الأمير محمد بن سلمان... رسالة خالدة من جبل طويق إلى جبل الأرجنتين أكونكاغوا

  • 12/7/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وقف وحده على طرف بزيه العربي المختلف، يستحضر المشاهدون كل صور العراقة العربية والإرث الإسلامي الطويل في شخص هذا الأمير القادم من الشرق، حيث يحلم وكأنه تمثال الحرية العظيم الذي صمّم هيكله الإنشائي غوستاف إيفل ويتجه للشرق ليصنع من جوعه وجهله وأمراضه أمة عظيمة، وصدقا كأن الأمير محمد بن سلمان في قمة العشرين يمسك بيده اليسرى مشعلاً يرمز إلى حرية البشر والضمير الإنساني النبيل، ويحمل في يده اليمنى كتاباً ولكنه كتاب الله جل وعلا، وعلى رأسه تاج مكوّن من سبعة أسنّة، ويمثل أشعة ترمز إلى القارات السبع الموجودة في العالم الحديث، أو البحار السبعة في العالم القديم، يتلحف بشته الأبيض الذي يعلن أن السيادة للبياض والابتسامات الصادقة ولا قيمة للسواد والألوان الرمادية الباهتة والتجهم والأسنان الفولاذية، عادة في كل بروتوكولات استقبال الزعماء تلتفت الشعوب إلى المراسيم وحرس الشرف وخطى المرافقين ويتناسون الضيف الأول إلا في حالة استقبال الأمير محمد بن سلمان إذ سيطر على كل التفاصيل بطوله الفارع وابتسامته الخفيفة وخطواته الثقيلة الخفيفة وسرعة استدارته حول محوره وكأنه مجرة في هذا الملكوت الفسيح تستدير حول محورها بكل ما صنع الله فيها من قدرة وإلهام وإنجاز وإكمال مسيرة لا تنتهي، وحينما وقف أولاً كان يقصد كأنه خياري وأنا الذي رضيت بإرثي والتزمت بهويتي التي جعلتها ركيزة أساسية لرؤية وطننا الطموح 2030 وكأنه ليس خيارهم، وإنني حيثما أقف بهويتي فثمة الاهتمام والضوء وعيون التاريخ الراصدة، وترك سموه الزعماء والرؤساء يتزاحمون في المنتصف وقد ارتدوا زياً واحداً لا يتعلق بهوياتهم المحلية، والمفاجأة أن كل وسائل الاتصال وقنوات التلفزة ركزت على الطرف، حيث يقف الأمير محمد بن سلمان، وكأنه يقول للعالم: «حيثما أكون يكون صدر المجلس»، صدقا أعجبني هذا العربي الشامخ كجبل من جبال العرب العظيمة الباذخة التي استعصت على عوامل التعرية وهبوب الرياح والذي يحمل هموم الشرق الأوسط بأسرها وماأعظمها، جاء يمشي وكأنه في عيون الأحنف بن قيس وهو يصرخ في سمع التاريخ: «لا تزال العرب عرباً مالبست العمائم وتقلدت السيوف»، وكان يقصد الهوية التي لا يتنازل عنها العربي الصميم في أي محفل من المحافل المحلية والدولية وقد استقرت على وجهه ملامح عظماء العرب على مر تاريخهم، أمير اخترقت هيبته صمت العالم وذهول قاراته السبع وهو يبتسم في وجهها بكل تفاصيله في صورة عتاب لمن خاضوا في عرض نزيه وخذلونا في وقت الحاجة لهم، وصورة أمل أخرى لخلاص هذا العالم من إرث الحروب الكونية وتفتيت نسيج المجتمعات المستقرة، وكأنه يعلن لكل المتآمرين والأفاكين الذين نسوا كل قيمة إنسانية وسلطوا وسائل إعلامهم بالإفك والتزوير والتقارير الكاذبة والترجمة المزورة لينالوا منه أنكم هباء وغير مؤثرين في مسيرة شعبنا السعودي وأصدقائه الشرفاء، تمر به الزعماء كلمى وهو في جفن النعماء والهدوء وهي مهزومة أمام جبروت عزمه وروعته وطمأنينته كما قال المتنبي ذات يوم لسيف الدولة الحمداني وتجاذبوا الحديث مع بعضهم حوله وهو يسمعهم ولايسمعون إلا صمته الحكيم ويرصدهم ولايرصدون إلا كبرياء العرب القدماء في مشهد يشعرك بأنه المنتصر الوحيد في حرب قذرة لاتمت للإنسانية بأي صلة تولى كبرها من لايرقب في مؤمن إلًا ولا ذمة،، ليثبت سموه للتاريخ أن أخصر تعريف للهيبة أنهم يسارقونه النظر لرصد حركاته وسكناته ثم يخترق الصفوف بعد التصوير بخطواته الثابتة، حيث مكانه كزعيم بين زعماء العالم وقائد ملهم بين قادة البشر ومخلص استثنائي لكثير من الأزمات التي تكتسح هذا الكوكب، جلس بينهم وكأنه حضرة ملك من ملوك التاريخ الإنساني الخالد وعيون شعبه تراقبه ومعرفاتهم ودعواتهم في النصف الآخر من كوكب الأرض معه وقلوب شرفاء العالم الحر تنبض به وتهتف له، كلهم متشابهون ولاتستطيع العين