الاقتصاد السعودي على توقيت ساعة الملك

  • 1/30/2015
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

كان يوم الجمعة الماضي يوماً صعباً على السعوديين، كما يعتبر الأسبوع الذي ينتهي اليوم هو الأكثر حزناً في تاريخ بلادهم، إذ فقدوا قائدهم الذي يحبهم ويحبونه، والمتابع للصحف والإعلام وحديث المجالس ومواقع التواصل الاجتماعي يجدها تتحدث بمرارة عن فقد خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وبدورها كانت البيوت والأُسر تعزي وتتلقى العزاء بالتناوب في فقد الراحل الكبير. عبدالله بن عبدالعزيز لم يكن ملكاً فقط، كان لمواطنيه أباً وأخاً وقائداً ورمزاً وملْهِماً، فلا غرابة أن يحظى فقده بكل هذا الحزن، وموته بكل هذا الأسى، وغيابه بكل هذه المرارة، على رغم الإيمان والتسليم التام بقضاء الله وقدره. كانت «كاريزما» عبدالله بن عبدالعزيز، وبساطته وعفويته، وسماحته وصراحته، وبُعده عن التكلف، هي خلطة كيمياء الحب المتبادل بينه وبين مواطنيه، وكانت إنجازاته للوطن والمواطن سبباً لامتنانهم لشخصه ولفترة حكمه الزاهرة بالمشاريع والابتعاث والجامعات والنقل والتوظيف والملاعب والإسكان، والتطوير والتحديث على مدار اليوم والساعة. فرحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وجزاه عن أمته ووطنه ومواطنيه خير الجزاء وأحسنه. ولاشك أن ما يخفف لوعة الفراق وهول المصاب الكبير على السعوديين هو أن من يتسنم القيادة بعد الملك عبدالله -رحمه الله- هو رجل الوطن الكبير الآخر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. والملك سلمان هو رجل «الحكمة» و«الحنكة» و«الإنجاز» والعطاء المتواصل للوطن والمواطن لما يزيد على 60 عاماً. كما كان اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للأمير مقرن ولياً للعهد وللأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد موضع ترحيب واستحسان واطمئنان مواطنيه الذين أقبلوا «مبايعين»، ورافعين رايات الولاء والمحبة والإخلاص للوطن ولقيادته الجديدة. اقتصادياً، كان الانتقال السلس للسلطة، وتسمية خادم الحرمين الشريفين لولي عهده وولي ولي عهده في الوقت المناسب عاملاً حاسماً وإشارة طمأنينة على استقرار البلد سياسياً وأمنياً، فسارت تبعاً لذلك الأمور الاقتصادية على طبيعتها المعتادة، فالعامل في مهنته، والموظف في وظيفته، والتاجر في دكانه، وكأن شيئاً لم يحدث ولم يتغير، على رغم عظم المصاب. اقتصادياً أيضاً، يراهن المواطنون على حزم الملك سلمان، وعلى قدرته وحسمه لحلحلة كثير من القضايا التي تحتاج إلى تدخل وحزم، وإلى حلول ناجعة وسريعة. ولعل ملف الإسكان الذي لم ينجز فيه الكثير، هو ما يتطلب التدخل لإعادة مؤشر البوصلة لاتجاهها الصحيح، كما أن ملف البطالة وضعف قدرة الاقتصاد على خلق فرص العمل من المشكلات التي تتطلب التوجيه والمتابعة. ولاشك أن تعثر عدد ليس بالقليل من مشاريع التنمية التي يعول عليها في دفع مسيرتها نحو الشمس، هو إحدى أبرز و«أسخن» القضايا الاقتصادية التي تتطلب التدخل والحل والعلاج الفعال، كما أن الصحة وتوفر السرير للمريض أمر يحتاج إلى كثير من العزم والحزم والسرعة في الإنجاز. وبالطبع، يأتي إصلاح التعليم، وتنويع مصادر الدخل كأولويات للتنمية تحتاج إلى العمل الكبير على المدى المتوسط والطويل لإصلاحها. ختاماً، الاقتصاد السعودي بخير، وهو رقم مهم وكبير على مستوى المنطقة والعالم، والمملكة حاضرة ومؤثرة اقتصادياً في مجموعة العشرين، وفي الصندوق والبنك الدوليين، كما أنها المستودع والمصدر الأكبر للسلعة الأهم في العالم (النفط). ولكن هذا لا ينفي وجود بعض المشكلات على مستوى الاقتصاد الداخلي التي تعوق انطلاقة التنمية، وتحد من استفادة المواطن من خيرات وخدمات بلاده، كما يخطط ويطمح ولاة الأمر في البلد. ولهذا يراهن السعوديون على قدرة ملكهم الجديد على تفتيت هذه العوائق، وجعل ما يعترض مسيرة التنمية فصلاً غير طويل ولا مؤثر في تاريخ الاقتصاد السعودي. ولعل من يعرف دقة التزام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بعقارب الساعة، وحرصه على الإنجاز بالكفاءة القصوى وفي الوقت المحدد، لا يملك إلا أن يأمل وينتظر انتفاضة إدارية يقودها الملك الحازم؛ كي لا تجنح مسيرة التنمية عن مسارها المحدد. وكل الدعاء لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد بالتوفيق والسداد، وأعانهم الله لقيادة مسيرة وطن دائماً ما يحمل الأمانة العظمى فيه «خير خلف لخير سلف». * أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية. dr_ibnrubbian@

مشاركة :