منذ أن أطلقتها هيئة الشارقة للمتاحف، قطعت آلاف الأميال، محملة بعبق الماضي، وأصالة التاريخ، والحضارة، ناقلةً متحفها لمختلف فئات المجتمع، من طلبة المدارس وموظفي المؤسسات والدوائر الرسمية والمجتمعية، سعياً وراء الترويج لمفهوم الثقافة المتحفية، مستعرضةً مقتنيات وقطعاً أثريةً نادرة تروي حكاية من عاشوا على هذه الأرض الموغلة في القدم، إضافة إلى أعمال فنية ولوحات أبدعتها أيادي فنانين معاصرين عشقوا الإمارات، فأرّخوا لموروثاتها وعاداتها وتقاليدها. بعد أكثر من عام على إطلاق مبادرة «متاحف على الطريق» التي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة، والتي تستهدف الطلبة في المناطق البعيدة، والنائية من الإمارة، تمكنت هيئة الشارقة للمتاحف خلال العام الماضي، وبالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، من الوصول إلى 14 مدرسة، وتنظيم 28 زيارة مدرسية، فيما بلغ عدد الطلاب المستفيدين منها 4799 طالباً وطالبة، بواقع 2795 طالباً، و2004 طالبات. أما عدد الجهات الحكومية التي نقلت إليها الحافلة باقة من إرث الوطن ومقتنياته التاريخية، فقد بلغت 14 جهة، ليصل إجمالي أعداد المستفيدين من هذه المبادرة النوعية، 6872 شخصاً، اختبروا جميعاً غمار تجربة رائدة وعبر جولة متحفيّة في الحافلة الزرقاء والالتحاق بالورش المصاحبة لها. بوصلة ابن ماجد ووفق هذا النهج، تؤكد منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، أن مبادرة «متاحف على الطريق» تمكنت من تحقيق أهدافها خلال العام الماضي، موفرة معلومات قيمّة حول مجموعة من المقتنيات النادرة واللوحات الفنية، مروجّة للوعي الاجتماعي بأهمية ما تحتضنه المتاحف من كنوز أثرية تروي حكاية التاريخ والحضارة الإنسانية. وتتابع عطايا: «إن من أهم ما تهدف إليه مبادرة المتاحف المتنقّلة، هو الوصول إلى مختلف المناطق البعيدة والقرى النائية، ومنح سكان هذه المناطق وخاصة من الجيل الجديد فرص الاطلاع على روافد حضارية وثقافية غير مطروقة، وعيش تجارب فريدة تمزج ما بين روافد التعّلم والاستمتاع في ذات الأوان، حيث تزخر هذه الحافلة المتحفيّة الزرقاء بالعديد من المقتنيات والقطع التاريخية واللوحات الفنيّة التي تأسر العقول والقلوب». وتضيف عطايا: من بين القطع التي تقدمها الحافلة الزرقاء، نموذج من بوصلة ابن ماجد أسد البحر المولود في جلفار «رأس الخيمة»، ويعد من أشهر العلماء الذين سجل لهم التاريخ العديد من الإنجازات في علم البحار، إذ وضع أسس علم ما يعرف بالجغرافيا الملاحية، أو الجغرافيا البحرية، كما أحدث ثورة في عالم الملاحة، باعتباره أول من أجرى تعديلاً على بيت الإبرة في البوصلة. قارب «البتيل» كما تتضمن المقتنيات «البتيل»، وهو عبارة عن قارب طويل قليل العمق خفيف الوزن، مزدوج الحافة وذي استخدامات متعددة، حيث استخدم في مجالات كثيرة كصيد السمك واللؤلؤ، كما استخدم في التجارة الساحلية وكسفينة حربية، كما تقدم المبادرة ضمن مقتنياتها نموذجاً لعقد من اللؤلؤ الذي يعود إلى 5000 ما قبل الميلاد، بالإضافة إلى نموذج لطائرة شراعية صممها وبناها أوتو ليلينثال عام 1894، وكانت تعرف باسم (11.NO)، كما كانت الحادية عشرة من سلسلة 18 طائرة صممها، كما كان للأعشاب نصيب من الحافلة، حيث عرف الصيدلي قديماً بالحواي الذي يقدم علاجات الأمراض بالوصفات العشبية والطب الشعبي، وهي ميزة متعارف عليها قديماً عند الشعب الإماراتي، الذي اشتهر بدرايته وعلمه بطب الأعشاب، مثل عشبة السنوت، والكمون، والجعدة، والكركم، والسدر، المحلب.
مشاركة :