فقدت الدعوة السلفية في الكويت أحد مؤسسيها، وهو الأخ يوسف سعد الجريوي، رحمه الله، الذي لا أجد الكلمات الكافية لذكر محاسنه ومآثره، فقد عرفته منذ عام 1971، وكان طوال مدة إخوّتنا نعم الصديق الناصح الأمين والحريص على شعائر الدين وأحكامه، وفي الوقت نفسه الداعية الطيب المحبوب الذي يلجأ إليه الكبار والصغار للنصيحة وبيان السبيل في الملمات والعقبات التي قد تعترض طريق الدعوة الإسلامية. كان حريصاً، رحمه الله، على بيان خطورة التطرّف بأسلوبه المقنع الشرعي والعقلاني، وكانت الأيام تثبت صحة آرائه واستقرائه، وكان حريصاً على تقريب وجهات النظر بين الإخوة عند الاختلاف مع الوقوف إلى جانب الحق بوضوح وبدون مجاملة، حرصاً منه على بقاء الدعوة السلفية نقية من الشوائب ومن الأفكار الدخيلة. تلقى تعليمه، رحمه الله، في الكويت والولايات المتحدة وألمانيا، حيث تخصص في الهندسة وعلوم الكمبيوتر وعمل في هذا المجال، وكان خبيراً فيه حتى تقاعد قبل سنوات قليلة. أحبه الكبار والصغار في مسجد أحمد بن حنبل، حيث كان يداوم على الصلاة فيه بمنطقة الفيحاء، وكم رأيت الصغار يجتمعون حوله في المسجد بعد الصلاة، فيمازحهم ويأنسون به. تعودت أن ألتقي بأبي سعد في المسجد بعد صلاة الظهر أو العصر، حيث نتجاذب أطراف الحديث حول قضايا الشأن العام، وكان حريصاً، رحمه الله، على قراءة مقالاتي وتأييد ما ورد فيها ونشرها بين بعض الإخوة، وسوف أفتقد هذه اللقاءات المفيدة، فلا حول ولا قوة إلا بالله. رحمك الله يا أبا سعد، تحملت الكثير من هموم الدعوة بسعة صدرك، وتصديت لها برجاحة عقلك، فنسأل الله تعالى أن يكون ذلك في ميزانك عند لقاء ربك. فيل في مجلس الأمة: بالرغم من وضوح الدستور والمذكرة التفسيرية وأحكام المحكمة الدستورية فإن الاستجوابات المطروحة حالياً والخلافات بين الأعضاء بشأنها تحيل أي استجواب إلى أزمة تتبادل فيها الاتهامات، وتتعدد فيها التحليلات التي تذهب بعيداً، فتلعب بها وسائل الاتصال الإعلامي مشعلة حرباً لا هوادة فيها، حتى يقتنع المتابع أو يكاد أن يقع في الفخ فيل لا أرنب.
مشاركة :