تتسم العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين باستمرارية التواصل والود والمحبة بين قيادتي وشعبي البلدين، وتشهد تطورًا مضطردًا في كل المستويات انطلاقًا من الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بينهما تجاه مختلف القضايا وروابط الأخوة ووشائج القربى والمصاهرة والنسب ووحدة المصير والهدف المشترك التي تجمع بين شعبيهما فضلاً عن جوارهما الجغرافي وعضويتهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية. وترجع العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين إلى الدولة السعودية الأولى (1745- 1818م) فالدولة السعودية الثانية (1840- 1891م)، ثم جاءت أول زيارة للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – تغمده الله بواسع رحمته – لمملكة البحرين ليزور الشيخ عيسى بن علي آل خليفة شيخ البحرين، حيث قوبل الملك المؤسس في تلك الزيارة بحفاوة بالغة من قبل الشيخ عيسى، ودار حوار بين العاهلين، واستمرت إقامة الملك عبدالعزيز يومين كان فيها موضع حفاوة وتكريم من قبل الحكام والشعب على السواء. وبعد زيارة الملك عبدالعزيز بحوالي سبع سنوات، وفي العاشر من شهر شوال 1356هـ، الموافق 15 ديسمبر 1937م على وجه التحديد زار الملك سعود بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ حيث كان في ذلك الوقت ولياً للعهد، الشيخ حمد شيخ البحرين وتوالت الزيارات بين القيادتين منذ بدأ فجر جديد على تأسيس المملكة العربية السعودية. واستمرت الزيارات المتبادلة بين القيادتين في جميع المناسبات والإنجازات في البلدين وهذا خير دليل على تأكيد عمق هذه الروابط الأخوية بين القيادتين والشعبين الشقيقين خاصة أن العديد من العائلات البحرينية والسعودية تحديدًا في المنطقة الشرقية تربطها علاقات أسرية ونسب. ومما لا شك فيه فإن الاهتمام المتنامي من قبل القيادة السياسية في المملكتين يؤكد عمق العلاقة والتطور في مجالات التعاون بين البلدين ويشكل حافزًا كبيرًا للارتقاء بشكل العلاقات الثنائية وتعدد مجالاته في المستقبل بما يعود بالنفع والخير على الشعبين الشقيقين. وتمتاز علاقات المملكة العربية السعودية مع مملكة البحرين بعمقها وحميميتها وخصوصيتها مع ما شهده البلدان الشقيقان من حدث تاريخي مهم تمثل في افتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة – رحمهما الله – جسر الملك فهد في ربيع الأول من عام 1407هـ الذي ربط البحرين بشقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشكل نقطة تحول باتجاه التكامل الاقتصادي بين دول المجلس. وعلى الصعيد السياسي تشهد العلاقات بين البلدين حجمًا كبيرًا من التنسيق في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية التي يتم تداولها في مؤتمرات قمم مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حيث يتبنى البلدان رؤية موحدة بضرورة وجود حل عادل يضمن حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة ودعم عملية السلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى إيمانهما بضرورة دفع الجهود نحو استقرار الأوضاع في العراق فضلاً عن التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار المشترك وتفعيل العمل الدولي والخليجي والعربي المشترك. وشهد عام 1438 هـ زيارة قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى مملكة البحرين مترأسًا وفد المملكة في الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وشرف خادم الحرمين الشريفين مأدبة العشاء التي أقامها الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين تكريما له ـ رعاه الله ـ . وخلال الزيارة اتفق الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأخوه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على أن يتم إجراء دراسة لمشروع جسر الملك حمد موازياً لجسر الملك فهد ليربط مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية بتمويل من القطاع الخاص. ويستشعر البلدان دائمًا ما يمس كلاً منهما سلبًا أو إيجابًا فنجدهما يسارعان في تبادل الزيارات والبرقيات في فواجع الأمور أو المناسبات السعيدة التي تخصهما. ومن ذلك على سبيل المثال ما عبر عنه في 04 ربيع الآخر 1438 هـ مصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية الشديدة للهجوم المسلح الذي وقع على أحد السجون في مملكة البحرين، وأسفر عن مقتل جندي , وكذلك تهنئة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين, أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بمناسبة الذكرى الثانية لتوليه مقاليد الحكم. كما أدانت مملكة البحرين في 03 جمادى الأولى 1438 هـ بأشد العبارات واستنكرت الهجوم الإرهابي الغادر الذي استهدف الفرقاطة السعودية أثناء قيامها بدورية مراقبة غرب ميناء الحديدة بالجمهورية اليمنية، مما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من أفراد طاقم السفينة. وفي العاصمة الأردنية عمان وفي مطلع شهر رجب من عام 1438هـ التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وذلك على هامش أعمال القمة العربية التي عقدت في منطقة البحر الميت. وفي السادس عشر من الشهر ذاته وصل جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين والوفد المرافق له، إلى الرياض لحضور مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل. ودانت وزارة الخارجية بمملكة البحرين بشدة حادث إطلاق النار الذي وقع في حي المسورة بمحافظة القطيف في شهر شعبان 1438هـ وأسفر عن مقتل طفل ومقيم وإصابة آخرين. وخلال نفس الشهر أوضح مصدر مسؤول بوزارة الخارجية أن أمن واستقرار مملكة البحرين الشقيقة جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. وأكد المصدر دعم المملكة العربية السعودية للإجراءات التي تتخذها مملكة البحرين الشقيقة في سبيل الحفاظ على أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها والمقيمين بها، وآخرها الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية البحرينية في قرية الدراز بهدف حفظ الأمن والنظام، والتصدي لكافة المحاولات الإرهابية التي تهدف إلى زعزعته والمساس به. ومما يعزز توطيد العلاقات السعودية البحرينية سياسيًا على المستويات كافة، ما أعرب عنه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء في مملكة البحرين من أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – قائد الأمة الإسلامية والعربية، “ولا يقودها إلا نحو خيرها وصلاحها ووحدتها وأمنها وأمان شعوبها”، مضيفًا سموه وفق ما بثته وكالة الأنباء البحرينية في شهر رمضان المبارك 1438هـ: “إن خادم الحرمين الشريفين يحمل هموم الأمة وهو من كل خير لها قريب وهو الذي بمبادراته سيعزز أمنها واستقرارها وسيقوي وحدتها وترابطها”. وأدانت مملكة البحرين في 28 رمضان 1438 هـ بأشد العبارات وأقصاها المخطط الارهابي الآثم الذي كان يستهدف أمن المسجد الحرام ومرتاديه من المعتمرين والمصلين، مؤكدة أن هذا العمل الإرهابي الدنيء يتنافى مع القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية كافة. وأعربت مملكة البحرين عن خالص تقديرها للدور الجليل الذي تقوم به المملكة العربية السعودية تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في توفير كل سبل الراحة والطمأنينة والسكينة لضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزوار، مشيدة بالجهود الكبيرة لرجال الأمن في إحباط هذا المخطط الإرهابي الجبان. وأكدت البحرين أنها كانت وستظل في صف واحد مع المملكة العربية السعودية في دورها القيادي والريادي لترسيخ وتعزيز الأمن والسلم في المنطقة والعالم ككل، وضد كل ما يستهدف أمنها وتأييدها التام في كل ما تتخذه من إجراءات للقضاء على التنظيمات الإرهابية، مجددة موقفها الثابت الذي يرفض الإرهاب ويؤكد على ضرورة توثيق الدولي من أجل القضاء على الإرهاب الذي يهدد جميع الدول والشعوب دون تفرقة أو تمييز وتخليص العالم من تلك الآفة الخطيرة وكل من يدعمها ويمولها. وأدانت البحرين في 10 شوال 1438 هـ بشدة الاعتداء الإرهابي الذي استهدف دورية أمن أثناء قيامها بمهامها بحي المسورة في محافظة القطيف، ما نتج عنه استشهاد رجل أمن وإصابة ثلاثة من زملائه، وكذلك الاعتداء الإرهابي الذي استهدف دورية أمن أثناء قيامها بمهامها بحي المسورة في محافظة القطيف، وأسفر عن استشهاد أحد رجال الأمن وإصابة آخرين . وتلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ اتصالاً هاتفيًّا من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، عبَّر