عشرات القتلى بهجمات متزامنة في سيناء

  • 1/31/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

قُتل عشرات، غالبيتهم من قوات الجيش المصري، في هجوم «نوعي» استهدف بالتزامن مقرات عسكرية وأمنية في وسط مدينة العريش في شمال سيناء مساء أول من أمس. وتبنت جماعة «ولاية سيناء» التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» الاعتداء، فيما اعتبره الرئيس عبدالفتاح السيسي «جزءاً من حرب ضد أقوى تنظيم سري في القرنين الماضيين». وحمّل الجيش جماعة «الإخوان المسلمين» مسؤولية الهجوم. ونفذ مسلحون الهجوم باستخدام قذائف هاون وسيارات مفخخة، واستهدفوا مقرات عسكرية وأمنية في ضاحية السلام في وسط مدينة العريش، ما أدى إلى مقتل أكثر من 30 شخصاً، غالبيتهم من الجيش، وجرح أكثر من 60 آخرين. وتضم ضاحية السلام مقرات «الكتيبة 101» التابعة لقوات حرس الحدود العسكرية، وفي مواجهتها تماماً مديرية أمن شمال سيناء، وإلى جوارها مقر مباحث الأمن الوطني في شمال سيناء، وخلفهما مقر محافظة شمال سيناء. وقرب الكتيبة العسكرية، نادٍ لضباط القوات المسلحة، ومقر لإقامة ضباط في الشرطة. وتوجد مكامن أمنية ثابتة عدة قبل الدخول إلى تلك المنطقة الأمنية من مختلف الجهات، وعند تقاطعات الشوارع في تلك الضاحية المؤمنة تأميناً رفيعاً. وفي مرمى تلك المقرات يقع متحف العريش والمجلس القومي للمرأة. وعلى بعد نحو 700 متر منها، توجد منطقة تجارية ومساكن شعبية. ووفق مصادر أمنية وعسكرية تحدثت إليها «الحياة»، فإن الهجوم بدأ بإطلاق وابل من قذائف الهاون صوب ضاحية السلام، من جهات عدة، إذ استهدفت الكتيبة 101 من جهة الشرق، ومديرية الأمن من الجهة الغربية، وسقطت قذائف عدة على التمركزات الأمنية الثابتة. وحين بدأت القوات الرد على مصادر إطلاق النيران والاحتماء بالسواتر كي لا يُخلف القصف خسائر كبيرة، ظهرت سيارات في الأفق في وقت سريان حظر التجوال سعت إلى اقتحام التمركزات الأمنية. وأوضحت المصادر أن أول سيارة كانت آتية من طريق رفح - العريش من جهة متحف العريش، فتصدت لها قوات المكمن وأمطرتها بالرصاص، فانفجرت «إما بحزام ناسف فجره انتحاري، أو لإصابة طلقات الجنود متفجرات فيها»، وفق أحد المصادر. وبعد لحظات، اخترقت سيارة ثانية الحاجز وتمكنت من الوصول إلى كتيبة حرس الحدود وانفجرت، لكن لم يتضح إن كانت السيارة اقتحمت الكتيبة أو انفجرت عند مدخلها، فيما انفجرت سيارة ثالثة على بعد أمتار من مديرية أمن شمال سيناء. وبالتزامن مع تلك التفجيرات التي أتت متلاحقة، استمر إطلاق قذائف الهاون، قبل أن تُحلق مروحيات في سماء العريش لملاحقة مصدر إطلاق النيران. ولم تصدر أي حصيلة رسمية لقتلى الهجوم، لكن مصادر أوضحت أن 3 ضباط في الجيش أحدهم برتبة عميد قتلوا، وأن غالبية القتلى من جنود كتيبة حرس الحدود، فيما قُتل 3 من أفراد الشرطة المكلفين حراسة مديرية الأمن. ووفق مصادر طبية، قتل نحو 30 شخصاً في تلك الهجمات، بينهم مدنيون. وقال مصدر أمني إن سلطات التحقيق تحلل أشلاء الانتحاريين الذين نفذوا الهجمات بالسيارات المفخخة في محاولة لتحديد هويتهم. وروى