أبوظبي: علي داوود يستقبل قصر الحصن مساء اليوم الزوار، ولمدة أسبوع، ببرامج وفقرات متنوعة، تشمل الكثير من العروض الفنية والغنائية، بمشاركة 25 فنانا وفنانة إماراتيين، ومعرض فنون الأطفال، ويضم أركاناً للموسيقى والرسم والرواية والكتابة تجعل الزائر يعيش أسعد اللحظات والاستمتاع بهذا الصرح العظيم.ويعتبر «الحصن» أبرز معلم تاريخي قائم في أبوظبي كمتحف وطني يسرد محطات تاريخ الإمارة لعدة قرون ويظل درة خالدة في التراث الإماراتي الأصيل، كونه شاهداً على التاريخ، ليروي تفاصيل صفحات الماضي العريق في أبوظبي، ويرسم صورة عن أفراد مجتمعها وبداية حياتهم وتاريخهم وإرثهم الثقافي الأصيل، ويعتبر معلما مشرفا على الساحل والصحراء والاحتفاء بأوجه المدينة الحضرية التي برزت عليها الإمارة، نتيجة لمسيرة نموها المتسارعة، بما يشكل احتفاء يليق بالتراث الوطني والهوية الإماراتية بين الماضي والحاضر.يستقبل المعرض الدائم داخل القصر الخارجي والحصن الداخلي بعد ترميمهما الجمهور، بتجربة متنوعة يستكشف الزائر خلالها قصة أبوظبي التاريخية، وكيف كانت حياة الأجيال والحكام ممن عاشوا فيهما من خلال القاعات التي تضم الكثير من المقتنيات الدائمة والمتنوعة كالمجموعات الأثرية والمواد الأرشيفية، مرورا بالوسائط المرئية والتجارب التفاعلية التي تؤكد عظمة الإرث الثقافي الإماراتي.ويوضح «الحصن» فترة حكم الشيخ زايد الأول، وكيف نجح هذا القائد الفذ في تعزيز مكانة الإمارة إلى أن تحولت إلى مركز محوري على ساحل الخليج، وأرست دعائم الدولة المستقبلية وفق رؤية بعيدة، وتأسيسه «المجلس»، الذي استضاف اجتماعات منتظمة كان يرأسها بنفسه، وسعيه الحثيث واجتهاده في توفير جميع متطلبات النمو والتطور من أجل رفاهية الشعب، فضلا عن ذلك ازدهر في عهده المشهد الشعري والنشاط الثقافي.بعد وفاة الشيخ زايد الأول عام 1909، منح الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان في عام 1939 أول امتياز للتنقيب عن النفط في أبوظبي من خلال مجلس عقد في قصر الحصن، ليفتح الطريق مجددا أمام تلك التطورات الكبيرة وفي نفس العام، أمر ببناء قصر حول الحصن، بما شكل انطلاقة حقبة اقتصادية جديدة، ما أدى إلى تعزيز مكانة أبوظبي في المنطقة حتى انطلقت مسيرتها، وتطورت كثيرا وحققت نجاحا باهراً.لكن بعد تولى المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الحكم في سنة 1966، شهدت الإمارة قفزات وتطورا كبيرا وتحولت إلى مدينة عالمية بجميع مقوماتها من تطور في الطرق والبناء الجديد خاصة حول القصر الذي ظل معلما تاريخيا بارزا نراه الآن، وقد انعكست رؤية الشيخ زايد في تطوير وترسيخ أهمية القصر التاريخية العظيمة، باعتباره مركزا لإدارة شؤون الدولة وأرشيفا وطنيا ومعلما حضاريا.