فيه عن عزائه ومواساته في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -. وامتدادًا للتناغم السياسي والهدف المشترك بين السعودية والبحرين، أشاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين بالمساعي الحثيثة والجهود التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – التي أدت ـ بحمد الله ـ إلى إلغاء القيود المفروضة من قبل سُلطات الاحتلال على الدخول للمسجد الأقصى المبارك . وأكد جلالته أن هذه الجهود ليست بغريبة على خادم الحرمين الشريفين ، وإنما تُجسد قيادته المحورية للأمة الإسلامية والمكانة الدينية العالية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية والتي بوأتها موقعًا مرموقًا على الصعيدين الإقليمي والدولي ، وتعكس الدور الرائد الذي تقوم به في خدمة الإسلام والمسلمين وفي الدفاع عن قضايا الأمة وحماية مقدساتها . وشدد على دعم مملكة البحرين للجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية والمساعي الإقليمية والدولية كافة الرامية إلى إحلال السلام العادل والشامل بالمنطقة . ويشيد مجلس الوزراء البحريني في مرات عدة بالدور الكبير الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في خدمة الحجاج ورعايتهم وبما تقوم به من جهود جبارة في تسهيل أداء مناسك الحج والعمرة لجميع المسلمين. وأعرب المجلس خلال إحدى جلساته عن رفضه القاطع لأي دعوة موجهة لتسييس الحج والزج بهذه الشعيرة الدينية العظيمة لخدمة أغراض سياسية، مشيداً بالتسهيلات المتواصلة التي تقدمها المملكة وما تنفذه من خدمات جليلة لتطوير وتوسعة الحرمين الشريفين وتسهيل قدوم كل مسلم إلى هذه الأراضي المقدسة من كل مكان في العالم بكل سهولة ويسر منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – وهي جهود بارزة للعيان ولا ينكرها إلا جاحد. ويقف تثمين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة رئيس وزراء مملكة البحرين دعم المملكة العربية السعودية لبلاده منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن ـ طيب الله ثراه ـ وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، يقف شاهدًا على العمق الأصيل في العلاقات بين المملكتين، حيث أشاد سموه بمشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية قائلاً ” إنه يحمل اسماً غالياً ومعنى سامياً وهدفاً نبيلاً يعكس مكانة البحرين في قلوب ملوك المملكة العربية السعودية ويترجم التعاون البحريني السعودي النموذجي” . ويتبع المشروع لجامعة الخليج العربي ويقام على أرض بمساحة مليون متر مربع وهبها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين. وتترجم معنى الشراكة الحقيقية وتعميق التعاون في المجالات كافة بين البلدين علاقات التقارب والإخوة، بما ينعكس إيجابًا على وحدة وتماسك الصف الخليجي والعربي. وكان لتوجهات قيادتي البلدين دور بارز في تعزيز ودعم التعاون الذي جسدته المشروعات المشتركة وتفعيل سبل تنمية التبادل التجاري والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه العمل الاقتصادي وتسهيل انتقال رؤوس الأموال بين البلدين ما أسهم في تعدد المشروعات الاقتصادية المشتركة بين البلدين الشقيقين، التي تعززت بشكل كبير بعد افتتاح جسر الملك فهد عام 1986. كما أن مملكة البحرين بفضل ما تتمتع به من سياسات اقتصادية تقوم على الانفتاح وتنويع مصادر الدخل وسن تشريعات تحمي المستثمرين والاستثمارات، استطاعت أن تستقطب الكثير من الاستثمارات السعودية إليها وأصبحت تستحوذ على النصيب الأوفر من السوق الاستثمارية البحرينية. وعلى الصعيد الاقتصادي الذي يمثل أبرز مجالات التعاون بين البلدين تعد المملكة الشريك التجاري الأول للبحرين، منذ القدم حيث كان اقتصاد البحرين يعتمد على صيد اللؤلؤ، ونظرًا لأنها كانت المركز الرئيس لتجارة اللؤلؤ في الخليج، حيث يستخرج من الشواطئ السعودية ويعرض للبيع في أسواق اللؤلؤ بالبحرين، إلى جانب ما تصدره المملكة من تمور وماشية وصناعات يدوية للبحرين. وقد كان لتوجيهات قيادتي البلدين دور بارز في تعزيز ودعم التعاون الذي جسدته المشروعات المشتركة وتفعيل سبل تنمية التبادل التجاري والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه العمل الاقتصادي وتسهيل انتقال