فيما اتهم عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالله الحربي ست جهات حكومية بالفساد الإداري والمالي نتيجة غياب نحو 58 ألفاً من موظفيها في عام، طالب العضو الدكتور سلطان السلطان هيئة الرقابة والتحقيق بإجراء تحقيق في عقود مشاريع الإسكان وإعلان نتائجها، لأن ما تفعله الوزارة إعلامياً «ذر للرماد في العيون» طبقاً لقوله. وعزا أعضاء الشورى بإجماع في جلسة أمس (الثلثاء)، تضاعف قضايا الفساد بجميع صوره في تقارير الجهات الرقابية الثلاث (الرقابة والتحقيق، وهيئة مكافحة الفساد، وديوان المراقبة العامة)، إلى تجاهل معظم الجهات الحكومية الرد على استفساراتها. واعتبر أعضاء أن تزايد قضايا الفساد يعود أيضاً إلى ضعف دور إدارات المتابعة الداخلية في الجهات الحكومية، على رغم صدور أمر سامٍ سابق بخصوصها لتحويلها إلى إدارات مرتبطة بالجهات الرقابية للكشف عن المخالفات المالية والإدارية، إلا أنها غير مفعلة، مشيرين إلى أن المجلس إلى الآن لم يجد حلاً لقصور هذه الإدارات على رغم تكرر المشكلة. وأيدت لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية في المجلس رأي الأعضاء، وقالت على لسان رئيسها الدكتور ناصر الشهراني: «التقرير الحالي لهيئة الرقابة والتحقيق والتقارير السابقة لا تخلو من شكوى متكررة حول تجاهل الرد على استفساراتها من الجهات الحكومية، وأن نسبة من يردون في وقت قياسي قليلة». وفي سابقة تحت قبة المجلس كانت هيئة الرقابة والتحقيق «محصنة» ضد نقد الأعضاء، بل وصفوها بأنها ذات شفافية عالية، ومشهود لها بالرقي في جميع برامجها الرقابية، مبيّنين أن تعطيل عملها وعدم فاعليته في محاربة الفساد يعود إلى تأخر إصدار نظامها المرفوع للمقام السامي منذ عام 1427هـ، والبت في نظام تأديب الموظفين، ونظام حماية المال العام، ونظام مكافحة إساءة استغلال السلطة، معتبرين أن تلك الأنظمة مهمة لأنها تمنح الهيئة الغطاء القانوني لممارسة عملها. وتبنى أعضاء الشورى معاناة الهيئة المستمرة في تسرب الكفاءات لديها بسبب تفاوت الميزات المالية مقارنة بالهيئات الرقابية الأخرى، مطالبين بمنحها حوافز مالية تستطيع فيها جلب كفاءات مؤهلة حتى لا تتكرر شكواها بهذا الخصوص، في كل تقرير يعرض على المجلس طبقاً لتعبير الأعضاء. وغرد نائب رئيس ديوان المراقبة السابق العضو محمد الرحيلي، خارج السرب في تحليله لمشكلات الهيئات الرقابية، إذ اعتبر أن المشكلة تكمن في ازدواجية التخصصات وأن الجهات الثلاث آنفة الذكر تعمل بالأسلوب نفسه الرقابي وبالآليات ذاتها. وقال: «إن الدور الرقابي بشكله الحالي إزعاج للجهات الحكومية، وإهدار لوقتها»، موضحاً أن الجهة الحكومية يأتيها موظف من جهة رقابية يطلب الاطلاع على بيانات محددة، وبعد شهر يأتيه موظف من جهة أخرى ليطلب الاطلاع على البيانات ذاتها وبهذا تتفرغ للرد عليه، وهو ما يدعوها إلى التجاهل، منوّهاً بأن ذلك ليس مبرراً ولكنه سبب يجب أن يُدرس، مقترحاً أن يُجمع منسوبي الهيئات الثلاث لمناقشة الازدواجية والخروج بدراسة تحد منها. وفي السياق ذاته، شدد اللواء عبدالله السعدون على ضرورة مراقبة مشاريع البنية التحتية الحالية أثناء التنفيذ قبل أن تكلف صيانتها ملايين الريالات مستقبلاً بسبب سوء التنفيذ، في حين طالبت الدكتورة منى آل مشيط بتطبيق البصمة الإلكترونية للحضور في جميع الأجهزة الحكومية لضبط الحضور الانصراف، لأن تقرير الهيئة يكشف عن تسيب كبير. السلطان.. يعيد كرة التعثر في ملعب «الإسكان» < كانت مداخلتيّ العضوين الدكتور عبدالله الحربي والدكتور سلطان السلطان على تقرير هيئة الرقابة والتحقيق الأكثر تأثيراً تحت قبة المجلس أمس، إلا أن الأخير فتح ملف تعثر الإسكان مجدداً في حوار من طرف واحد يجمعه بوزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي، ليبدأ بالمطالبة مجدداً بإجراء تحقيق في تعثر مشاريع الإسكان وعقود التصميم والإشراف التي وقعتها الوزارة مع شركة «بارسونز» الأميركية. السلطان طالب الضويحي في أول