شهود عيان محليون لـ «الحياة» أن واجهات المنازل في محيط كيلومتر من الضاحية وكذلك محلات السوق التجاري، تهشمت من قوة التفجير، وأن بنايات عدة بينها مقر المجلس القومي للمرأة، نالها تخريب كبير نتيجة الانفجارات وتشققت جدرانها. وروت أنه بعد حدوث ثلاثة انفجارات متتابعة، أطلقت التمركزات الأمنية في مدينة العريش النار بكثافة وفي اتجاهات عدة لصد أي هجوم محتمل. وفرضت قوات الجيش والشرطة طوقاً أمنياً مُحكماً حول المقرات الأمنية في الضاحية، ومنعت حركة السير أمامها. واستهدف مسلحون مكمن الماسورة العسكري عند المدخل الغربي لمدينة رفح، بقذائف هاون، ما أسفر عن جرح 4 أطفال وامرأتين، وفق مصادر أمنية، كما استهدف مكمن البوابة عند المدخل الرئيس لمدينة الشيخ زويد ومعسكر الزهور في الشيخ زويد، بقذائف لم تخلف أي خسائر. وأعلن تنظيم «ولاية سيناء» مسؤوليته عن تلك الهجمات. وقال في تغريدات متلاحقة عبر حسابه على موقع «تويتر»: «هجوم موسع متزامن لجنود الخلافة في مدن العريش والشيخ زويد ورفح»، موضحاً أنه استهدف المنطقة الأمنية في ضاحية السلام بمفخخات. ووصف الرئيس عبدالفتاح السيسي في تصريحات من أديس أبابا حيث كان يشارك في افتتاح القمة الإفريقية قبل أن يقطع زيارته ويعود إلى القاهرة أمس، الهجمات بأنها «جزء من الحرب التي تخوضها مصر ضد أقوى تنظيم سري في القرنين الماضيين». ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن السيسي قوله: «كلنا في حزن لما جرى، لكن مصر تدفع ثمن مواجهتها الإرهاب والتطرف… ما حدث حرب على مصر التي تحارب أقوى تنظيم سري في القرنين الماضيين فأفكارهم وأدواتهم سرية… المصريون خرجوا عليهم من قبل وما يحدث هو أقل ثمن يدفع، فهناك ثمن أكبر بكثير كانت ستدفعه مصر إذا استمر الوضع وإذا استمر الإخوان في الحكم». وتعهد «الثأر لكل من قدم حياته فداء للدولة». وقال: «الجيش يضع القواعد والأسس حتى تعيش الدولة، والجيش على استعداد لأن يدفع ثمن ذلك… الأمر سيستمر حتى ننجح وسننجح وليس عندي شك في ذلك لأننا على حق وهم على باطل والله معنا». واعتبر الجيش في بيان مقتضب أن تلك الهجمات سببها «الضربات الناجحة التى وجهتها القوات المسلحة والشرطة ضد العناصر والبؤر الإرهابية خلال الفترة الأخيرة في شمال سيناء»، كما حمّلت القوات المسلحة جماعة «الإخوان» المسؤولية عن الهجوم، إذ اعتبر بيان الجيش أن تلك الهجمات جاءت أيضاً «نتيجة فشل جماعة الإخوان الإرهابية والعناصر الداعمة لها لنشر الفوضى في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير المجيدة». وأوضح أن الاعتداء على المقرات والمنشآت التابعة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية في العريش تم «باستخدام بعض العربات المفخخة وقذائف الهاون»، لافتاً إلى «تبادل إطلاق النيران والتعامل مع المهاجمين». وأوضح الناطق باسم الجيش العميد محمد سمير في وقت لاحق أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتمع «لبحث وتحليل الأحداث الإرهابية في سيناء». ونقل عن المجلس العسكري ان «تلك الأعمال الإرهابية الخسيسة لن