في حضرة أبي.. يحلو الجلوس.. وفي حضرة أبي نسأل ونعرف، فنحن نشتاق للمعرفة، وهو لا يبخل بفتح ما يملك ويدخر من كنوز.. كونتها قراءته المتعددة لعشرات الكتب منذ أن كان حدثًا، ولايزال أيضًا حريصًا على أن ينهل من منابع المعرفة.وفي حديثنا الممتد.. كان سؤال عن الفن والموسيقى..فقال:"الذي خلق الأزهار بهذا الفن وخلق الأشجار بهذا التباين والاختلاف وخلق الطيور المتنوعة بألوانها، ألم يكن من الممكن أن يخلق كل الأطيار بلون واحد؟ والأزهار بلون واحد؟ هل كنا سنرفض أو نعترض؟ بالطبع لا. ولكن الله صنع هذه المخلوقات على هذه الدرجة العالية من الفن الرفيع، لكي ننظر نحن بأعيننا ونتذوق هذا الفن المتقن. وكما قال السيد المسيح " ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها". وتذوق الفن هبة من الخالق، ومثلما تذوقنا الجمال والفن فقد تذوقنا موسيقى الكون. مثلما تذوقنا الفن والجمال وعمل الإنسان محاكاة لهما في الكهوف الأولى فيما قبل التاريخ، فقد وجدوا ألوانا وصورًا تحاكي ما يراه الإنسان في جمال الطبيعة. هذا أيضًا ما حدث مع الموسيقى فقد حاكى الإنسان الأول الموسيقى التي سمعها من الطبيعة وجاء فن الموسيقى. الفن عمومًا هو تذوق وتنسم يد الله ومعايشة الإنسان لأعمال الله في الطبيعة. ولأن الإنسان مخلوق على شبه الله وصورته ،جعلته يرغب أيضًا في عمل شبه الخلق.. فهو يحمل صورة الله. ولم نجد أيًا من المخلوقات الأخرى تعمل شيئًا فيه شبه الخلق كالإنسان، فالإنسان فقط من له أعمال ملموسة، وحتى إن قلنا أن الطيور تصنع بيوتًا وأعشاشًا لها فهذا شئ وضعه الله في طبيعتها بطريقة نمطية.أما الإبداع والفن شىء اختص به الإنسان فقط وهذا يعتبر إحدى بصمات وجود الله وصورته فينا. فالفنان حينما يبدع يشارك فعل الخلق بصورة محدودة وصورة لا تحمل الروح، فنجد المثَّال وما يعمله من تماثيل فنية بألوانها جاء من إبداع داخلي وضعه الله فيه. والفن لا يعارض فكرة الروحانية بل بالعكس الفن يعطي روحانية أعلى، فمثلا عندما يسمع الإنسان الموسيقى يشعر بارتفاع روحانياته. والليتورجية ( القداس ) فيها موسيقى ولدينا مثلًا القداس الكيرلسي في القديم لم يكن يصليه الكاهن دمجًا، بل كان يصلي ألحانه والتى يصل زمن لحن منها إلى 20 دقيقة متواصلة يصليها الكاهن أمام المذبح. وإذا ما صلى القداس الكيرلسي كاملًا بألحانه بدون دمج النغمات لوصلت مدة صلاته إلى 6 ساعات أو أكثر. فمثلًا لحن جملة " يا رئيس الحياة " فقط هو نفس لحن " تين ثينو " كاملًا فى التسبحة. ونجد أن بعض الإلحان القبطية المستخدمة في المناسبات هي ألحان فرعونية. فمثلًا في أسبوع الآلام نجد أن المسيحية أخذت عن ألحان الفراعنة الألحان التي كانت تحمل فكرة الموت والحياة وصاغوا عليها كلمات تناسب المسيحية. وهناك بعض الإلحان حسب ذكر المؤرخين كان يستخدمها الفراعنة يوميًا في ممارستهم. وأعتقد أن ألحان التسبحة التي تقال يوميًا مأخوذة عن أجدادنا الفراعنة. ومن ألحان