عادت المواجهات العنيفة من جديد إلى العاصمة الفرنسية، أمس السبت، في الأسبوع الثالث لاحتجاجات حركة «السترات الصفراء»، ضد ارتفاع أسعار الوقود، وزيادة الضرائب؛ حيث تحولت معها جادة الشانزليزيه الشهيرة وسط باريس إلى ساحة معركة، بعد صدامات عنيفة بين آلاف المتظاهرين الغاضبين الذين هتفوا بإقالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقوات الأمن التي انتشرت بالآلاف واستخدمت لتفريقهم الغازات المسيلة للدموع، واعتقلت أكثر من 300 متظاهراً، بعدما أحرق المتظاهرون 27 سيارة تابعة للشرطة.وقرر متظاهرو «السترات الصفراء» الذين ألهموا حركات احتجاجية أخرى في بلجيكا، مواصلة تحدي ماكرون، رافضين مقترحاته الأخيرة لحل الأزمة، فنزلوا بأعداد غفيرة قدرتها مصادر بأكثر من 85 ألف متظاهر في شوارع باريس، لتندلع مواجهات عنيفة بلغت حصيلة ضحاياها 110 مصابين، بينهم 11 شرطياً.وحاولت جموع المتظاهرين الوصول إلى مناطق سيادية، واقتربت من برج إيفيل الشهير، وقوس النصر، ومناطق سياحية أخرى، وانتقلت الصدامات معها إلى ساحة الكونكورد الشهيرة، ومحيط القصر الرئاسي، وقامت الشرطة على إثرها بإغلاق 19 محطة للمترو في العاصمة الفرنسية مع استمرار الصدامات.وأظهرت صور بثتها وسائل إعلامية، عدداً من العربات المحترقة في الشانزليزيه، فيما تم تداول أنباء عن حرائق اندلعت في عدد من المباني بالعاصمة، وعمليات نهب وسرقة لعدد من البنوك والمحال. وحاول المتظاهرون كسر الأطواق الأمنية، لتتصدى لهم شرطة مكافحة الشغب مستخدمة مدافع المياه.وتجمع المئات من «السترات الصفراء» تحت قوس النصر، وغنوا النشيد الوطني، وهتفوا باستقالة ماكرون، وسط محاولات قوات الأمن إجبار المتظاهرين على التراجع.بدوره، ندد ماكرون، الذي يحضر حالياً قمة العشرين بالأرجنتين، بأحداث العنف التي شهدتها باريس، وقال: «ما حدث اليوم في باريس لا علاقة له بالتعبير السلمي للغضب المشروع».ونقلت «سي إن إن» عن ماكرون قوله: «لا يوجد سبب يبرر تعرض الشرطة لهجوم، أو نهب المحال، أو إحراق المباني العامة، أو الخاصة، أو تهديد المارة أو الصحفيين، بحيث يتم تدنيس قوس النصر»، متهماً مرتكبي العنف بإحداث الفوضي، متوعداً بتحديدهم ومحاكمتهم.وتابع: «غداً، عند عودتي، سأعقد اجتماعاً مشتركاً بين الوزارات مع الخدمات ذات الصلة. سأحترم دائماً الاحتجاج، وسأصغي دائماً إلى المعارضة، لكنني لن أقبل أبداً العنف».واتهم وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير، من سماهم ب«المخربين» بالتسبب في العنف. وغرد على تويتر: «1500 مخرّب وصلوا لافتعال مشاكل».وقال دوني جاكوب، الأمين العام لنقابة الشرطة البديلة: «نخشى تسلل مجموعات صغيرة من مثيري الشغب من خارج السترات الصفراء، إلى التظاهرة للاشتباك مع قوات الأمن».وحاول ملثّمون تخطي حاجز أقامته قوات الأمن، للقيام بإجراءات التفتيش، دخلوا بعدها الجادات المتاخمة. وتم تخريب مستوعبات النفايات وإحراقها.وقالت المتظاهرة شانتال (61 عاماً): «قالوا لنا إن هناك مشاغبين أمامنا». واعتبرت أن على ماكرون «النزول من برجه لكي يفهم أن المشكلة ليست الضريبة؛ بل القدرة الشرائية».وتحاول الحكومة دون جدوى حتى الآن، التحدث مع ممثلين عن «السترات الصفراء». ودعا رئيس الوزراء إدوار فيليب ثمانية ممثلين للقائه في مكتبه الجمعة الماضية، لكن اثنين فقط حضرا اللقاء. ونقلت وكالة «بلومبيرج» عن فيليب قوله، إن ما يقرب من 36 ألف شخص شاركوا في الأسبوع الثالث من الاحتجاجات. وقال فيليب الذي ألغى زيارة كانت مقررة إلى بولندا لمتابعة تداعيات الاحتجاجات، إنه «صدم» جراء الرسم الجرافيتي على قوس النصر، والاحتجاجات العنيفة حول مقبرة الجندي المجهول في باريس، داعياً إلى احترام حرية التعبير والقانون أيضاً.
مشاركة :