى منتجات بتروكيميائية، وأكد وزير الطاقة السعودي، أن أسعار الوقود واللقيم بالمملكة ستكون دائمًا منافسة وأقل من الأسواق الأخرى التي بحجم السوق السعودي، ولا شك في أن تحسن نتائج أداء الشركات البتروكيميائية خلال التسعة أشهر الماضية من العام الحالي نتج عن حزمة من العوامل، لعل من أبرزها زيادة كميات البيع وارتفاع متوسط أسعار المنتجات وانخفاض مصاريف البيع وتحسن عمليات التشغيل والتسويق وكذلك انخفاض تكاليف الشحن ونجاح بعض الشركات في خطط إعادة الهيكلة، علماً أن ارتفاع أسعار بعض مواد اللقيم حدّ من نمو الأرباح، في حين كان لارتفاع تكاليف التمويل دور في الضغط على صافي الأرباح المسجلة وفي اعتقادي أن الضغط على صافي الأرباح خلال السنوات القادمة سوف يكون مؤثراً بشكل سلبي مع توجه الفيدرالي الأميركي على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة خلال السنوات القادمة وتوقعت جولدمان ساكس وبنك جي بي مورجان أن يتم رفع الفائدة 5 مرات مع نهاية 2019، ومع أن جزءاً من القروض طويلة الأجل في الشركات البتروكيميائية من صندوق التنمية الصناعية مع تكاليف تمويل منخفضة جداً إلا أن عمليات التوسع والاستحواذ والانتشار تحتاج إلى مزيد من مصادر التمويل سواء من البنوك التجارية أو من خلال إصدار السندات والصكوك وهذه الأدوات لن تكون تكلفتها خلال السنوات القادمة قليلة وقد ظهر الأثر خلال هذا العام حيث ارتفعت تكلفة التمويل لجميع الشركات بحوالي 8 % على الرغم من أن النمو في حجم التمويل لم يتجاوز 1 %، وبحسب الأرقام المعلنة شكلت نسبة القروض إلى حقوق المساهمين حوالي 40 % وجاءت شركة نما في المقدمة حيث تجاوزت نسبة قروضها 200 % من حقوق المساهمين بعد خفض رأس المال بحوالي 82 % من أجل تغطية الخسائر المتراكمة وقد تحتاج الشركة إلى إعادة رفع رأس المال مرة أخرى عن طريق طرح حقوق أسهم أولوية، وتأتي شركة كيان بعدها بنسبة 149 % ولكن مع تحول الشركة إلى الربحية وتغطية الخسائر المتراكمة بالكامل قد تساهم في خفض نسبة القروض إلى حقوق الملكية، أما سبكيم فإن الاندماج المرتقب مع شركة الصحراء سوف يخفض بالتأكد نسبة القروض إلى حقوق الملكية حيث إنها لم تتجاوز في شركة الصحراء عن 6 % مقارنة مع سبكيم التي تجاوزت 126 % ومع أن الأرباح نمت في شركات البتروكيميائيات بحوالي 36 % خلال التسعة أشهر من العام الحالي 2018 إلا أن تكاليف القروض بلغت حوالي 10 % من صافي الأرباح وكانت تمثل أكثر من 13 % خلال الفترة المماثلة من العام السابق. لذلك ومن أجل المحافظة على نمو الأرباح ودعم الأهداف الاستراتيجية للشركات في ظل ارتفاع تكاليف التمويل فإن الحاجة قد تكون ماسة إلى إعادة هيكلة الديون من خلال اللجوء إلى خفضها والاعتماد على المصادر الذاتية أو اللجوء إلى رفع رأس المال إذا اقتضت الحاجة لذلك ولكن بقاء نسب الديون عند هذه المستويات قد لا يخدم الشركات في السنوات القادمة مع ارتفاع تكلفة خدمة الدين والتي سوف تؤثر سلباً على السياسات التوسعية للشركات. حقوق المساهمين
مشاركة :