أعلن «المجلس الوطني للنقد» (National Board of Review) يوم السابع والعشرين من هذا الشهر عن جوائزه السنوية. هذه الجمعية التي تم تأسيسها في العام 1909 وبدأت بمنح جوائزها السنوية منذ 1930. بذا، هي أول جمعية نقدية سينمائية في العالم (على الأرجح) وواحدة من أوائل المؤسسات التي بدأت بمنح جوائز سنوية، لجانب الأوسكار، الذي أقيمت حفلته الأولى سنة 1928 لتقدم جوائز لإنتاجات وسينمائيي العام ذاته والعام الذي قبله، و«نقاد نيويورك السينمائيون» التي تأسست سنة 1935 وواصلت منح جوائزها السنوية منذ ذلك الحين. مسألة اختيار أفلام فائزة من بين 261 فيلما تم استعراضها من قِبل أعضاء الجمعية ليست مسألة هيّنة أو تدخل في نطاق تحصيل الحاصل، لكن مسألة قيام المؤسسة المذكورة بتوزيع جوائزها منذ 88 سنة من دون توقف هو أمر أصعب. ما هي هذه الطاقة الكبيرة المتجددة والمنتقلة من جيل لآخر والماضية من دون هوان لمعاينة أفلام السنة واختيار ما هو صالح منها ومنحه جوائز لا هي مادية ولا تستقطب الوسط الإعلامي كشأن الأوسكار والغولدن غلوبس، ومع ذلك لا تفقد بريقها وينتظرها أهل الفن والمتابعون ويحاولون استقراء مستقبل جوائز السنة من منظورها؟ كذلك للجوائز حفلتها الخاصة (ستقام في التاسع من يناير/كانون الثاني المقبل) التي يحضرها لفيف كبير من المخرجين والمنتجين والممثلين كما النقاد. ومع أن نقاد السينما المؤسسين لجمعيات أخرى في الولايات المتحدة (جمعية في كل مدينة كبيرة بينها جمعية رئيسية أخرى في مدينة نيويورك) ينظرون إلى اختيارات «المجلس» ببعض التفكه على أساس أنها تتجاوز الاختيار الواحد وتمنح جوائزها لعشرة أفلام أخرى، بالإضافة إلى فيلمها الأول، بذلك تبدو، بالنسبة للنقاد غير المنضمين إلى هذا المجلس، كما لو كانت تحاول إرضاء عدد كبير من الأفلام ومخرجيها. لكن الواقع هو أن انتخاب عشرة أفلام من بين أكثر من 250 فيلما كل سنة لكي تدخل قائمة المجلس ليس كثيراً، بل منطقي، على أساس أن هناك ما لا يقل عن ثلاثين فيلما جيدا تلف حول منابر جوائز الموسم في كل سنة. ما يتبدّى بمراجعة تاريخ هذه الجمعية العريقة (لا مثيل لها في العالم العربي طبعاً) هو أنها خير إيجاز لتقييم بعض أفضل ما تم تحقيقه من أفلام خلال كل سنة من سنوات تاريخها. وبعض هذه الأفلام (بمعدل خمسة كل سنة خلال الأعوام الأخيرة خصوصاً) تدخل قائمة الترشيحات الرسمية للأوسكار. - مواهب جامعة هذا العام جاءت الجوائز محلاة بالتنافس ما بين فيلمين أساسيين هما «كتاب أخضر» لبيتر فارلي، وهو الفيلم الذي افتتح مهرجان القاهرة السينمائي دورته الأربعين به، و«مولد نجمة» لبرادلي كوبر. الأول سطا على جائزتين مهمتين، هما جائزة أفضل فيلم وأفضل تمثيل رجالي (ذهبت إلى فيغو مورتنسن). الثاني منح مخرجه برادلي كوبر جائزة أفضل مخرج وبطلته لادي غاغا جائزة أفضل ممثلة، كما نال سام إليوت جائزة أفضل ممثل