نجح مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، أمس، في اصطحاب وفد الميليشيات الحوثية على متن طائرة كويتية من مطار صنعاء باتجاه السويد لحضور جولة المشاورات مع وفد الحكومة الشرعية. وفي حين رافق الوفد، إضافةً إلى غريفيث، كلٌّ من المبعوث السويدي إلى اليمن والسفير الكويتي، جاء ذلك غداة إجلاء 50 جريحاً حوثياً مع 50 من مرافقيهم إلى سلطنة عمان على متن طائرة تجارية استأجرتها الأمم المتحدة لهذا الغرض بعد موافقة التحالف الداعم للشرعية في اليمن. ولمح المتحدث باسم الجماعة ورئيس وفدها للمشاورات محمد عبد السلام، في منشورات على «فيسبوك»، إلى أن الجماعة غير واثقة من نجاح المشاورات، كما لمح إلى أن جماعته حققت انتصاراً معنوياً بعد أن فرضت على المبعوث الأممي تنفيذ شروطها قبل الموافقة على حضور مشاورات السويد. وهدد عبد السلام بأن جماعته لن تقف مكتوفة الأيدي في حال لم تسر المشاورات كما تريد، في تلميح إلى إصرار الجماعة الموالية لإيران على التصعيد العسكري والاستمرار في الحرب. ويتنقل المتحدث باسم الجماعة بين مسقط وعدد من العواصم من بينها طهران وبيروت، إذ يعد بمثابة وزير الخارجية الفعلي لحكم الميليشيات وحلقة الوصل مع النظام الإيراني و«حزب الله» اللبناني. وفي حين أكد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن وفد الشرعية سيتوجه إلى السويد بمجرد التأكد من وصول وفد الميليشيات الحوثية، أفاد المصدر بأن أعضاء الوفد هم أنفسهم الذين ذهبوا إلى جنيف في الجولة الماضية والتي تخلف الحوثيون عن حضورها، مع إضافة عبد العزيز جباري مستشار الرئيس اليمني، وأحمد غالب عضو اللجنة الاقتصادية. ويترأس الوفد الحكومي خالد اليماني وزير الخارجية، ويضم في عضويته كلاً من عبد الله العليمي مدير مكتب رئاسة الجمهورية، وعبد العزيز جباري مستشار الرئيس هادي ممثلاً لحزب «العدالة والبناء»، وياسين مكاوي مستشار رئيس الجمهورية والقيادي بالحراك الجنوبي، ومحمد العامري وزير للدولة وقيادي في حزب الرشاد، كما يضمم الوفد كلاً من علي عشال عضو مجلس النواب وقيادي في حزب الإصلاح، وعثمان مجلي وزير الزراعة في الحكومة الشرعية قيادي في حزب المؤتمر الشعبي، ورنا غانم الأمين المساعد للتنظيم الناصري، ومروان دماج وزير الثقافة وقيادي بالحزب الاشتراكي، إضافة إلى العميد عسكر زعيل الملحق العسكري اليمني بتركيا، وهادي هيج عضو مجلس الشورى وقيادي في مقاومة تهامة، وأحمد غالب عضو اللجنة الاقتصادية. إلى ذلك أكدت مصادر سياسية في صنعاء أن الميليشيات الحوثية لم تجرِ أي تعديلات على أسماء وفدها المفاوض الذي يترأسه المتحدث باسمها محمد عبد السلام، والذي يضم كذلك موالين للجماعة الحوثية وهم: جلال الرويشان، وخالد سعيد الديني، وعبد الملك العجري، وغالب مطلق، وحميد عاصم، وسليم المغلس، وإبراهيم عمر حجري، وسقاف عمر علوي، وعبد الملك الحجري، وعبد المجيد الحنش، ويحيى علي نوري. وفي حين يعتقد متابعون للشأن اليمني أن تعنت الميليشيات الحوثية المعهود عنها قد يتسبب في إفشال انعقاد جولة المشاورات في أي لحظة، كما حدث مع مشاورات جنيف، كانت الجماعة قد طالبت بضمانات بشأن نقل وفدها المفاوض وضمان عودته إلى صنعاء. ويأمل غريفيث ودوائر غربية أن تنجح المساعي الحالية في السويد في تحقيق تقدم على صعيد