نفي إيران وجود قواعد عسكرية بسوريا مناورة أم خضوع للضغوط الروسية

  • 12/5/2018
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

دمشق – نفى الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبوالفضل شكارجي وجود أي قواعد عسكرية لبلاده في سوريا، مشددا على أن دور طهران في هذا البلد كما العراق لا يتجاوز بعده الاستشاري. وتأتي تصريحات الناطق باسم القوات المسلحة الإيرانية في ظل أنباء عن ضغوط روسية تمارس على طهران لتخفيف وجودها في الساحة السورية، الذي تحول إلى عبء ثقيل يحول دون انطلاقة جدية لتسوية سياسية تنهي الصراع الدائر في هذا البلد منذ العام 2011. وتضع الولايات المتحدة رحيل إيران عن المسرح السوري شرطا أساسيا لإنهاء النزاع الذي كانت انطلاقته مواجهة بين نظام قمعي ومعارضة مسلحة تسعى للإطاحة به، ليتطور النزاع فيما بعد إلى حرب معقدة يتداخل فيها المحلي بالإقليمي والدولي. وقال شكارجي في حوار مع وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية نشرته الثلاثاء، إن إيران تقدم خدمات استشارية في كل من سوريا والعراق بدعوة من شعبي وحكومتي البلدين، وأن حضورها هناك قانوني وشرعي. وفي رده على تعرض قواعد عسكرية إيرانية في سوريا لهجمات إسرائيلية آخرها الهجوم الذي وقع الخميس، صرح العميد شكارجي قائلا “لا توجد لدينا مقرات هناك كي يتم ضربها فمن الممكن أن يتم ضرب المواقع السورية ويكون فيها مستشارون من إيران”. وأضاف أن “الادعاء الأميركي بحضور إيران في سوريا هو مجرد حجج مبنية على هراءات إسرائيلية”. واستأنف القصف الإسرائيلي الخميس الماضي، لمواقع داخل سوريا، بعد انقطاعه لأسابيع على خلفية الأزمة التي استجدت في 17 سبتمبر الماضي بين تل أبيب وموسكو جراء إسقاط طائرة روسية من نوع إيل 20. وكانت المضادات السورية قد أسقطت الطائرة الروسية خلال محاولاتها التصدي لمقاتلات إسرائيلية في محافظة اللاذقية، واتهمت موسكو تل أبيب بالتسبب في الحادث من خلال تعمد إبلاغها بالهجوم قبل أقل من دقيقة، الأمر الذي حال دون إمكانية إبعاد الطائرة، فضلا عن كون المقاتلات المهاجمة كانت اتخذت من الأخيرة غطاء لها. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن استئناف القصف يعكس عودة التنسيق الروسي الإسرائيلي، فموسكو بدورها لم تعد قادرة على تحمل عبء الوجود الإيراني الذي يعرقل التوصل إلى حل للصراع. طارق صولاق: أتباع إيران يدفعون رواتب لعائلات سنية كي يتحولوا عن مذهبهمطارق صولاق: أتباع إيران يدفعون رواتب لعائلات سنية كي يتحولوا عن مذهبهم وتوصلت موسكو إلى اتفاق مع إسرائيل عقب تدخلها في سوريا في العام 2015، ويقضي الاتفاق بإعلام وزارة الدفاع الإسرائيلية نظيرتها الروسية بأي هجمات داخل سوريا مسبقا لتفادي أي صدام بينهما. وتنظر روسيا للضربات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع في سوريا يشتبه بأنها قواعد عسكرية تابعة لإيران وميليشياتها، على أنها عامل ضغط إضافي لمنع طهران من تركيز منظومة عسكرية دائمة في هذا البلد. وتدرك روسيا أن استمرار الوجود الإيراني سيعني أن لا أفق لحل الأزمة السورية؛ فرغم استعادة النظام السوري سيطرته على أكثر من نصف مساحة البلاد بفضل تدخلها الحاسم، لا يمكن أن يتم إنهاء الأزمة دون توافق مع الولايات المتحدة، التي تملك حضورا عسكريا في شمال شرق البلاد. وصرح المبعوث الخاص لوزير الخارجية الأميركي إلى الشأن السوري، جيمس جيفري أثناء موجز صحافي عقده الاثنين في أعقاب اجتماع “المجموعة المصغرة بشأن سوريا” بأن الولايات المتحدة لن تبقى في سوريا إلى الأبد، بل حتى تحقيق شروطها، وهي إلحاق هزيمة نهائية بداعش، وانسحاب القوات الإيرانية من جميع أنحاء سوريا، وتنفيذ عملية سياسية لا رجعة فيها. ويرى مراقبون أن موقف روسيا من وجود طويل الأمد لإيران لا يرتبط فقط بالفيتو الأميركي الغربي، بل أيضا لأن ذلك لا يخدم مصالحها مستقبلا، حيث تخشى تكرار سيناريو الولايات المتحدة في العراق. وأعرب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يادلين قبل أيام عن اعتقاده بأن روسيا وجهت رسالة قوية لإيران، مفادها أن تحصيناتها العسكرية ومصانعها في سوريا تضر بالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في سوريا. وأضاف يادلين “سوريا غير المستقرة لا تناسب الروس” ، لافتا إلى أن السبب خلف انخفاض الضربات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع إيرانية ليس عدم رغبة تل أبيب في شن هجمات، بل يعود إلى تغيير في تكتيكات طهران، بسبب الضغط الروسي. ولفت المسؤول الإسرائيلي السابق إلى أن إيران بصدد نقل كل نشاطها إلى لبنان، وأن حزب الله الذراع الأقوى لطهران في المنطقة، عمد بالفعل إلى سحب جزء من وحداته إلى الداخل اللبناني حيث أعاد انتشاره هناك. ولوحظ في السنوات الأخيرة تراجع الإيرانيين في أكثر من جبهة سورية، حيث أنهم لم يشاركوا ظاهريا في العملية التي شنها الجيش السوري في يوليو 2018 لاستعادة السيطرة على جنوب البلاد المحاذي للجولان المحتل، ولم تكن لهم أي دور في اتفاق إدلب الذي تم بين روسيا وتركيا في 17 سبتمبر. ويرى مراقبون أن تخفيف هذا الحضور يعود بالأساس إلى الضغط الروسي، ولكن هذا لا يعني أن طهران بصدد التخلي عما حققته في الساحة السورية التي استثمرت فيها الكثير ماديا وعسكريا، وأن إيران ستبحث بالتأكيد عن خيارات تجعلها موجودة على الساحة دون أن يكون ذلك بالضرورة عبر تشييد قواعد عسكرية مكشوفة. ويلفت المراقبون إلى أن في السنتين الأخيرتين لوحظ أن العناصر الإيرانية والموالية لطهران باتت تعتمد التمويه عبر ارتداء زي القوات النظامية، فضلا عن تشكيل مجموعات سورية موالية لها، وتسريع العمل على نشر المذهب الشيعي في مناطق انتشارها في سوريا، لضمان قاعدة عريضة موالية لها. وحذر القائد العسكري التركماني في الجيش السوري الحر طارق صولاق، الثلاثاء، من أن “أتباع إيران يدفعون رواتب لعائلات سنية كي يتحولوا عن مذهبهم إلى جانب فتح مدارس لاستقبال أطفال وتشييعهم”. وكشف أن النظام “يمنح الجنسية السورية لعناصر المجموعات الأجنبية التي تقاتل لجانبه، ويسكنهم بيوت المدنيين الذين هجّرهم من الغوطة (ريف دمشق) وغيرها من المناطق”.

مشاركة :