لم يعد أمام منظمة العفو الدولية (أمنستي) ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) إلا أن تعترفا علانية بأنهما أسيرتان للأدلجة والتسييس، إن كان قد بقي لديهما ثمة موضوعية تُرجى، أما أن تستمر المنظمتان في الادعاء بأنهما تدافعان عن حقوق الإنسان لأجل حقوق الإنسان فقط؛ فهذا أمرٌ لا يمكن تصديقه، لأن الانتقائية التي تمارسها المنظمتان بدافع آيديولوجي أو سياسي أصبحت تُرى بالعين المجردة، ولو أن المنظمتين أعلنتا أنهما تختصان بالشؤون الفكرية والسياسية أو العلاقات العامة لكان أدعى للقبول والتصديق وربما الاحترام. في كل يوم تصابحنا وتماسينا «العفو الدولية» بتقارير وبيانات وتغريدات تفتقر إلى أبسط معايير الموضوعية والمهنية، تتضمن ادعاءات باطلة أو معلومات مغلوطة أو غير دقيقة في أحسن الأحوال بشأن حالة حقوق الإنسان في السعودية، على رغم التقدم الذي حققته السعودية في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والذي أقرّت به الكثير من أجهزة وهيئات وآليات الأمم المتحدة، والدول الأعضاء فيها، وعدد من المنظمات غير الحكومية! ويبدو أن المراد من ضخ تلك الادعاءات والمعلومات المسيئة السعودية بهذه الكمية؛ بناء تصورات سلبية عن حالة حقوق الإنسان في الأذهان وتكريسها. على سبيل المثال، تدّعي المنظمة أن بعض الموقوفات اللاتي أطلقت عليهن اسم المدافعات عن حقوق المرأة، تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي في التوقيف! فمن أين حصلت على هذه المعلومة الخطرة؟ وعلى أي أساس سلّمت بصحتها؟! كان الأجدر بالمنظمة عندما وصلتها هذه المعلومة أن تتواصل مع الجهات المعنية في السعودية للتثبت من صحتها، على غرار ما يقوم به أصحاب الولايات التابعين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ونحوهم. أما أن تتلقف المنظمة هذه المعلومة وتنشرها في تقاريرها وبياناتها وعبر حساباتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة تجنب المسؤولية بعبارات من قبيل «أفادت تقارير أو أفادت مصادر أو وردت معلومات من مصادر موثوقة..»، فهذا يدل على أنها تتشوف إلى الإدانة والإساءة أكثر من تشوفها للحقيقة والعدالة! وأكثر من ذلك ترى المنظمة أن التدابير التي اتخذتها السعودية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ليست إلا محاولة لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان، بحيث ذكرت نصاً في أحد تقاريرها «أن الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في إطار حقوق الإنسان غير قادرة على إخفاء الحالة المزرية لحالة حقوق الإنسان فيها...»، وهذا فعلاً ينم عن موقف عدائي. ابحثوا في المنظمة عمن يحمل هذا الموقف تجاه السعودية! أما «هيومن رايتس ووتش»، فيكفي أن تتابع تغريدات كينيث روث، المدير التنفيذي للمنظمة، وسارا ليا ويتسون رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، وما تتضمنه من مغالطات وانتقائية وتسييس لقضايا حقوق الإنسان، فضلاً عن المماحكات التي أشبه ما تكون بالمزايدات الحزبية، لتدرك أن هذه المنظمة أصبحت في عالم وحقوق الإنسان في عالم آخر. تزعم المنظمة أنها تدافع عن حقوق الإنسان وفق المعايير الدولية، وهي في الحقيقة تدافع عن مفاهيم سياسية واجتماعية وثقافية لا تجد لها أصلاً في المعايير الدولية كالمثلية الجنسية (LGBTI)، أو تتعارض معها مثل تكريس التدابير القسرية الانفرادية ويتضح ذلك من خلال مطالبة المنظمة بعض الدول باتخاذ إجراءات عقابية ضد دول معينة، تخرج عن سياق التدابير المضادة التي يجيزها القانون الدولي العرفي، هذا بالإضافة إلى تعاطيها مع مفاهيم مقيدة بموجب تلك المعايير من دون مراعاة لتلك القيود، كالمطالبة بإطلاق حرية الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات من دون قيد أو شرط، وإسباغ وصف سجين رأي على كل من أتى سلوكاً قولياً تم إيقافه أو سجنه بسببه، حتى وإن كان هذا السلوك مجرّماً بموجب القوانين الوطنية بل والقانون الدولي أيضاً، كالتعبير عن الأفكار العنصرية أو التحريض على العنف أو الدعوة إلى الكراهية أو الإساءة إلى الأديان وأتباعها ونحو ذلك، والمطالبة بإطلاق سراحه فوراً. خلاصة القول، على «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» ترميم ما تبقّى من الموضوعية والمهنية لديهما، من خلال إجراء إصلاحات داخلية، تشمل تصحيح التوجهات وفقاً لما تقتضيه معايير الصفة الاستشارية الممنوحة لهما من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC)، ومن أبرزها انسجام أهداف ومقاصد المنظمة مع روح ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده ومبادئه، واستبعاد من يثبت عدم نزاهته واستقلاليته من المنتسبين لهما، قبل السعي لإصلاح العالم!
مشاركة :