تعد الأكلات الشعبية السعودية أحد أشكال التراث، حيث إنها تمثل ماضي لا يعرفه كثير من أبناء هذا العصر، وتأتي سوق طيبة الواقعة في شمال الرياض وتحديدا على شارع العليا العام، من أكبر الأسواق الشعبية التي تحتوي على هذه الأكلات التراثية المصنعة خصيصا بأيدي سيدات محترفات داخل منازلهن، وتتميز ببيع الأكلات الشعبية بمختلف أسمائها، وتتنافس البائعات على صناعة أجود وألذ أنواع الأطعمة السعودية، وقد اتجهت النساء البائعات هناك إلى هذه المهنة لملأ وقت الفراغ، وسرعان ما تحولت إلى تجارة وجني أرباح من ورائها، حيث تراوح نسبة الأرباح بين 6 و10 آلاف ريال شهريا كدخل صاف، بخلاف رغبتهن في المحافظة على التراث السعودي المكتسب من الأجيال الماضية، ليطلع عليه الأجيال الحالية والمستقبلية عبر أكلاتهم الشعبية. وتقول لـ "الاقتصادية" أم تركي، إحدي صانعات الطعام في السوق: إن الفكرة جاءت في المقام الأول لحماية تراثنا الشعبي، بخلاف الملل من وقت الفراغ الذي نعيشه، خاصة أن أغلب المشاركات من السعوديات اللاتي تتجاوز أعمارهن الأربعين عاما، مبينة أنه قد يكون بعض النساء في حاجة إلى المال لمساعدة أزواجهن على المعيشة، وفي هذه المهنة ربح وفير نظرا للتوافد الكبير على شراء الأكل النجدي، الذي نتميز به، بخلاف المأكولات المختلفة مثل الجريش و"المغروسة" المكونة من الرز الأبيض مع اللبن، وأنواع مختلفة من الرز المندي والمضغوط. موضحة أنها تقوم بتعليم بناتها على طبخ هذه الأكلات، والمال الذي يأتي في الشهر يضاهي راتب مسؤول كبير، حيث يصل إلى أكثر من عشرة آلاف ريال صافي الربح، بخلاف المصروفات. من جهتها، قالت أم عثمان: لدينا الحق في أن نطالب بأماكن مخصصة لنا، ومستعدون لكل الإجراءات، خاصة أن الإقبال يتزايد علينا نظرا لأن أغلب الناس ملوا من الأكلات الاعتيادية التي تقدمها المطاعم وزهدوا في الوجبات السريعة، خاصة أن التكلفة واحدة والطعام صحي. وأكدت أم عثمان على ضرورة إتاحة الفرصة لترويج مأكولاتهن حتى نتمكن من رفع نسبة السعوديات العاملات، خاصة أن الدخل الشهري يتجاوز ثمانية آلاف ريال صافي الربح. "فنحن نعمل في هذا المجال منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونبدع في الأكل الجنوبي مثل: العريكة والعصيدة والحنيذ، والأنواع الأخرى المختلفة، ونسعى للتطوير". وقالت أم معاذ التي تمتاز بالطعام القصيمي، إن التسويق لهذه الأكلات الشعبية، التي تتقنها المرأة القصيمية، يساعد في القضاء على البطالة وتحصيل دخل مادي جيد، يغنيهن عن السؤال، هذا بخلاف أنه عمل يتناسب مع قدراتهن، خاصة أنها مهنة متوارثة تعلمنها من الجدات والأمهات، من خلال تعليم تلك الطبخات والأكلات الشعبية لبناتهن ليسهمن في الحفاظ عليها كي لا تندثر. وأشارت أم معاذ إلى أن من أشهر الأكلات التي تقدم في هذه السوق هي الحنيني، والكليجة، والمعمول، وأنواع الفطائر والكيك، مبينة أن الأكلات القصيمية تجذب الزبائن أكثر من غيرها لأنها كلها أكلات تراثية. وطالبت أم معاذ الجهات المختصة بأن تعمل على دعمهن والترويج لهذه المهن، لما تمثله من أهمية في المحافظة على التراث السعودي الأصيل.
مشاركة :