محيطك... هل يؤثِّر في حاسة الذوق لديك

  • 11/26/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يتشابك ما نتذوقه مع ما نشمه، فضلاً عن المعلومات الحسية التي نتلقاها. من الممكن لما نراه خصوصاً أن يبدّل نظرتنا إلى نكهة الطعام. هذا ما أظهرته على الأقل مجموعة من التجارب التي اعتمدت على أطر استندت إلى الواقع الافتراضي. تتحكم حاسة الذوق لدينا في خياراتنا الغذائية، بما أننا نميل إلى تفضيل الأطعمة التي نستمتع بها على تلك التي تبدو أقل جاذبية. الأهم من ذلك أن ما نتذوقه يبعث بإشارات أساسية إلى دماغنا تنبهنا في الحال إلى ما إذا كان الطعام قد فسد. للذوق تأثير كبير في طريقة عيشنا، وأسهمت هذه الحاسة على مر التاريخ في إبقاء الجنس البشري حياً. لكنّ عوامل مختلفة كثيرة قد تؤثر في نظرتنا إلى النكهات الغذائية ذاتها. تشير دراسة جديدة، أجراها باحثون من جامعة كورنيل في إيثاكا بنيويورك ونشرت نتائجها مجلة «علم الطعام»، إلى أن ما نتذوقه عند الأكل يتأثر إلى حد كبير بالمكان الذي نتناول فيه وجباتنا. يذكر روبن داندو، باحث بارز شارك في وضع تقرير الدراسة: «عندما نأكل، لا ندرك مذاق الطعام ورائحته فحسب، بل نتلقى أيضاً معلومات حسية من محيطنا (عيوننا، وآذاننا)، حتى من ذكرياتنا عن المحيط». نظرتنا إلى الطعام متبدلة بغية اختبار مدى تأثير المحيط الفردي في نظرتنا إلى المذاق، طلب الباحثون إلى نحو 50 شخصاً المشاركة في تجربة تستند إلى الواقع الافتراضي. من خلال جهاز للواقع الافتراضي يوضع على الرأس، اختبر كل مشارك على التوالي ثلاث بيئات مختلفة: مقصورة للاختبارات الحسية، ومقعد في منتزه، وحظيرة بقر. في كل من هذه الأطر البصرية، تناول المشاركون عينات من الجبنة الزرقاء كلها متطابقة، ثم طلب إليهم الباحثون تقييم مدى استمتاعهم بعينات الجبنة في كل إطار وتحديد مدى ملوحتها وحدتها في كل حالة. تبين بوضوح أن إطار الواقع الافتراضي أثر في نظرة المشاركين إلى المذاق. عندما تناولوا عينة الجبنة في «حظيرة البقر»، صنّفوها أكثر حدة من الإطارين الآخرين. يذكر داندو: «نتناول الطعام في محيط ما ينعكس على نظرتنا إلى ما نتناوله». قدّمت الدراسة أيضاً اكتشافاً مفيداً آخر، ألا وهو أن العلماء يستطيعون بسهولة ومن دون كلفة كبيرة استعمال تكنولوجيا الواقع الافتراضي لتقييم الطعام حسياً، علماً بأن هذه إحدى أبرز أساليب التحليل في مجال العلوم الحسية. العلوم الحسية تركّز العلوم الحسية الغذائية على نظرة الأفراد إلى أنواع الطعام والمشروبات المختلفة وردود فعلهم تجاهها. ولهذا النوع من الأبحاث انعكاسات عدة، تشمل مثلاً، تحسين تجربة تناول الطعام في حالة المسنين. مع تقدُّم البعض في السن، يخسر جزءاً من حاسة الذوق. نتيجة لذلك، يعتبر الطعام أقل جاذبية، ما يقود بدوره إلى تناوله مقداراً أقل من الطعام، أو مأكولات غير صحية. يفرض التقييم الحسي الغذائي، الذي يتطلب التعرض لبيئات مختلفة، على الباحثين عموماً إعادة بناء أنواع مختلفة من المحيطات في المختبر. لكن الواقع الافتراضي يتيح لهم إعادة ابتكار ظروف متنوعة بسهولة من دون أن يُضطروا إلى إنفاق المال على مجموعة واسعة من المواد والموارد الأخرى. يوضح داندو: «يؤكد البحث أن من الممكن استعمال الواقع الافتراضي، بما أنه يقدّم بيئة ضخمة للاختبار». يختم: «بصرياً، يعكس هذا الواقع خصائص البيئة بحد ذاتها على الطعام المستهلك، ما يجعل هذا النوع من الاختبار فاعلاً وقليل الكلفة».

مشاركة :