لن ننساك يا أبا متعب

  • 1/28/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

رحل عبدالله بن عبدالعزيز القائد والإنسان، في يومٍ حزينٍ مر على الأسرة السعودية حاملاً شريطاً من الذكريات لرجل لمست منه معاني التواضع والطيبة ولين الجانب، والرغبة الصادقة في تغيير واقعها نحو الأفضل. رحل الإنسان الوفي لإنسانيته ومبادئه والذي بادل شعبه المحبة فدخل قلوبهم وأوفوا بعهدهم له، وبادر إلى محيطه الخليجي والعربي فكانت له وقفات تاريخية مع قضايا أمته العربية من المحيط إلى الخليج، وواجباته الإسلامية والدولية ليقف كثير من المؤيدين لصوت الحكمة والإنسانية حول العالم حداداً على وفاته. ومنذ أن أُعلن عن وفاته رحمه الله تعالى عبّر الكثيرون حول العالم كلٌ بطريقته والوسائل المتاحة له عن حبه وتقديره لرجل لم تزده بساطته وعفويته التي لا تُشعرك بسطوة البروتوكولات وتكلف الحديث المطرز إلا مزيداً كثيراً من الهيبة والوجاهة، لتمر بنا صور القائد الذي كان يقود الأحداث الكبرى والمبادرات الدولية، وتلك التي يشارك فيها العائلات السعودية عشاءها ويمازح أطفالها. مشاعر الحزن التي اجتاحت المواطنين الكبار والأطفال في وفاة والد عطوف وحاكم قريب من النفوس، وأقصد كل تلك النفوس التي لم تلوثها النوايا الخبيثة، لم يعد من السهل إخفاؤها بسيل من المعرفات المشبوهة في وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن وفاته وما تلاها من مشاعر صادقة بالوفاء أحزنت مبغضي المملكة والمراهنين على الفتنة بقدر ما أحزنت الأوفياء والشرفاء في أنحاء العالم. كيف لا ومنذ سنوات مضت وبعض وسائل الإعلام المرجفة تتحدث وتمني النفس عن خلافات تشق صفوف الأسرة الحاكمة السعودية بوفاة الملك عبدالله، وسيناريوهات مخيفة كانت تُطرح وتروّج هنا وهناك، في حين أن الشعب السعودي أصبح يوم الجمعة، وقد انتقلت السلطة بسلاسة وفق ما نص عليه نظام البيعة، والحكم. وكأن الملك عبدالله -رحمه الله- قدم حتى في وفاته إنجازا يضاف إلى سلسلة إنجازاته يتمثل في فضح إفلاس تلك المصادر المبغضة لأمن المملكة، وتبيان مدى محبة شعبه وإخلاصه واستجابته العفوية الصادقة لرجل قدم الحب بضاعةً لا تشترى ولا تباع في زمن انتهت فيه مصائر كثير من المتجبرين أو المتاجرين بعواطف الناس إلى القتل أو الرفض الشعبي أو السقوط. مشاعر الناس خلال الأيام الماضية من الصعوبة أن تُصور وكأنها مجرد نفاق لأهداف شخصية وخروج الآلاف لصلاة الغائب على فقيد الأمة لم تتبعه توزيع أموال للمصلين، وبكاء الأطفال وحسرات ملايين المغردين والحزن المرسوم على الوجوه يوم الجمعة لا يمكن أن تحركه المطامع. صحيح أنه لا يوجد مجتمع بلا منافقين وحتى في مجتمع النبوة لكن مهمة تضليل الشعوب وحبس أنفاسها لم تعد نافذة، وحينما بدأت رياح التغيير تجتاح المنطقة لم يجدِ النفاق في إخفاء مشاعر الغضب والرفض لدى الشعوب العربية اليائسة من مستقبلها، وكانت عشرات المعرفات على صفحات (فيس بوك) كفيلة بإثارة الشباب للنزول للشوارع وقلب أنظمة الحكم. في تلك الأثناء كان الشعب السعودي خصوصاً وشعوب الخليج التي لطالما اتُّهمت أنظمتها بالتأخر الديموقراطي مقارنةً بالدول العربية يتصدون طوعاً عن أنظمتهم السياسية ويقفون أمام أي محاولة لإثارة إنفلات أمني يطمح فيه بعض المأجورين أو المغرر بهم، وحينما حاول بعض المتطرفين نقل ساحات المعارك إلى المملكة قدّم رجال الأمن تضحيات كبيرة من أجل وطنهم وأمنه. رحل أبو متعب لكن التاريخ وقلوب الناس ستحتفظ بذكراه وتفاصيل تلك الصور الجميلة التي عاشها الناس واقعاً في حياتهم قبل أحلامهم، لتبقى سيرته وقيادته للمملكة بحكمة في الأحداث العصيبة، وحرصه على القرب من شعبه وإكرامه بما أنعم الله عليه من ثروات مثالا يحتذى.. وما جزاء الإحسان إلا الإحسان. رحم الله الملك عبدالله رحمةً واسعةً وأعان بقوته الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده وولي ولي العهد على التحديات التي تفرضها مكانة المملكة وواجباتها الإقليمية والدولية، وأحسن الله عزاءنا جميعاً في وفاة المغفور له بإذن الله.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون». عضو مجلس إدارة آفاق الإعلامية - كاتب ومستشار إعلامي

مشاركة :