رئيسة الوزراء البريطانية تخوض سباقا ضد الساعة لإقناع النواب البريطانيين المشككين بقوة، بأن اتفاق الانفصال الذي تم التوصل إليه مع الدول الـ27 الأخرى في الاتحاد الأوروبي هو "الأفضل والوحيد الممكن".لندن - تفرض فكرة إجراء استفتاء جديد حول بريكست نفسها كبديل من الاتفاق الذي أبرمته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي والذي ينتظره على الأرجح فشل ذريع في البرلمان، لكن تطبيق هذه الفكرة قد يشكل تحديا كبيرا، بحسب محللين. ورأى الخبير في السياسة الأوروبية كونستانتين فرايزر من مركز "تي اس لومبارد" للأبحاث أن "ثمة دينامية متنامية خلف الحملة لاستفتاء ثان وهذا سيصبح خيارا جديا على الأرجح عندما يتمّ رفض اتفاق تيريزا ماي في مجلس العموم". لكنه تدارك قائلا "لا أقول إن إجراء استفتاء ثان مرجح إنما هذا الأمر هو احتمال يكتسب زخما". وتخوض ماي سباقا مع الزمن لإقناع النواب البريطانيين المشككين بقوة، بأن اتفاق الانفصال الذي تم التوصل إليه مع الدول الـ27 الأخرى في الاتحاد الأوروبي هو "الأفضل والوحيد الممكن". وفي المرحلة الراهنة، تبدو ماي بعيدة عن جمع عدد الأصوات الضرورية لإقرار هذا النص في 11 ديسمبر/كانون الأول وهي تواجه معارضة من جانب مؤيدي بريكست الذي يخشون ارتباطا غير محدود للمملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي ومن جانب مؤيدي أوروبا أيضا الذين لا يرون مصلحة في الخروج من الاتحاد. وأكد وزير الدولة المكلف بالعلوم سام غيما وهو آخر من قدم استقالته من الحكومة بسبب معارضته لاتفاق الانفصال مع الاتحاد الأوروبي، أنه سيصوّت ضد النصّ. وحضّ هذا النائب المحافظ الذي دافع عن إبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، رئيسة الوزراء على عدم استبعاد خيار إجراء استفتاء ثان حول بريكست في حال رفض البرلمان الاتفاق. ويقول نيك رايت من جامعة كوليدج في لندن، إن في حال الفشل يمكن لرئيسة الوزراء المحافظة أن تلعب ورقة الخوف وتحصل في النهاية على دعم النواب خلال تصويت جديد، مهددة بحصول فوضى في المملكة المتحدة في حال الخروج من دون اتفاق في 29 مارس/اذار 2019. وترفض ماي بشكل قاطع إجراء استفتاء ثان وترى أنه "خيانة" للخيار الذي عبّر عنه 52 بالمئة من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران 2016. ومع ذلك، فإن الفكرة تكتسب زخما. وقد حشدت نحو 700 ألف متظاهر في لندن في أكتوبر/تشرين الأول. وأظهر استطلاع للرأي نشرته هذا الأسبوع صحيفة ذي دايلي مايل أن 48 بالمئة من البريطانيين يؤيدون إجراء استفتاء جديد مقابل رفض 34 بالمئة. وجاءت تصريحات رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أيضا لتعزز هذه الآمال، إذ قال الجمعة على هامش قمة مجموعة العشرين في بوينوس آيرس، إن رفض الاتفاق لن يترك إلا خيارين: الخروج "من دون اتفاق أو لا بريكست بتاتا". وحظيت فكرة إجراء استفتاء ثان هذا الأسبوع بدعم مسؤول كبير في حزب العمّال هو جون ماكدونيل ما يشير إلى تحوّل في موقف حزب المعارضة الرئيسي الذي كان يرفض ذلك بشكل رسمي حتى الآن. واعتبر أن هذا الدعم الذي تطالب به قاعدة واسعة من الحزب، "لا مفرّ منه" في حال فشل الحزب في الدفع نحو الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة. وعدا عن الخلافات حول مسألة إجراء استفتاء جديد وافتقار الحكومة إلى الدعم، فإن الجدول الزمني يطرح مشكلة. وقامت المملكة المتحدة في 29 مارس/اذار 2017 بتفعيل المادة 50 من اتفاق لشبونة لتبدأ بذلك عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد خلال سنتين. ويُفترض أن تقول محكمة العدل الأوروبية كلمتها في ما إذا كان ممكنا وقف هذه العملية، بناء على طلب قدمته مجموعة من المسؤولين الاسكتلنديين المؤيدين لأوروبا. ويمكن لبريطانيا أيضا أن تدعو إلى تمديد هذه المهلة، للتمكن من استطلاع ناخبيها، لكن لندن لن تربح إلا بضعة أسابيع بسبب موعد الانتخابات الأوروبية المحدد في أواخر مايو/أيار 2019، وهي مدة غير كافية. ويعتبر كونستانتين فرايزر أن "أكبر عقبة أمام استفتاء ثان هو الوقت" مشيرا إلى أن المملكة المتحدة تحتاج إلى "أربعة أو خمسة أشهر" لتنظيم استفتاء، مضيفا "مهما حصل، المملكة المتحدة ستبقى منقسمة جدا". وأكد مصدر دبلوماسي أن "في حال وصلنا إلى هنا، فإن الأوروبيين لن يمددوا المادة 50 إلا حتى الانتخابات الأوروبية". ويعتبر نيك رايت من جهته أن بروكسل يمكن أن تبدي مرونة مقابل استفتاء يمكن أن يغيّر المعطيات بشكل كامل. ويقول "سيكون ذلك معقدا، لكن لا أعتقد أن الاتحاد الأوروبي سيرفض".
مشاركة :