رؤوس الأموال بين البلدين، حيث أسهم ذلك في تعدد المشروعات الاقتصادية المشتركة بين البلدين الشقيقين. وتمثل المملكة العربية السعودية عمقًا استراتيجيًا اقتصاديًا لمملكة البحرين كونها سوقًاً اقتصادية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني لترويج البضائع والمنتجات البحرينية، كما تمثل البحرين امتدادًا للسوق السعودية في ترويج البضائع والمنتجات السعودية، وفي هذا الإطار يضطلع مجلس رجال الأعمال البحرينيين والسعوديين بدور كبير في سبيل زيادة حجم الأعمال والمشاريع المشتركة. وشهد عام 1438 هـ زيارة وفد استثماري من مملكة البحرين الهيئة الملكية بالجبيل للاطلاع على مدينة رأس الخير الصناعية والتعرف على الاستثمارات القائمة والفرص المتاحة فيها في المجالات الصناعية والتنموية والخدمية. وفي 21 جمادى الآخرة 1438 هـ عقد بغرفة المنطقة الشرقية اللقاء العقاري السعودي البحريني، وأعرب المشاركون فيه من البلدين عن أملهم في تحقيق شراكات أوسع في مجالات الاستثمار العقاري والتطوير العمراني الذي يقوده القطاع الخاص في البلدين، مؤكدين على اهمية الشفافية وتكثيف اللقاءات المشتركة بما يخدم هذا التوجه. وفي شأن ذي صلة زار وفد من وزارة الإسكان في مملكة البحرين الشقيقة وزارة الإسكان بالرياض، للاطلاع على تجربة الوزارة ومبادراتها المتعددة في مجال الإسكان ورؤيتها الحالية والمستقبلية وأهدافها الاستراتيجية في إطار توفير السكن الملائم للمواطنين. واطلع الوفد البحريني على أبرز مبادرات الوزارة، ومستجدات البرامج الإسكانية. وتنفيذاً للترتيبات الإطارية للتعاون المالي بشأن برنامج التوازن المالي التي تم توقيعها بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت وصندوق النقد العربي، تم التوقيع على اتفاقية التعاون المالي بين حكومتي المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين في مطلع العام 1440هـ. وتشهد الحركة السياحة بين البلدين تناميًا ملحوظًا بفضل الإجراءات التي اتخذها البلدان فيما يتعلق بالدخول والخروج عبر جسر الملك فهد ومنها ما يتضمن السماح للسعوديين والبحرينيين بالدخول في كلا البلدين ببطاقات الهوية فقط، إضافة إلى الجهود التي تبذلها البحرين لتنمية النشاط السياحي من خلال إقامة المنشآت السياحية المتطورة وتشجيع السياحة العائلية وسياحة اليوم الواحد التي جذبت عددًا كبيرًا من السعوديين نظرًا للقرب الجغرافي وسهولة الدخول عبر جسر الملك فهد الذي لا يتجاوز طوله 25 كيلو مترا بين البحرين والمنطقة الشرقية، حيث يبلغ عدد السائحين سنويًا لمملكة البحرين أكثر من 4 ملايين زائر. وكانت الجمارك السعودية ونظيرتها البحرينية قد أعلنتا في ربيع الثاني من عام 1439هـ تفعيل “المسار السريع” في جسر الملك فهد من الجانبين السعودي والبحريني، وذلك بهدف إنهاء كافة الإجراءات الجمركية لصادرات (10) من الشركات الكبرى في مجال صناعة السلع الوطنية في كلاً من المملكتين، وذلك بهدف انسيابية حركة البضائع وتدفق الشاحنات عبر جسر الملك فهد للشركات الأعلى تصديراً والملتزمة بالمتطلبات والاشتراطات الموضوعة من جمارك البلدين الشقيقين للدخول في هذا الامتياز. وفي الشأن الثقافي فعلاقات التعاون بين البلدين متشعبة وتغطي جميع المجالات الفنية والأدبية والتراثية والإعلامية، حيث تقام معارض الفنون التشكيلية بصفة دورية في كلا البلدين، إضافة إلى اهتمام البلدين بتنظيم مهرجانات الأيام الثقافية سنويًا، كما أن البحرين تحرص على المشاركات في فعاليات المهرجانات السعودية ومنها مشاركتها في مهرجان الجنادرية بشكل سنوي، ويعد الجناح الخاص بالبحرين من أكبر الأجنحة الخليجية وذلك لما تعكسه المشاركة من مدى الترابط الثقافي القوي الذي يربط بين البلدين. وفي الجنادرية يواصل جناح مملكة البحرين المشاركة في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة مستقبلاً الزوار برائحة القهوة العربية المنبعثة منه ومجالسه التي تجسد تاريخ المجلس البحريني في الماضي والحاضر، عارضًا الحرف اليدوية والصناديق والصور الفنية الفوتوغرافية والصور التاريخية. وفي شهر محرم 1440هـ صدر في العاصمة البحرينية المنامة كتاب جديد يحمل عنوان “الرباط الوثيق”، يحتوي على توثيق تاريخي للعلاقات بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين الشقيقة في المجالات كافة، ألفة الصحفي بوكالة أنباء البحرين خالد عبدالله، الذي قال عن تناوله للعلاقات بين المملكة والبحرين: “لا توجد في عالمنا المعاصر علاقة بين دولتين أصبحت أنموذجًا لباقي دول العالم كالعلاقات الحميمة التي تربط بين المملكتين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وقد كتب الكثير من المحللين والكُتاب عن هذه العلاقات وعن عمقها المتجذر في التاريخ العربي والخليجي”. وأشار إلى أن “العلاقة بين البلدين أصبحت عميقة واتسمت بالمحبة والتقدير المتبادلين، ولمست جوانب الحياة عامة السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، وأما الاجتماعية فقد عبّرت عنها روابط الأخوة ووشائج القربى والمصاهرة والنسب ووحدة المصير والهدف المشترك بين شعبيهما، التي تزداد صلابة على مر الأيام وتسهم في بناء صرح متكامل ونموذجي من العلاقات المتميزة بين البلدين”. وتناول الكتاب في فصوله الثمانية بداية العلاقات بين المملكتين الشقيقتين، والزيارات التاريخية لحُكام البلدين، متناولا قصة (السيف الأجرب) وما قيل فيها من أدب وأشعار، وتحدث عن لمحات من التاريخ القديم للمملكة العربية السعودية، وتأسيس الدولة، ومسيرة التطور المستمرة، متطرقًا للاقتصاد السعودي، وتوسعة المشاعر المقدسة واهتمام القيادات السعودية المتعاقبة بخدمة ضيوف الرحمن، ثم تناول المؤلف بالقراءة والتحليل رؤية السعودية (2030). وفي مجال الملاحة الجوية وقعت شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية برنامج عمل تنفيذي في مجال الملاحة الجوية مع إدارة الحركة الجوية بشؤون الطيران المدني التابعة لوزارة المواصلات والاتصالات بمملكة البحرين الشقيقة، لوضع قناة رسمية للتبادل العملي والبناء بين المختصين في مجالات الملاحة الجوية، وإيجاد قاعدة مشتركة بينهما في النواحي الفنية والتشغيلية، وتعزير التعاون والتنسيق بين الطرفين للارتقاء بمستوى الملاحة الجوية بين البلدين وإقليم الشرق الأوسط. وفي المجال العسكري يقف البلدان على مسافة واحدة تجاه كل ما يمس أمن المنطقة والخليج، ويتعزز ذلك الوقوف من خلال اللقاءات الدورية بين القيادات العسكرية في البلدين وكذلك تنفيذ في تمارين عسكرية مشتركة بينهما، ففي 29 محرم 1439 هـ اختتمت مناورات التمرين العسكري المشترك “جسر 18” بين القوات البحرية الملكية السعودية ممثلة بالأسطول الشرقي والقوات البحرية الملكية البحرينية في مياه الخليج العربي وكانت على مرحلتين. وهدفت المناورات إلى تنفيذ عمليات السيطرة على البحار الإقليمية وحماية المنشآت الحيوية والمهمة والممرات المائية الرئيسة في منطقة عمليات التمرين، إضافة إلى إجراء رماية بالذخيرة الحية وعمليات مكافحة الإرهاب والمسح والاستطلاع وتدريبات الغوص وعمليات الإنزال البحري على السواحل والشواطئ وتنفيذ فرضيات السيطرة على الموقع . ونفذت قوة دفاع البحرين في 20 جمادى الأولى 1439هـ التمرين التعبوي المشترك ( قوة العزم ) بالذخيرة الحية، تحت رعاية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين وبمشاركة قوات من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس قوة دفاع البحرين. ويجد حجاج مملكة البحرين أيادٍ سعودية بيضاء وقلوبًا مرحبة أسوة بضيوف المملكة من الحجاج في كل عام، وتبحث إدارة مؤسسة مطوفي حجاج دول جنوب آسيا في كل عام مع الدائرة الشرعية بمحكمة التمييز ومكتب شؤون حجاج مملكة البحرين العديد من الموضوعات المتعلقة بالخدمات التي ستقدم خلال مواسم الحج، وهو ما يلسمه حجاج مملكة البحرين حيث يعبرون عن شكرهم على الخدمات التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – لحجاج بيت الله الحرام وحرصها على تقديم المزيد من الخدمات والإمكانات في كل عام ليتمكنوا من أداء فريضة الحج في أجواء إيمانية كاملة. لم تكن علاقات المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وليدة يوم أو صدفة بل كانت منبع صدق وجوار وأخوة ومحبة تجذرت على مدى سنوات شهدت أبهى صور التلاحم والتعاضد في مختلف المجالات، ولا يألو خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهد الأمين جهدًا في تدعيم هذه العلاقات حتى تظل كما ولدت وتستمر في تطورها نحو ما يرضي شعبي وقيادتي المملكتين.
مشاركة :