المجردة أن تفرق بينهم إلا محمد بن سلمان واضح بزيه العربي الأبيض في سماء الأرجنتين كسهيل في سماء جزيرة العرب وتباشير الغيث والسحاب على محياه، محمد الاستثناء والعبقرية والشجاعة، والسمو تحت الضغط والظلم ومواجهة الواقع وإن كان مؤلماً بكل رباطة جأش وإقدام وهكذا عظماء التاريخ وأمراء النبالة حينما يكونون في المقدمة ليمنحوا شعوبهم الروح والمعنوية والانتصار. نعم في سماوات الأرجنتين بلاد الفضة والتانغو والأساطير والسحر الطبيعي وشلالات أجوازو كانت مشاهد على مرأى من عيون العالم ميلاد البأس والشموخ وخلق مفاهيم جديدة للأطراف، وكأن محمد بن سلمان في تلك اللحظات وهو على طرف العالم يصنع ضرورة التوازن مع طرفه الآخر المملوء بالظلم والقهر والاستبداد، نعم كأنه في تلك الحالة التي تراقبه تلك العيون أشبه بجبل الأرجنتين أكونكاغوا الذي يعد أعلى نقطة في الكرة الأرضية الغربية والجنوبية بطول 6.956م... ما من نبي ولا رسول ولا ملك ولا أمير ولا عظيم ولا مسؤول في هذا العالم وبكل تحولاته وعصوره إلا وارتكب من هم حوله أخطاء كارثية لاتمثله، ولايرضى بها لأنها لاتتفق مع أخلاقه وإنسانيته، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح يبرأ من فعل خالد بن الوليد حينما أرسله إلى بني جذيمة وقتلهم فقال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد مرتين، وتاريخ الخلفاء والرؤساء وتاريخ العالم الحديث بما فيه من حروب واحتلالات واستعمار وتصفيات مملوء بمثل هذه الأخطاء وبخاصة أن الدولة في حالة حرب على مختلف الأصعدة، ولكن لماذا كل هذا الهجوم المبرمج على الأمير محمد بن سلمان؟ بكل يسر إن أميراً ألهم شعبه طموحاً إلى عنان السماء يتحدث عن الأحلام ولذكاء الاصطناعي والريبوت ورفع ميزانيات بلاده إلى تريليونات ونقلها إلى اقتصاد مابعد النفط وينجح في إعادة هيكلة الدولة وتجفيف منابع الفساد الإداري والمالي وتحطيم آمال الحركيين في تدمير العالم ووقف المد الإيراني وتصدير الثورة في المنطقة لايمكن فسيولوجيا أن يكون بالصورة التي حاولوا أن يلصقوها به وتولى كبرها التنظيم العالمي للإخوان بكل أسف وبخاصة أن سموه أعلن حربه على التنظيمات السرية والأحزاب المتوحشة واجتثاث مشروعهم الإرهابي المرعب في الدعشنة وأمثالها، وسيواجه ضمن قانون منطق الأشياء كل قوى الضغط الاقتصادية والسياسية والحركية للوقوف أمام طموحه الذي يسعى لزعامة بلاده للاقتصاد العالمي وفرض جودة الحياة والعودة بالإنسان إلى كينونته الطبيعية، وكانت تلك القوى قد وجدت في قضية مقتل المواطن خاشقجي - رحمه الله- الصيد في جوف الفرا، وكان الضحية جمال والوطن على السواء بكل ماكان يحمله - رحمه الله- من رؤى وأفكار ومواقف وتجاذبات وكلام كثير وخطير وليس المقام مقام التفصيل فيها وكثير ممن هم يحملون أخطر من ذلك تم التعامل معهم بطرق إنسانية وعادوا مواطنين يمارسون وطنيتهم بكل مصداقية وحب وولاء، وحول كل من كان يملك ملفات سوداء في حقوق الإنسان تلك القضية بأبعادها وطريقة التعامل معها والأخطاء التي ارتكبها المكلفون بالتفاهم معه من الإنسانية إلى السياسية وتجمع الأعداء في جوفها الخشبي وكأنها حصان طروادة ليدخلوا إلى نسيج المجتمع السعودي ويقفوا أمام مشروعه العظيم، والدليل على موقفنا الرسمي من هذه القضية الإنسانية ماتترجمه القرارات الصادرة ابتداء من إعفاء لمسؤولين وفتح تحقيقات عالية المستوى وبيانات النيابة العامة وتحويل المتهمين للقضاء لتطبيق العدالة فيهم في صورة تؤكد سلامة النية وحسن التصرف وبراءة الدولة من قتل المواطن خاشقجي - رحمه الله. إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحمل هم العدالة والإنصاف وولي عهده الأمين محمد بن سلمان يده الطولى في تحقيق تلك المثل والقيم على أرض الواقع، ولذلك كان شرع الله حاضراً في حديثه وعلى لسانه في كل مجالسه الخاصة والعامة... والله من وراء القصد. * وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية dr_abnthani@

مشاركة :