كما يسرد هذا الصرح قصص أجيال متعاقبة من الرجال والنساء والأطفال، الذين اتخذوا من القصر مقرا للعيش فيه لسنوات طويلة ، حيث يجسد بأروقته وباحاته وغرفه نمط حياة أهل القصر آنذاك، إلى جانب قصة قيام دولة الاتحاد والاجتماعات التي كانت تعقد بين القادة والقبائل، ويسلط الضوء على دور المجلس الاستشاري الوطني، باعتباره محطة مهمة في رسم السياسات واستضافة الحوارات الأساسية التي سبقت قيام الدولة، وفي عام 1968، تم تشييد المجلس الاستشاري الوطني خارج جدران الحصن، وهو المكان الذي كان الشيخ زايد الأول قد عقد فيه أول مجلس له، ثم تحول إلى مكان للاحتفاء بالمناسبات التاريخية عقب تأسيس دولة الاتحاد، حيث احتضن الاجتماعات الأولى للمجلس الوطني الاتحادي.وإلى جانب المعارض الدائمة، ينظم الحصن برنامجا عاما على مدار العام، تتخلله سلسلة واسعة من الفعاليات والأحداث، ويشمل ذلك الجولات المتخصصة في التاريخ والآثار والهندسة المعمارية، وسلسلة من الفعاليات التي تعنى بإعادة تصوير الحياة اليومية للأجيال الماضية، إضافة إلى برنامج «المجلس» الذي يتعرف الزوار من خلاله إلى تاريخ وآداب حضور المجلس والبروتوكولات التقليدية، وتتخلل البرنامج العام كذلك سلسلة من الأنشطة المخصصة للأطفال.إلى ذلك يستضيف «المجمع الثقافي» برنامجا للفنون البصرية وعروض الأداء، إلى جانب افتتاح أول مكتبة من نوعها مخصصة للأطفال، سيقدم مركز الفنون البصرية التابع للمجمع الثقافي خلال هذا الشهر معرضا، يسلط الضوء على التاريخ الفني للمبنى ويقدم نفسه منارة للفنانين المحليين. تم تصميم هذه المنطقة، بهدف إعادة تقديم «قصر الحصن» كمعلم مشرف على الساحل والصحراء، والاحتفاء بأوجه المدينة الحضرية التي برزت عليها الإمارة، نتيجة لمسيرة نموها المتسارعة، بما يشكل احتفاء يليق بالتراث الوطني والهوية الإماراتية بين الماضي والحاضر.وينقسم المخطط الرئيسي لمنطقة «الحصن» إلى منطقتين تتميز كل منهما بهويتها المختلفة: ففي المنطقة الأولى يبرز التراث القديم من خلال «قصر الحصن»، حيث تم إعادة تصميم المشهد المحيط به لينسجم مع بيئته الأصلية، فيظهر القصر كمبنى مفرد قائم على سهل رملي يطل على صحراء ساحلية طبيعية، بينما في المنطقة الأخرى، يظهر موقع تراثي حديث حول «المجمع الثقافي»، وهو عبارة عن مخطط شبكي للمدينة الحضرية الذي تتخلله إنشاءات وعجائب من صنع الإنسان وتعابير هندسية على شكل أسطح صلبة يقام تحت سقفها العديد من المعارض والفعاليات.تأسس «المجمع الثقافي» على يد مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في عام 1981، وهو أول مركز ثقافي غير ربحي متعدد الأغراض يحمل رسالة قيّمة، تهدف إلى تعزيز كافة أشكال النشاط الفكري والإبداعي وهو يجسد رغبة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، المتمثّلة في رفع الوعي الثقافي، وغرس قيم الهوية الوطنية في قلوب شباب دولة الإمارات.وبات «المجمع الثقافي»، بما يضمه- من أول مكتبة وطنية وجناح لفنون عروض الأداء وقاعة معارض وورش عمل فنية- موطنا للثقافة وتبادل المعرفة وصرحا متميزا لإقامة الحوار بين الفنانين والشعراء والمفكرين والأكاديميين، بل وتحول إلى مزار مفضل لدى أفراد المجتمع وملتقى للأصدقاء والعائلات. و«المجمع الثقافي» منارة بارزة في المشهد الثقافي المحلي والإقليمي، حيث استضاف المعارض الأولى للعديد من الفنانين المحليين والإقليمين، ما جعله نافذة تتواصل من خلالها أبوظبي مع الأفكار والمجتمعات الأخرى من جميع بقاع الأرض.