ملفات بناء الثقة ويتصدرها ملف الأسرى والمفقودين وفتح الممرات أمام المساعدات الإنسانية إلى جانب ملفات توحيد البنك المركزي، وصرف رواتب الموظفين، وفتح مطار صنعاء، والتوافق بشأن مدينة الحديدة ومينائها. وتتمسك الحكومة الشرعية بدعم الجهود الأممية إلا أنها ترفض أي مسار للسلام يخرج عن إطار مرجعيات الحوار المتفق عليها وهي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216. ويرجح مراقبون أن الجماعة الحوثية لن تقبل بتفكيك سلطاتها الانقلابية خصوصاً على صعيد تسليم الأسلحة والانسحاب من المدن والمؤسسات الحكومية، كما نص على ذلك قرار مجلس الأمن 2216، إذ إنها تريد اتفاقاً يضمن لها الحفاظ على وجودها الانقلابي، بخاصة أنها لا تعترف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وتصر على تشكيل حكومة شراكة وتعيين رئيس توافقي جديد. وكان المبعوث الأممي غريفيث قد قال إنه لديه خطة للسلام في اليمن يأمل تنفيذها على ثلاث مراحل، وتشمل -إلى جانب ملفات بناء الثقة- الجوانب والترتيبات السياسية والأمنية وصولاً إلى تشكيل حكومة انتقالية يشارك فيها الحوثيون. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، أمس، إن محادثات السويد تمثل «فرصة حاسمة» لإيجاد حل سياسي. وقال: «التوصل إلى حل سياسي دائم بقيادة اليمنيين يمثل أفضل فرصة لإنهاء الأزمة الراهنة. الدولة المستقرة المهمة بالنسبة إلى المنطقة لا يمكن أن تتعايش مع ميليشيات غير قانونية». وكانت الحكومة الشرعية قد أعلنت أنها أبرمت اتفاقاً مبدئياً برعاية غريفيث مع الميليشيات الحوثية، لإطلاق أكثر من 3500 أسير ومعتقل من الجانبين، إلا أن التفاصيل على الإجراءات لتنفيذ الاتفاق لا تزال مرهونة بالتوافق النهائي خلال مشاورات السويد. ويشمل الاتفاق إطلاق أربعة من كبار القيادات الموالية للشرعية بينهم وزير الدفاع السابق محمود الصبيحي، والقائد العسكري فيصل رجب، وشقيق الرئيس هادي، ناصر منصور هادي، والقيادي البارز في حزب الإصلاح محمد قحطان. وقال هادي هيج، مسؤول ملف الأسرى في فريق المفاوضين التابع للحكومة اليمنية، إن الاتفاق يشمل الإفراج عن 1500 إلى 2000 عنصر من القوات الموالية للحكومة، و1000 إلى 1500 شخص من المتمردين الحوثيين. ورأت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء ميريلا حديب، رداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «هذه خطوة في الاتجاه الصحيح نحو بناء الثقة بين المجتمعات اليمنية»، مشيرة إلى أن اللجنة ستشرف وتسهّل عملية التبادل بين الطرفين. وكان غريفيث قد أعلن في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي، أن التوصل إلى اتفاق لتبادل السجناء بات قريباً، وذلك في إطار الإجراءات التي تعزز الثقة بين الطرفين استعداداً للمحادثات. وأكد «رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» لدى المتمردين الحوثيين عبد القادر المرتضى، حصول الاتفاق، وأعرب عن أمله في أن يتم تنفيذ الاتفاق «بكل سلاسة». وتأمل الحكومة الشرعية أن ترضخ الجماعة الحوثية للسلام المبنيّ على المرجعيات الثلاث، لكنها تقول إن الحسم العسكري للقضاء على الانقلاب سيكون الخيار الأخير إذا قطعت الجماعة الموالية لإيران كل الطرق أمام المساعي الأممية والدولية للتوصل إلى اتفاق.
مشاركة :