تقرير لوزارته عُرض على المجلس مطلع آذار (مارس) الماضي، أن يستقيل لأنه لم يقدم حلولاً جذرية لحل مشكلة الإسكان في المملكة، وأنه «يتقدم خطوة للأمام ويتراجع ثلاثاً للخلف». ولم يتراجع السلطان عن اتهام الوزير مباشرة بالفشل - أثناء حضوره تحت قبة المجلس في 14 من الشهر الجاري -، في حل الملف الموكل إليه، مطالباً بعقد اجتماع مشترك بين مجلسي الوزراء والشورى لمناقشة موضوع الإسكان، لأنه «يرى أفلاماً وإعلاماً، ولا يرى منتجاً للوزارة». ولم يقف السلطان عند هذا الحد، بل اتهم الوزارة بشبهة فساد مالي بسبب منحها شركة بارسونز الأميركية للاستشارة نحو بليون و650 مليون ريال، وهو أعلى من المعمول به عالمياً. وكان رد الوزير حينها مقتضباً بتوجيه دعوة مفتوحة للتأكد من حقيقة العقود، لتصدر الوزارة بعد ذلك بأيام بياناً تؤكد أن عقدها مع الشركة المذكورة لم يتجاوز نسبته 6.74 في المئة من كلفة المشاريع المدرجة بهذا العقد، وأنه متوافق مع النسب العالمية. ليعود السلطان من منبره مفنداً بالأرقام، ما اعتبره تضليلاً للرأي العام، وقال: «لدى الوزارة 11 مشروعاً، ومجموع عقودها يتجاوز 25 في المئة، وأنا من منبر الشورى أرد على ما أوضحوه إعلامياً يجب أن تنتبه الرقابة والتحقيق من ذر الرماد في العيون». وبدأ بذكر تفاصيل نسب مبالغ الإشراف على مشاريع الإسكان في جميع أنحاء المملكة، طبقاً للوحات الإعلان عن تفاصيل المشاريع في كل موقع، مطالباً بإجراء تحقيق عاجل من الهيئات الرقابية لمعرفة كيفية إرساء عقد شركة «بارسونز» وإعلان نتيجة التحقيق. واعداً باستكمال نقده للوزارة على تقارير الجهات الرقابية الأخرى، ليختم بقوله: «مشروع الإسكان أولاه الملك عبدالله أهمية كبرى، وكانت إحدى أهم غراسه، إلا أن الوزارة لم تقطف ثمرات المشروع التي كان من الممكن إنهاؤها في عهده، وأن يراها قبل أن يوافيه أجله». وبالعودة إلى العضو عبدالله الحربي قال: «إن ما ورد في تقرير الرقابة والتحقيق للعام الحالي من غياب لا يمكن أن نفسره إلا بفساد إداري ينعكس على الأداء العملي، وما ينتج عنه من فساد مالي»، وبدأ بضرب مثال لست جهات حكومية كان غياب الموظفين فيها كالآتي: - وزارة التعليم العالي 3113 موظفاً. - وزارة التربية والتعليم 29581 موظفاً. - وزارة الصحة 8475 موظفاً. - وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد 10680 موظفاً. - وزارة لعدل 5762 موظفاً. وتوقف الحربي عن سرد الأمثلة بحجة أن «جداول قضايا الرشوة والتزوير والاختلاس وبقية القضايا الواردة في التقرير كبيرة وفي ازدياد، من دون علاج شافٍ». رفض رسم سنوي على السيارات رحمة للفقراء < رفض مجلس الشورى مقترحاً لتعديل مادتين من نظام المرور الجديد، تعنى بفرض رسم سنوي على رخص السير للتأكد من سلامة المركبة، وتباينت مبررات الرفض لدى الأعضاء بين رحمة الفقراء أصحاب السيارات المتهالكة من الكلفة، وضرورة تعديل نظام المرور بشكل كلي. واعتبر العضوان الدكتور عوض الأسمري وعلي الوزرة أن في ذلك كلفة يغني عنها الفحص الدوري للسيارات، وبلغة جياشة قال الوزرة: «ارحموا عباد الله ودعوهم، فطالما أن المركبة تسير، فلماذا نزيد معاناة المواطنين والمقيمين»؟ ليرد العضو أسامة قباني قائلاً: «هناك حق عام للمجتمع والبيئة، ولا بد من التأكد أن (فرامل) السيارة مثلاً جيدة، هذا حق لسلامة البقية»، مطالباً بإعطاء فرصة لدرس المقترح قبل أن يرفضه المجلس من دون دراسة. أبرز القرارات في جلسة الشورى أمس: - حلول جذرية لمعالجة أزمة تكدس الشاحنات على جسر الملك فهد الذي يربط بين السعودية والبحرين. - تنسيق مصلحة الجمارك مع وزارة التجارة والصناعة للتوسع في اتفاقات مكافحة تصدير المنتجات المقلدة والمغشوشة في البلدان المصدرة للمملكة. - منع المكاتب والشركات الهندسية من مزاولة أي من المهن الهندسية، إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من الوزارة، وفقاً لمعايير مزاولة المهنة وشروط التراخيص الذي تضعه هيئة المهندسين السعوديين.
مشاركة :