المناسبات، لحن "أبؤرو" مأخوذ من مناسبة "تجليس الفرعون"، ولحن "غولغوثا" كان يقال في مناسبة "دفن الفرعون"، ويوجد أيضًا لحن "بيك إثرونوس" والذي تجمع نغماته بين الشعور بالحزن والفرح معًا فقد كان يقال في وداع فرعونًا قد مات ومستقبلين أخر سيجلس على العرش. والليتورجية تحوي بعض الألحان الفرعونية.. الليتورجية ليست لحن فقط بل لحن وكلمات صلاة تعكس إيمان الكنيسة، فلهذا لا تجدنا نصلي ليتورجية لا تخص كنيستنا. فهذا معناه أبتعاد عن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية وتغرب عنها. حدث منذ عشر سنوات تقريبًا في السويد، أن نالت الليتورجية القبطية إعجابهم هناك وقالوا أنهم شعروا بمدى روحانياتها، وصلوا بها دون إيمان بفعل الصلاة في فعل الاستحالة ( أي تحول الخبزوالخمر إلى جسد ودم ) فأخذوها كشكل فقط ولم يستمر الأمر. وجد الفراعنة ارتباط بين الموسيقى والكواكب، فألفوا النغمات السبع على السبعة كواكب، فقد وضعوا لكل كوكب نغمة ودرجة موسيقية خاصة به. وتعاملوا مع الموسيقى على أنها شئ سماوي يحمل بصمة الإله في الكون كله، وقد كانت فكرة تعكس مدى الرقي الروحي لديهم. وربط الفراعنة أيضًا بين الأيام والموسيقى فكل يوم مرتبط بنغمة موسيقية.وفي سؤال عن ارتباط الانسان وحالته بالكواكب قال أبي: "لي فكرة كونتها من بحثي وقراءاتي.. وهي أن للكون كله طبيعة مادية واحدة وأن ما يحرك الكون هو قوى مغناطيسية، بصورة ما.. تتحكم في حركة الكواكب، وما يحدث مثلا من حالات المد والجذر هو نتاج القوى المغناطيسية. وفي إحدى الدراسات المهمة اكتشف أن اقتراب القمر أو بعده عن الأرض وما يحدثه من مد وجذر يؤثر بصورة أو بأخرى على مشاعر الإنسان وحالته المزاجية.وعندما قمت بالبحث لأعرف هذا التأثير وجدت بصورة عامة أن الخلايا الجسدية تحمل أيضًا مجالات مغناطيسية فالجسم إذا كله له مجال مغناطيسي، فلذا عند مولد الإنسان فهو يدخل بكيانه المغناطيسي الخاص به داخل المجال المغناطيسي للكون كله.. وبالتالي فإن وجود كيان مادي يحمل مجال مغناطيسي ( الطفل المولود ) داخل الكيان المغناطيسي الأكبر ( الكون ) يحدث نوع من التأثر. وهذا التأثير على خلايا الإنسان " التي تحمل مجالًا مغناطيسيًا كما قلنا " وهي التي تكون كيانه العام وأعضائه ككل..تنعكس أيضًا على حالته المزاجية في ذلك الوقت. وما يدلل على ذلك انه أحيانًا يدخل الإنسان أحد الأماكن التى تحمل قوى مغناطيسية عالية فيشعر بضيق واختناق، أو راحة وهدوء حسب تأثره بتلك القوى.إذا حينما نقول أن تأثرنا مرتبط بالكواكب فهذا منطقي لأننا جزء من الكون، ولكن هذا لا يعني ارتباطها بتنبؤات عن المستقبل وغيره مما يفعله البعض كالمنجمين فلا تنبوء برزق أو وظيفة أو غيره، فالأمر يقتصر على التأثر المزاجي مع وجود فروق أيضًا من شخص لآخر، وحينما نصف مواليد برج فلكي ببعض الصفات فقد تتوافق نظرًا لتأثر المولود يوم ميلاده كما سبق قلنا، وهو شىء ليس حتمي لكن جائز حدوثه.
مشاركة :