في زمن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتداخل العوالم الافتراضية والواقعية، أضحى ضرورياً أن يكون لأي متحف موقع إلكتروني يعرض مقتنياته بتقنية الأبعاد الثلاثية (3D)، وقد أدرك المصريون ذلك منذ سنوات وطبقوا الفكرة. ولكن الجديد في هذا المجال العمل على تطبيق يتيح التجوال بين آثار مدينة الأقصر باستخدام نظارة الواقع الافتراضي، لتصبح القطع متاحة للعرض في معبدي الكرنك والأقصر نهاية فبراير 2019. من دون قطع مسافات طويلة لزيارة متحف ما في مصر، بات الأمر يسيراً، فبكبسة زر على الإنترنت تشم عبق التاريخ وتتجول في أرجاء المتحف وترى مقتنياته الأثرية بتقنية الأبعاد الثلاثيّة، طولاً وعرضاً وارتفاعاً. مع تقنيات الواقع الافتراضي أصبح متاحاً لعشاق الآثار أن يشاهدوا مقتنيات المتحف والتجوال في أرجائه من أي مكان في العالم، مستخدمين نظارات الواقع الافتراضي وتطبيقاً على الهاتف النقال، إذ يتيح تحالف الإلكترونيات، الذي أطلقته أكاديمية البحث العلمي المصرية قبل نحو عام، رؤية آثار مدينة الأقصر (أقصى جنوب مصر) من خلال هذه التقنية. المشروع ممول بنحو مليوني جنيه (قرابة مئة ألف دولار) ويسهم في الترويج للسياحة المصرية بتقنيات عصرية. وبحسب الباحث في معهد الإلكترونيات وعضو التحالف، هشام فاروق، {يكون تصوير الآثار من خلال كاميرا بتقنية 360 درجة، تلتقط صورة بانورامية تشمل جميع الاتجاهات، ثم تعالج من خلال برامج متخصصة على الكمبيوتر، لإتاحتها بتقنية الواقع الافتراضي}. وكشف أنه حتى الآن أنجزت صور آثار معبد الكرنك، وجار العمل حالياً على آثار معبد الأقصر، ومن المقرر إتاحة آثار المعبدين بهذه التقنية عبر الهواتف المحمولة نهاية فبراير المقبل. تجربة الملك توت في ديسمبر 2017 شهد المتحف المصري الواقع في ميدان التحرير بقلب العاصمة مشروعاً شبيهاً بهذا الإنجاز إلى حد كبير، حين استضاف على مدار أسبوع تجربة أتيحت من خلالها مشاهدة الملك توت عنخ آمون بطريقة مختلفة. فبعد مرور عامين من الدراسات المتحفية، أطلق برنامج على نظارة Microsoft HoloLens للإرشاد المتحفي من خلال مرشد سياحي افتراضي في العالم، وهذا البرنامج هو رسالة دكتوراه الباحث في المملكة المتحدة رامي حمادي. وصُمم البرنامج ليعمل داخل قاعات المتحف، بتقنية الواقع المختلط، ويُعد التجربة الأولى لاستخدام الواقع المختلط في المتاحف. وبحسب المصمم رامي حماد، يعمل البرنامج بخطوات تبدأ بارتداء الزائر جهاز الواقع الافتراضي على الرأس، وهنا تظهر له شخصية الملك توت في القاعة الخاصة بمقتنياته ويبدأ في التجوال معه ويسرد للزائر عن تاريخه. كذلك تبدو في المشهد آلهة فرعونية وحراس وكأن الزائر داخل معبد وبإمكانه رؤية المتحف والعالم الافتراضي في آن، فضلاً عن تحريك التماثيل واستكشافها ومشاهدة صور وفيديوهات خاصة بالقطع المتحفية. المتحف المصري العالمي يعرض قطعاً أثرية في 99 دولة يهدف موقع «المتحف المصري العالمي» إلى جمع القطع الأثرية المصرية حول العالم في متحف افتراضي واحد. فمن المعروف أن ثمة نحو مليوني قطعة أثرية ترجع إلى مصر القديمة في نحو 850 مجموعة عامة تتفرق بين 99 دولة حول العالم، وسيكون جمعها في باقة واحدة عملاً عظيماً يسهل الأمر على عشاق الآثار المصرية وعلى الباحثين المتخصصين في الآثار والتاريخ، إذ يمكن الوصول إلى المتحف الافتراضي بسهولة وفي أي وقت ومن أي مكان. ويستضيف مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي (أحد المراكز العلمية والبحثية التابعة لمكتبة الإسكندرية، وتدعمه وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر) مشروع موقع المتحف المصري العالمي طويل الأمد تحت رعاية اللجنة الدولية للمصريات (CIPEG). يضم الموقع راهناً أعمالاً فنية من 13 متحفاً أوروبياً بسبع لغات، بالإضافة إلى أعمال من متحفين في مصر، إذ تمت إضافة اللغة العربية. وكان إعداد المرحلة الأساسية لمخاطبة المهتمين من الجمهور العام، إذ تضم حالياً عرضاً لـ 1189 قطعة أثرية ذات أهمية خاصة، ومعجماً يفسر أكثر من 400 كلمة من المصطلحات الأثرية المصرية. كذلك زود كثير من هذه القطع الأثرية بتعليقات مسموعة وأفلام ثلاثية الأبعاد. أما المرحلة المتقدمة للمتحف فتتميز بنظام بحث يفتح على قاعدة البيانات الكاملة والتي تشتمل راهناً على 10812 قطعة أثرية.
مشاركة :