تثنينا عن القيام بواجبنا المقدس نحو اقتلاع جذور الإرهاب والقضاء عليه»، مؤكداً «استمرار وتكثيف أعمال المداهمات والملاحقات لعناصر الإرهاب والتطرف كافة في سيناء وربوع البلاد كافة بالتعاون مع الشرطة وبالدعم المطلق من جموع الشعب». وشدّد على إصراره على «الاستمرار في تأمين جهود الدولة كافة لاستكمال خريطة المستقبل لتحقيق الأمن والاستقرار ودفع جهود التنمية». وأشاد الجيش بـ «بطولات أفراد القوات المسلحة والشرطة في التصدي للأعمال الإجرامية التي تهدف إلى النيل من استقرار الوطن»، وثمّن «وعي الشعب المصري بما تبذله القوات المسلحة من جهود وتضحيات لمجابهة عناصر التطرف والإرهاب»، ناعياً «شهداء الوطن الأبرار». ونُقلت جثامين الضحايا أمس إلى مطار ألماظة العسكري بالمروحيات لتشييعها. ويأتي الهجوم وسط حملة أمنية كبيرة لقوات الجيش والشرطة في مدن شمال سيناء، وفي أعقاب إعلان الجيش «الثأر» لضحايا الهجوم على مكمن «كرم القواديس» الذي قُتل خلاله أكثر من 30 جندياً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهو الهجوم الذي تبعته إقامة منطقة عازلة بين مصر وقطاع غزة يجري العمل في مرحلتها بعمق كيلومتر غرب الحدود. وبعد التفجيرات بنحو ساعة، أغلقت قوات الجيش شارع الخليفة المأمون في القاهرة خشية استهداف مقر وزارة الدفاع في حي كوبري القبة. ومنع الجيش مرور الآليات أو الأفراد في الشارع من الجهة المطلة عليها الوزارة، وانتشرت مكامن أمنية في محيط الوزارة دققت في هويات مستقلي السيارات والدراجات البخارية خصوصاً. ودان رئيس الوزراء إبراهيم محلب الهجوم «الإرهابي»، ووجه نداء إلى دول العالم ومنظمات حقوق الإنسان «ليسجلوا ويشهدوا على تضحيات أبناء مصر في مواجهة الإرهاب، دفاعاً عن العالم كله». وقال في بيان إن «مصر سبق وحذّرت، وتجدّد الآن تحذيراتها، من أن الإرهاب أصبح صناعة متقدمة، وتجارة عالمية، وإن لم تكن هناك مواجهة جماعية دولية له، فالجميع سيكتوي بناره». ودعا «أبناء الوطن إلى الاصطفاف، ونبذ أي خلافات حزبية أو سياسية، من أجل مصالح الوطن وأن تكون هناك مواجهة جماعية لكل صور الإرهاب والتطرف، وإصرار على استكمال خريطة الطريق، والوصول بالوطن إلى بر الأمان». ونعى الأزهر القتلى. وقال في بيان: «ننعى شهداءنا الأبرار الذين سقطوا ضحايا لحوادث الإرهاب الدموي… أرواح الشهداء لن تذهب سدى، فدماؤهم الطاهرة تعطر أرض الوطن وترسم لنا طريق المستقبل». ودان مفتي مصر شوقي علام «التفجير الإرهابي الغادر الذي استهدف أمن الوطن وسلامته»، مشدداً على أن تلك التفجيرات «لن تنال من عزيمة المصريين في التصدى للإرهاب الأسود... ومنفذو تلك الأعمال الإرهابية مفسدون في الأرض». ونعى المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحى عبر حسابه على موقع «تويتر» القتلى. وقال: «شهداؤنا في جنة الخلد. الألم والحزن الذي يفطر قلوبنا يزيدنا تصميماً على اقتلاع الإرهاب من جذوره. مصر تواجه الإرهاب، وستهزمه»، فيما نعى نائب الرئيس السابق محمد البرادعي ضحايا الهجوم بآيات قرآنية كتبها على حسابه على موقع «تويتر».

مشاركة :