وسائل التواصل الاجتماعي منفذ حرية للصحافيين الأتراك

  • 11/29/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أنقرة - يلجأ الصحافيون في تركيا إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وبيريسكوب لنشر إسهاماتهم بشأن أحدث الأخبار، في ظل الرقابة المتزايدة على وسائل الإعلام. وأغلقت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان منذ محاولة الانقلاب في يوليو 2016 أكثر من 175 وسيلة أخبار، وهو ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين في مجال الإعلام دون وظائف. ويقول معهد الإحصاءات التركي إن معدل البطالة في قطاع الصحافة يأتي بين أعلى المعدلات في جميع القطاعات. وتحول العديد من الصحافيين البارزين إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم الأخبار والتعليقات بشكل مباشر للجمهور، ليعرضوا بذلك بديلا عن الإعلام التقليدي الذي يهيمن حلفاء حزب العدالة والتنمية الحاكم حاليا على 90 بالمئة منه. وقال الصحافي أونسال أونلو في حديث مع “أحوال تركية” إن “ما يجعل برنامجي جذابا في الوقت الحالي هو حرية التعبير في ما أبثه. أو بالنسبة للبعض، ما يفتقدونه هو ممارسة الصحافة”. وبدأ أونلو النشر على بيريسكوب، وهو تطبيق للبث الحي بالفيديو، في أغسطس 2015. وعند انطلاقه كان عدد مشاهديه 15 فقط. لكن الأنباء انتشرت سريعا. ويتابع آراءه حاليا حوالي 20 ألف شخص يوميا من قرابة 80 دولة عبر يوتيوب وساوند كلاود وآي تيونز. واكتسبت برامج مشابهة لما يبثه أونلو شعبية في السنوات القليلة الماضية. ويتم بث برنامج يسمى “المساء مع عرفان ديغيرمينجي” يوميا وجذب أكثر من 150 ألف مشاهد على يوتيوب. ومثل كثيرين آخرين، تم فصل ديغيرمينجي من عمله في محطة “القناة دي” التلفزيونية المؤيدة للحكومة بسبب إعلانه أنه سيصوت “بلا” في الاستفتاء الدستوري في أبريل 2017 الذي منح أردوغان سلطات كاسحة. أما شوكرو كوجوك شاهين، فقد عمل لصالح العديد من وسائل الإعلام مثل جونايدن والصباح وحرييت، ويستخدم منصات إلكترونية لعرض ما يقول إنه أخبار موضوعية، يرى أنها ضرورية في المناخ السياسي في تركيا اليوم. وقال “لا أرى أي شيء باسم الصحافة في البرامج التي يبثها التلفزيون”. وأضاف “هناك الكثير من الأسئلة التي ينبغي طرحها، لكن لا أحد يسأل. لا يوجد نقد علني. نحن نجري تقييما حرا لما يدور بخصوص أجندات الدولة في تلك البرامج، ونحن ننظر فيها بشكل نقدي. نحن نطرح الأسئلة التي لا يستطيع أحد آخر أن يسألها”. بعض أقطاب الصناعة دخلوا قطاع الإعلام للتودد إلى الحكومة برغم عدم وجود صلة وثيقة لهم بالإذاعة أو الصحافة ويقدم كوجوك شاهين برنامجا أسبوعيا بعنوان “أجندة 4×4” وهو معروف بانتقاده للحكومة. وأوضح أيضا كيف أن الصحافة في تركيا تفتقر إلى حد بعيد إلى الاستقلال التحريري، ولا سيما عبر الرقابة الرسمية والرقابة الذاتية. وقال “يمر الإعلام بأسوأ فترة له في التاريخ”. وأضاف “كتاب الأعمدة والمعلقون بوسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة يعاملون على أنهم مثاليون، وبعض أقطاب الصناعة دخلوا القطاع للتودد إلى الحكومة برغم عدم وجود صلة وثيقة لهم بالإذاعة أو الصحافة”. وكل من يملكون وسائل الإعلام الرئيسية تقريبا في تركيا يقومون بأعمال تجارية مع الدولة في قطاعات أخرى مثل الطاقة أو التعدين أو البناء، غير أن مقدمي الأخبار عبر وسائل التواصل لا يضطرون إلى تبرير أعمالهم لمدير. وتابع كوجوك شاهين “مع تحول وسائل الإعلام الرئيسية إلى صوت الحكومة والناطق باسمها، يلجأ إلينا أولئك الذين يتساءلون عما يدور خلف الأبواب المغلقة”. وتحدثت نيفشين مينجو، الصحافية البارزة في قناة “سي.إن.إن تورك” التلفزيونية الإخبارية، لصحيفة إيفرنسيل اليسارية عن أسباب سوء معاملة الحكومة للصحافيين. وقالت “هنا، تتشابك مفاهيم الوطن وأردوغان، لذلك، عندما نقول ‘لقد فعل السيد الرئيس شيئا خطأ‘، يتم وصمك بأنك عدو لتركيا. نحن دائما في حالة طوارئ، وحكومة العدالة والتنمية تعتبر كل نقد مؤامرة ضدها. وعندما تقوم بالتغطية الصحافية لحدث ما، تتم معاملتك كما لو أنك تدبر مؤامرة ما أو كجاسوس”. وخلقت حملة القمع الحكومية شهية للتغطية الصحافية المستقلة. وعلق كوجوك شاهين “ما كنت أريده هو صحافة مستقلة على مدار اليوم”. وأضاف “أن يكون هناك نوع من الصحافة التي يمكن لكل مواطن يريدها الوصول إليها. الجمهور يرى كيف يتم عمل هذا النوع من البث”. ونوه أونلو بأن غياب التضامن بين الصحافيين أيضا زاد من التحديات للتغطية الصحافية. وقال “في هذا البلد، أراد صحافي توجيه سؤال إلى وزير الزراعة، لكن تم إخراجه من القاعة”. وأضاف “لو حدث هذا في زمننا، لكنا غادرنا القاعة جميعا. لكن الكل يخشون فقد وظائفهم”. لكن برغم كل شيء، لا يزال هناك بصيص أمل في ما يرجع جزئيا إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ولا يزال كوجوك شاهين متفائلا. وقال “نحن نعيش في عصر المعلومات. وهؤلاء المستبدون لن يتمكنوا من وقفه بعد الآن. العالم يريد أن يتعلم من الصحافيين”. ويرى أونلو أيضا ما يدعو إلى الأمل. وقال “الإعلام لم ينته بعد، لكنه يزحف ببطء”. وأضاف “الصحف تتهاوى مثل المحطات التلفزيونية. لكن على الرغم من كل شيء، سنجد وسائل جديدة، ولن نتخلى عن العمل الصحافي. الصحافة لن تنقضي ما دام بوسعنا إيجاد وسيلة لممارستها”.

مشاركة :