مساند. أفضل ممثلة مساعدة نالتها رجينا كينغ عن دورها في «لو استطاع بيل ستريت الكلام» لباري جنكنز (مخرج فيلم الجوائز «مونلايت»). جائزة أفضل موهبة جديدة في التمثيل نالتها توماسين ماكنزي عن فيلم «لا تترك أثراً» (Leave No Trace) لاعبة دور فتاة في الثالثة عشرة تضطر لترك حياتها الهادئة والمريحة وتشارك والدها الهرب بسبب حادث ألمّ به. جائزة أفضل سيناريو غير مقتبس ذهبت إلى بول شرادر عن «فيرست ريفورمد»، وهو دراما عن الدين والدنيا، يحسن إيثان هوك تجسيد شخصية الفيلم الأولى كراهب في مأزق مع قناعاته، أما جائزة أفضل سيناريو مقتبس نالها باري جنكينز عن «لو استطاع بيل ستريت الكلام». وفي نطاق التمثيل أيضاً تم توجيه جائزة أفضل تمثيل جماعي لأبطال وبطلات فيلم «آسيويون أثرياء مجانين» (Crazy Rich Asians). وجائزة أفضل مخرج جديد نالها بو بيرنهام عن فيلمه المستقل الصغير «الصف الثامن». بالعودة إلى الأفلام انتخب فيلم الرسوم «مدهِشون 2» كأفضل فيلم أنيميشن. وذهبت جائزة أفضل فيلم أجنبي لـلفيلم البولندي «حرب باردة» إخراج باڤل باڤليكوڤسكي. وهذا الفيلم، الذي عرضه أولاً مهرجان «كان» في مايو (أيار) الماضي، يدور في الخمسينات، أي في رحى الحرب الباردة فعلاً. وجائزة أفضل فيلم تسجيلي ذهبت إلى RBG عن حياة القاضية روث بادر غينزبيرغ، وهو من إخراج جولي كوون وبتسي وست. - العشرة الأفضل كل هذا يدلف بنا إلى قائمة الأفلام التي انتخبها نقاد المجلس كأفضل عشرة أفلام من إنتاجات هذه السنة وهي: > فيلم الأخوين إيتن وجووَل كووَن الوسترن The Ballad of Buster Scruggs الذي سبق له وأن عُرض على شاشات مهرجان فنيسيا. > «بلاك بانثر» لرايان كوغلر الذي كان أول فيلم تعرضه الصالات السعودية عندما فتحت أبوابها للعموم هذه السنة. > «هل تستطيع أن تسامحني؟» دراما خفيفة لميرييل هَـلر قامت ميليسا مكارثي ببطولتها أمام رتشارد غرانت. > «الصف الثامن» عن فتاة (إلسي فيشر) تسعى للنجاح في امتحانات آخر السنة. الفيلم دخل ترشيحات «فيلم إنديبندنت سبيريتس أوورد»، وسبق له أن نال جائزة الجمهور في مهرجان شيكاغو. > «فيرست ريفورمد» فيلم بول شرايدر الرائع حول ذلك الراهب ومعضلاته في عالم متشابك. > «عودة ماري بوبينز» موسيقي - جماهيري النزعة من إخراج روب مارشال يقوم على تلك الشخصية المعروفة وقد عادت لتحل مشاكل عائلية. > «مكان هادئ» هو فيلم الرعب لهذا العام حول رجل وزوجته وابنته وطفله وهم يعيشون سراً بعدما هبطت مخلوقات وحشية تنقض على البشر إذا صدر منهم صوت ما. > «لو استطاع شارع بيل الكلام» هو دراما أخرى في الغيتو الأفرو - أميركي بقصة أخرى من وضع المخرج باري جنكينز. > «روما» لألفونسو كوارون الذي يسرد فيه سيرة عائلته حين كان لا يزال فتى صغيراً. > «مولد نجمة» لبرادلي كوبر، النسخة الرابعة من الفيلم الكلاسيكي الذي - مثلها أيضاً - استأثر باهتمام شاسع.
مشاركة :