كما سيشكل «بيت الحرفيين»، الذي يقع بجوار «قصر الحصن» و«المجمع الثقافي»، محورا رئيسيا ضمن الجهود الرامية إلى صون ورفع الوعي حول التراث الإماراتي المعنوي وفي عام 2011، أدرجت منظمة اليونيسكو حرفة السدو (النسيج البدوي) ضمن قائمة اليونيسكو لصون التراث غير المادي، وعليه يضطلع بيت الحرفيين بدور ريادي في حماية ودعم هذا الموروث الإنساني والمهارات الحرفية القيمة ودعم ممارسيها.وإضافة إلى دعم الجهود الرامية إلى صون الممارسات والحرف التقليدية في الدولة، يهدف «بيت الحرفيين» إلى تمكين عمليات نشر المعرفة والمهارات الخاصة بهذه الحرف ونقلها بين الأجيال، بما يضمن استدامتها في المستقبل وإلى جانب دوره في إحياء الحرف التقليدية وتعزيز وجودها بين الأنشطة الثقافية المعاصرة، سيقدم حزمة من الدورات التدريبية وورش العمل التعليمية وغير ذلك من الفعاليات العامة.أشارت سلامة الشامسي، مديرة قصر الحصن، خلال جلسة نقاش مؤخرا إلى أن «بيت الحرفيات» عبارة عن مقر للحرفين بدائرة الثقافة والسياحة، وأنشئ ليكون مركزا للحفاظ على الإرث الثقافي، وتعريف الزوار بالحرف التقليدية في المجتمع الإماراتي والحرف والصناعات كالسدو والخوص والغزل وتعزيز الموروث الوطني. توثيق الموروثات في الوجدان الوطني بعد ساعات قليلة من افتتاح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، «منطقة الحصن» وسط العاصمة أبوظبي، تواترت تقييمات المراجع المتخصصة التي تتفق في تقدير الجهد والرؤية التي يُجسّدها هذا المنجز والتقت عند الإقرار بأهلية هذه الوجهة التاريخية والثقافية بالإدراج على لائحة التراث العالمي في منظمة اليونيسكو خاصة في أعقاب إنجاز مشروع الترميم والتجديد، وتعميم صور ومضامين مكوناته الأربعة المترابطة وهي قصر الحصن والمجلس الاستشاري الوطني، والمجمع الثقافي وبيت الحرفيين، وفق عبدالله عبدالكريم، مدير إدارة التغطية الإعلامية في وكالة أنباء الإمارات.وقال عبدالكريم: استذكر ذوو الاختصاص أن مدينة العين كانت أول موقع إماراتي أدرجته اليونيسكو على لائحة التراث العالمي،ثم أعقبته جُملة من منصّات التراث الثقافي، من القلاع والقصور والمتاحف والمشاريع الثقافية التي يتشكل منها طموح بأن تتحول أبوظبي في رؤية 2021 إلى مركز ريادي أممي في مجال الثقافة والفنون.وأضاف: أظهرت العروض الفنية، القيمة التاريخية لقصر الحصن، محتوى مركباً يندمج فيه السياسي مع الثقافي مع هوية المواطنة في بيئة عزّ ذات حضور إقليمي ودولي من موقع متقدم. فالحصن الداخلي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1795 تقريباً، جرى تشييده ليكون برج مراقبة لتوفير الحماية للتجمع السكاني على الجزيرة. ثم القصر الخارجي الذي بُني خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي. أما مبادرة تحديثهما اليوم ضمن منصّة تراثية واحدة، فتأتي لتوثّق موروثات متجددة في الوجدان الوطني الذي يتواصل فيه الحكم مع اللحمة الوطنية عبر قرنين ونصف القرن.
مشاركة :